القول في تأويل إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ( 23 ) قوله تعالى : ( حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ( 24 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لمشركي العرب : إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ( إلا بلاغا من الله ورسالاته ) يقول : إلا أن أبلغكم من الله ما أمرني بتبليغكم إياه ، وإلا رسالاته التي أرسلني بها إليكم; فأما الرشد والخذلان ، فبيد الله ، هو مالكه دون سائر خلقه ، يهدي من يشاء ويخذل من أراد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( إلا بلاغا من الله ورسالاته ) فذلك الذي أملك بلاغا من الله ورسالاته .
وقد يحتمل ذلك معنى آخر ، وهو أن تكون "إلا" حرفين ، وتكون "لا" منقطعة من "إن" فيكون معنى الكلام : قل إني لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالاته; ويكون نصب البلاغ من إضمار فعل من الجزاء ، كقول القائل : إن لا قياما [ ص: 671 ] فقعودا ، وإن لا إعطاء فردا جميلا ، بمعنى : إن لا تفعل الإعطاء فردا جميلا .
وقوله : ( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم ) يقول تعالى ذكره : ومن يعص الله فيما أمره ونهاه ، ويكذب به ورسوله ، فجحد رسالاته ، فإن له نار جهنم يصلاها ( خالدين فيها أبدا ) يقول : ماكثين فيها أبدا إلى غير نهاية .
وقوله : ( حتى إذا رأوا ما يوعدون ) يقول تعالى ذكره : إذا عاينوا ما يعدهم ربهم من العذاب وقيام الساعة ( فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ) أجند الله الذي أشركوا به ، أم هؤلاء المشركون به .