يقول - تعالى ذكره - : ( وكل صغير وكبير ) من الأشياء ( مستطر ) يقول : مثبت في الكتاب مكتوب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وكل صغير وكبير مستطر ) يقول : مكتوب " فإذا أراد الله أن ينزل كتابا نسخته السفرة . قوله : ( وكل صغير وكبير مستطر ) قال : مكتوب .
حدثنا بشر قال : ثنا عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن عمران بن حدير ، عن عكرمة قال : مكتوب في كل سطر .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( مستطر ) قال : محفوظ مكتوب .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وكل صغير وكبير مستطر ) أي محفوظ .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول ( مستطر ) قال : مكتوب .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( وكل صغير وكبير مستطر ) قال : مكتوب ، وقرأ ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ ص: 609 ] وقرأ ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ) إنما هو مفتعل من سطرت : إذا كتبت سطرا .
وقوله : ( إن المتقين في جنات ونهر ) يقول - تعالى ذكره - : إن الذين اتقوا عقاب الله بطاعته وأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه في بساتين يوم القيامة ، وأنهار . ووحد النهر في اللفظ ومعناه الجمع ، كما وحد الدبر ، ومعناه الأدبار في قوله : ( يولون الدبر ) وقد قيل : إن معنى ذلك : إن المتقين في سعة يوم القيامة وضياء ، فوجهوا معنى قوله : ( ونهر ) إلى معنى النهار . وزعم الفراء أنه سمع بعض العرب ينشد :
إن تك ليليا فإني نهر متى أتى الصبح فلا أنتظر
وقوله " نهر " على هذا التأويل مصدر من قولهم : نهرت أنهر نهرا . وعنى بقوله : " فإني نهر " : أي إني لصاحب نهار : أي لست بصاحب ليلة .
وقوله : ( في مقعد صدق ) يقول : في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم ( عند مليك مقتدر ) يقول : عند ذي ملك مقتدر على ما يشاء ، وهو الله ذو القوة المتين ، تبارك وتعالى .
آخر تفسير سورة اقتربت الساعة