القول في وكنا نكذب بيوم الدين ( 46 ) تأويل قوله تعالى : ( حتى أتانا اليقين ( 47 ) فما تنفعهم شفاعة الشافعين ( 48 ) فما لهم عن التذكرة معرضين ( 49 ) ) .
وقوله : ( وكنا نكذب بيوم الدين ) يقول تعالى ذكره : قالوا : وكنا نكذب بيوم المجازاة والثواب والعذاب ، ولا نصدق بثواب ولا عقاب ولا حساب ( حتى أتانا اليقين ) يقول : قالوا : حتى أتانا الموت الموقن به ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) يقول : فما يشفع لهم الذين شفعهم الله في أهل الذنوب من أهل التوحيد ، فتنفعهم شفاعتهم ، وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى ذكره مشفع بعض خلقه في بعض .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 38 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : ثنا أبو الزعراء ، عن عبد الله في قصة ذكرها في الشفاعة ، قال : ثم تشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون ، ويشفعهم الله فيقول : أنا أرحم الراحمين ، فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق من النار ، ثم يقول : أنا أرحم الراحمين ، ثم قرأ عبد الله يأيها الكفار ( ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين ) وعقد بيده أربعا ، ثم قال : هل ترون في هؤلاء من خير ، ألا ما يترك فيها أحد فيه خير .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت عمي عن وإسماعيل بن أبي خالد ، سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، قال : قال عبد الله : لا يبقى في النار إلا أربعة ، أو ذو الأربعة - الشك من أبي جعفر الطبري - ثم يتلو : ( ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين ) .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) تعلمن أن الله يشفع المومنين يوم القيامة . ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " بني تميم " . إن من أمتي رجلا يدخل الله بشفاعته الجنة أكثر من
قال الحسن : أكثر من ربيعة ومضر ، كنا نحدث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور عن معمر ، عن قتادة ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) قال : تعلمن أن الله يشفع بعضهم في بعض .
قال : ثنا أبو ثور ، قال معمر : وأخبرني من سمع أنس بن مالك يقول : إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة والرجل .
قال : ثنا أبو ثور ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : يدخل الله بشفاعة رجل من هذه الأمة الجنة مثل بني تميم ، أو قال : أكثر من بني تميم ، وقال الحسن : مثل ربيعة ومضر .
وقوله : ( فما لهم عن التذكرة معرضين ) يقول : فما لهؤلاء المشركين عن [ ص: 39 ] تذكرة الله إياهم بهذا القرآن معرضين ، لا يستمعون لها فيتعظوا ويعتبروا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فما لهم عن التذكرة معرضين ) أي : عن هذا القرآن .