القول في تأويل وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا ( 11 ) قوله تعالى : ( وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ( 12 ) وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ( 13 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيلهم : ( وأنا منا الصالحون ) وهم المسلمون العاملون بطاعة الله ( ومنا دون ذلك ) يقول : ومنا دون الصالحين ( كنا طرائق قددا ) يقول : وأنا كنا أهواء مختلفة ، وفرقا شتى ، منا المؤمن والكافر . والطرائق : جمع طريقة ، وهي طريقة الرجل ومذهبه . والقدد : جمع قدة ، وهي الضروب والأجناس المختلفة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا قال : ثنا محمد بن حميد الرازي ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة ، في قوله : ( طرائق قددا ) يقول : أهواء مختلفة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا ) يقول : أهواء شتى ، منا المسلم ، ومنا المشرك .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( كنا طرائق قددا ) كان القوم على أهواء شتى .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( طرائق قددا ) قال : أهواء .
حدثني ابن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : [ ص: 660 ] ( كنا طرائق قددا ) قال : مسلمين وكافرين .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( كنا طرائق قددا ) قال : شتى ، مؤمن وكافر .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( كنا طرائق قددا ) قال : صالح وكافر; وقرأ قول الله : ( وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك ) .
وقوله : ( وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ) يقول : وأنا علمنا أن لن نعجز الله في الأرض إن أراد بنا سوءا ( ولن نعجزه هربا ) إن طلبنا فنفوته . وإنما وصفوا الله بالقدرة عليهم حيث كانوا ( وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به ) يقول : قالوا : وأنا لما سمعنا القرآن الذي يهدي إلى الطريق المستقيم آمنا به ، يقول : صدقنا به ، وأقررنا أنه حق من عند الله ( فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) يقول : فمن يصدق بربه فلا يخاف بخسا : يقول : لا يخاف أن ينقص من حسناته ، فلا يجازى عليها; ولا رهقا : ولا إثما يحمل عليه من سيئات غيره ، أو سيئة يعملها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) يقول : لا يخاف نقصا من حسناته ، ولا زيادة في سيئاته .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) يقول : ولا يخاف أن يبخس من عمله شيئا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فلا يخاف بخسا ) : أي ظلما ، أن يظلم من حسناته فينقص منها شيئا ، أو يحمل عليه ذنب غيره ( ولا رهقا ) ولا مأثما .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) قال : لا يخاف أن يبخس من أجره شيئا ، ولا رهقا; فيظلم ولا يعطى شيئا .