يقول تعالى ذكره : ( أفمن يمشي ) أيها الناس ( مكبا على وجهه ) لا يبصر ما بين يديه ، وما عن يمينه وشماله ( أهدى ) : أشد استقامة على الطريق ، وأهدى له ، ( أمن يمشي سويا ) مشي بني آدم على قدميه ( على صراط مستقيم ) يقول : على طريق لا اعوجاج فيه; وقيل ( مكبا ) لأنه فعل غير واقع ، وإذا لم يكن واقعا أدخلوا فيه الألف ، فقالوا : أكب فلان على وجهه ، فهو مكب ; ومنه قول الأعشى :
مكبا على روقيه يحفر عرقها على ظهر عريان الطريقة أهيما
فقال : مكبا ، لأنه فعل غير واقع ، فإذا كان واقعا حذفت منه الألف ، فقيل : [ ص: 516 ] كببت فلانا على وجهه ، وكبه الله على وجهه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) يقول : من يمشي في الضلالة أهدى ، أم من يمشي مهتديا؟ .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( مكبا على وجهه ) قال : في الضلالة ( أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) قال : حق مستقيم .
حدثنا عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه ) يعني : الكافر أهدى ( أمن يمشي سويا ) المؤمن؟ ضرب الله مثلا لهما .
وقال آخرون : بل عنى بذلك أن الكافر يحشره الله يوم القيامة على وجهه ، فقال : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه ) يوم القيامة ( أهدى أمن يمشي سويا ) يومئذ .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، قتادة ، قوله : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى ) "هو الكافر أكب على معاصي الله في الدنيا ، حشره الله يوم القيامة على وجهه ، فقيل : يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال : "إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يحشره يوم القيامة على وجهه " عن
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( أفمن يمشي مكبا على وجهه ) قال : هو الكافر يعمل بمعصية الله ، فيحشره الله يوم القيامة على وجهه . قال معمر : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف يمشون على وجوههم؟ قال : "إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم"
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( يمشي سويا على صراط مستقيم ) قال : المؤمن عمل بطاعة الله ، فيحشره الله على طاعته .