القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ( 26 ) فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ( 27 ) إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ( 28 ) )
يقول - تعالى ذكره - : قال بعضهم لبعض : إنا أيها القوم كنا في أهلنا في الدنيا مشفقين خائفين من عذاب الله وجلين أن يعذبنا ربنا اليوم ( فمن الله علينا ) بفضله ( ووقانا عذاب السموم ) يعني : عذاب النار ، يعني فنجانا من النار ، وأدخلنا الجنة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 477 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( عذاب السموم ) قال : عذاب النار .
وقوله : ( إنا كنا من قبل ندعوه ) يقول : إنا كنا في الدنيا من قبل يومنا هذا ندعوه : نعبده مخلصا له الدين ، لا نشرك به شيئا ( إنه هو البر ) يعني : اللطيف بعباده .
كما حدثنا علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( إنه هو البر ) يقول : اللطيف .
وقوله : ( الرحيم ) يقول : الرحيم بخلقه أن يعذبهم بعد توبتهم .
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( إنه هو البر ) فقرأته عامة قراء المدينة " أنه " بفتح الألف ، بمعنى : إنا كنا من قبل ندعوه لأنه البر ، أو بأنه هو البر . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة بالكسر على الابتداء .
والصواب من القول في ذلك ، أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .