القول في تأويل قوله تعالى : ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم  إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور   ( 2 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : الذين يحرمون نساءهم على أنفسهم تحريم الله عليهم  [ ص: 228 ] ظهور أمهاتهم ، فيقولون لهن : أنتن علينا كظهور أمهاتنا ، وذلك كان طلاق الرجل امرأته في الجاهلية .
كذلك حدثني يعقوب  قال : ثنا  ابن علية  قال : ثنا أيوب  ، عن أبي قلابة  قال : كان الظهار طلاقا في الجاهلية  ، الذي إذا تكلم به أحدهم لم يرجع في امرأته أبدا ، فأنزل الله - عز وجل - فيه ما أنزل  . 
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة  سوى نافع  ، وعامة قراء الكوفة  خلا عاصم :   " يظاهرون " بفتح الياء وتشديد الظاء وإثبات الألف ، وكذلك قرءوا الأخرى بمعنى يتظاهرون ، ثم أدغمت التاء في الظاء فصارتا ظاءا مشددة . وذكر أنها في قراءة أبي   " يتظاهرون " وذلك تصحيح لهذه القراءة وتقوية لها . وقرأ ذلك نافع  وأبو عمرو  كذلك بفتح الياء وتشديد الظاء ، غير أنهما قرأاه بغير ألف " يظهرون " . وقرأ ذلك عاصم   ( يظاهرون ) بتخفيف الظاء وضم الياء وإثبات الألف . 
والصواب من القول في ذلك عندي أن كل هذه القراءات متقاربات المعاني . " يظاهرون " فهو من تظاهر ، فهو يتظاهر . وأما " يظهرون " فهو من تظهر فهو يتظهر ، ثم أدغمت التاء في الظاء فقيل : يظهر . وأما ( يظاهرون ) فهو من ظاهر يظاهر ، فبأية هذه القراءات الثلاث قرأ ذلك القارئ فمصيب . 
وقوله : ( ما هن أمهاتهم ) يقول - تعالى ذكره - : ما نساؤهم اللائي يظاهرن منهن بأمهاتهم ، فيقولوا لهن : أنتن علينا كظهر أمهاتنا ، بل هن لهم حلال . 
وقوله : ( إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم   ) : لا اللائي قالوا لهن ذلك . 
وقوله : ( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا   ) يقول - جل ثناؤه - : وإن الرجال ليقولون منكرا من القول الذي لا تعرف صحته ، وزورا : يعني كذبا . 
كما حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( منكرا من القول وزورا   ) قال : الزور : الكذب . ( وإن الله لعفو غفور   ) يقول  [ ص: 229 ]  - جل ثناؤه - : إن الله لذو عفو وصفح عن ذنوب عباده إذا تابوا منها وأنابوا ، غفور لهم أن يعاقبهم عليها بعد التوبة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					