يقول - تعالى ذكره - : أفرأيتم أيها الناس النار التي تستخرجون من زندكم ( أأنتم أنشأتم شجرتها ) يقول : أأنتم أحدثتم شجرتها واخترعتم أصلها ( أم نحن المنشئون ) يقول : أم نحن اخترعنا ذلك وأحدثناه ؟ .
وقوله : ( نحن جعلناها تذكرة ) يقول : نحن جعلنا النار تذكرة لكم تذكرون بها نار جهنم ، فتعتبرون وتتعظون بها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( تذكرة ) قال : تذكرة النار الكبرى .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تذكرة ) للنار الكبرى .
ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " " . ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، قالوا : يا نبي الله إن كانت لكافية قال : قد ضربت بالماء ضربتين أو مرتين ، ليستنفع بها بنو آدم ويدنو منها
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ( تذكرة ) قال : للنار الكبرى التي في الآخرة .
وقوله : ( ومتاعا للمقوين ) اختلف أهل التأويل في معنى المقوين ، فقال بعضهم : هم المسافرون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله : ( للمقوين ) قال : للمسافرين . [ ص: 145 ]
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ومتاعا للمقوين ) قال : يعني المسافرين .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ومتاعا للمقوين ) قال للمرمل المسافر .
حدثني ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وفي قوله : ( للمقوين ) قال : للمسافرين .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( ومتاعا للمقوين ) قال : للمسافرين .
وقال آخرون : عني بالمقوين : المستمتعون بها .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : ( ومتاعا للمقوين ) للمستمتعين الناس أجمعين .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ( ومتاعا للمقوين ) للمستمتعين المسافر والحاضر .
حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب الشهيد قال : ثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف في قوله : ( ومتاعا للمقوين ) قال : للخلق .
وقال آخرون : بل عني بذلك : الجائعون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : ابن زيد في قوله : ( ومتاعا للمقوين ) قال : المقوي : الجائع : في كلام العرب . يقول : أقويت منه كذا وكذا : ما أكلت منه كذا وكذا شيئا . [ ص: 146 ]
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال : عني بذلك للمسافر الذي لا زاد معه ، ولا شيء له ، وأصله من قولهم : أقوت الدار : إذا خلت من أهلها وسكانها كما قال الشاعر :
أقوى وأقفر من نعم وغيرها هوج الرياح بهابي الترب موار
يعني بقوله " أقوى " : خلا من سكانه ، وقد يكون المقوي : ذا الفرس القوي ، وذا المال الكثير في غير هذا الموضع .