القول في تأويل قوله تعالى : ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا    ( 3 ) إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا   ( 4 ) ) . 
يعني جل ثناؤه بقوله : ( إنا هديناه السبيل   ) إنا بينا له طريق الجنة ، وعرفناه سبيله ، إن شكر ، أو كفر . وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى ، كانت إما وإما في معنى الجزاء ، وقد يجوز أن تكون إما وإما بمعنى واحد ، كما قال : ( إما يعذبهم وإما يتوب عليهم   ) فيكون قوله : ( إما شاكرا وإما كفورا   ) حالا من الهاء التي في هديناه ، فيكون معنى الكلام إذا وجه ذلك إلى هذا التأويل : إنا هديناه السبيل ، إما شقيا وإما سعيدا ، وكان بعض نحويي البصرة  يقول ذلك كما قال : ( إما العذاب وإما الساعة   ) كأنك لم تذكر إما ، قال : وإن شئت ابتدأت ما بعدها فرفعته . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى ،  وحدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قوله : ( إنا هديناه السبيل   ) قال : الشقوة والسعادة  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله : ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا   ) للنعم ( وإما كفورا   ) لها  . 
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،  في قوله : ( من نطفة أمشاج نبتليه   ) إلى ( إنا هديناه السبيل   ) قال : ننظر أي شيء يصنع ، أي الطريقين يسلك ، وأي الأمرين يأخذ ، قال : وهذا الاختبار  .  [ ص: 93 ] 
وقوله : ( إنا أعتدنا للكافرين سلاسل   ) يقول تعالى ذكره : إنا أعتدنا لمن كفر نعمتنا وخالف أمرنا سلاسل يستوثق بها منهم شدا في الجحيم ( وأغلالا ) يقول : وتشد بالأغلال فيها أيديهم إلى أعناقهم . 
وقوله : ( وسعيرا ) يقول : ونارا تسعر عليهم فتتوقد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					