القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ( 193 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " فإن انتهوا " فإن انتهى الذين يقاتلونكم من الكفار عن قتالكم ، ودخلوا في ملتكم ، وأقروا بما ألزمكم الله من فرائضه ، وتركوا ما هم عليه من عبادة الأوثان ، فدعوا الاعتداء عليهم وقتالهم وجهادهم ، فإنه لا ينبغي أن يعتدى إلا على الظالمين - وهم المشركون بالله ، والذين تركوا عبادته وعبدوا غير خالقهم .
[ ص: 573 ]
فإن قال قائل : وهل يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=25986الاعتداء على الظالم فيقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فلا عدوان إلا على الظالمين " ؟ .
قيل : إن المعنى في ذلك على غير الوجه الذي إليه ذهبت ، وإنما ذلك على وجه المجازاة ، لما كان من المشركين من الاعتداء ، يقول : افعلوا بهم مثل الذي فعلوا بكم ، كما يقال : " إن تعاطيت مني ظلما تعاطيته منك " ، والثاني ليس بظلم ، كما قال
عمرو بن شأس الأسدي :
جزينا ذوي العدوان بالأمس قرضهم قصاصا ، سواء حذوك النعل بالنعل
وإنما كان ذلك نظير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم ) [ سورة البقرة : 15 ] و (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=79فيسخرون منهم سخر الله منهم ) [ سورة التوبة : 79 ] وقد بينا وجه ذلك ونظائره فيما مضى قبل .
وبالذي قلنا في ذلك من التأويل قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
3124 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فلا عدوان إلا على الظالمين " والظالم الذي أبى أن يقول : " لا إله إلا الله " .
3125 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن أبيه عن
الربيع . "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فلا عدوان إلا على الظالمين " قال : هم المشركون .
3126 - حدثني
المثنى قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
عثمان بن غياث قال : سمعت
عكرمة في هذه الآية : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فلا عدوان إلا على الظالمين "
[ ص: 574 ] قال : هم من أبى أن يقول : " لا إله إلا الله " .
وقال آخرون : معنى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فلا عدوان إلا على الظالمين " فلا تقاتل إلا من قاتل .
ذكر من قال ذلك :
3127 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو
عاصم قال : حدثنا
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين " يقول : لا تقاتلوا إلا من قاتلكم .
3128 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد مثله .
3129 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين " فإن الله لا يحب العدوان على الظالمين ولا على غيرهم ، ولكن يقول : اعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم .
قال
أبو جعفر : فكان بعض
أهل العربية من أهل البصرة يقول في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين " لا يجوز أن يقول : " فإن انتهوا " إلا وقد علم أنهم لا ينتهون إلا بعضهم ، فكأنه قال : فإن انتهى بعضهم ، فلا عدوان إلا على الظالمين منهم ، فأضمر كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) [ سورة البقرة : 196 ] يريد : فعليه ما استيسر من الهدي ، وكما يقول : " إلى من تقصد أقصد " يعني : إليه .
وكان بعضهم ينكر الإضمار في ذلك ويتأوله : فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم لمن انتهى ، ولا عدوان إلا على الظالمين الذين لا ينتهون .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ( 193 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ : " فَإِنِ انْتَهَوْا " فَإِنِ انْتَهَى الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ مِنَ الْكَفَّارِ عَنْ قِتَالِكُمْ ، وَدَخَلُوا فِي مِلَّتِكُمْ ، وَأَقَرُّوا بِمَا أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ مِنْ فَرَائِضِهِ ، وَتَرَكُوا مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، فَدَعَوُا الِاعْتِدَاءَ عَلَيْهِمْ وَقِتَالَهُمْ وَجِهَادَهُمْ ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَدَى إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ - وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ ، وَالَّذِينَ تَرَكُوا عِبَادَتَهُ وَعَبَدُوا غَيْرَ خَالِقِهِمْ .
[ ص: 573 ]
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَهَلْ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=25986الِاعْتِدَاءُ عَلَى الظَّالِمِ فَيُقَالُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " ؟ .
قِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي إِلَيْهِ ذَهَبْتَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُجَازَاةِ ، لِمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الِاعْتِدَاءِ ، يَقُولُ : افْعَلُوا بِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَعَلُوا بِكُمْ ، كَمَا يُقَالُ : " إِنْ تَعَاطَيْتَ مِنِّي ظُلْمًا تَعَاطَيْتُهُ مِنْكَ " ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِظُلْمٍ ، كَمَا قَالَ
عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ الْأَسَدَيُّ :
جَزَيْنَا ذَوِي الْعُدْوَانِ بِالْأَمْسِ قَرْضَهُمْ قِصَاصًا ، سَواءً حَذْوَكَ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ
وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ نَظِيرَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ) [ سُورَةَ الْبَقَرَةِ : 15 ] وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=79فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ) [ سُورَةَ التَّوْبَةِ : 79 ] وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ ذَلِكَ وَنَظَائِرَهُ فِيمَا مَضَى قَبْلُ .
وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
3124 - حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " وَالظَّالِمُ الَّذِي أَبَى أَنْ يَقُولَ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
3125 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ
الرَّبِيعِ . "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " قَالَ : هُمُ الْمُشْرِكُونَ .
3126 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ : سَمِعْتُ
عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ "
[ ص: 574 ] قَالَ : هُمْ مَنْ أَبَى أَنْ يَقُولَ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " فَلَا تُقَاتِلْ إِلَّا مَنْ قَاتَلَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
3127 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو
عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " يَقُولُ : لَا تُقَاتِلُوا إِلَّا مَنْ قَاتَلَكُمْ .
3128 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ .
3129 - حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْعُدْوَانَ عَلَى الظَّالِمِينَ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ ، وَلَكِنْ يَقُولُ : اعتدُوا عَلَيْهِمْ بِمَثَلِ مَا اعْتَدَوْا عَلَيْكُمْ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ بَعْضُ
أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ : " فَإِنِ انْتَهَوْا " إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَنْتَهُونَ إِلَّا بَعْضُهُمْ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَإِنِ انْتَهَى بَعْضُهُمْ ، فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ ، فَأَضْمَرَ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) [ سُورَةَ الْبَقَرَةِ : 196 ] يُرِيدُ : فَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، وَكَمَا يَقُولُ : " إِلَى مَنْ تَقْصِدُ أَقْصِدُ " يَعْنِي : إِلَيْهِ .
وَكَانَ بَعْضُهُمْ يُنْكِرُ الْإِضْمَارَ فِي ذَلِكَ وَيَتَأَوَلُهُ : فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَنِ انْتَهَى ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لَا يَنْتَهُونَ .