القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( فزادهم الله مرضا    ) 
قد دللنا آنفا على أن تأويل المرض الذي وصف الله جل ثناؤه أنه في قلوب المنافقين ، هو الشك في اعتقادات قلوبهم وأديانهم ، وما هم عليه - في أمر محمد  رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر نبوته وما جاء به - مقيمون . 
فالمرض الذي أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنه زادهم على مرضهم ، نظير ما كان في قلوبهم من الشك والحيرة قبل الزيادة ، فزادهم الله بما أحدث من حدوده وفرائضه - التي لم يكن فرضها قبل الزيادة التي زادها المنافقين - من الشك والحيرة ، إذ شكوا وارتابوا في الذي أحدث لهم من ذلك - إلى المرض والشك الذي كان في قلوبهم في السالف ، من حدوده وفرائضه التي كان فرضها قبل ذلك . كما زاد المؤمنين به إلى إيمانهم الذي كانوا عليه قبل ذلك ، بالذي أحدث لهم من الفرائض والحدود إذ آمنوا به ، إلى إيمانهم بالسالف من حدوده وفرائضه - إيمانا . كالذي قال جل ثناؤه في تنزيله : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون   )  [ ص: 282 ]  [ سورة التوبة : 124 ، 125 ] . فالزيادة التي زيدها المنافقون من الرجاسة إلى رجاستهم ، هو ما وصفنا . والتي زيدها المؤمنون إلى إيمانهم ، هو ما بينا . وذلك هو التأويل المجمع عليه . 
ذكر بعض من قال ذلك من أهل التأويل : 
329 - حدثنا ابن حميد  ، قال : حدثنا سلمة  ، عن محمد بن إسحاق ،  عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ،  عن عكرمة  ، أو عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس   : " فزادهم الله مرضا   " قال : شكا . 
330 - حدثني موسى بن هارون  ، قال : أخبرنا عمرو بن حماد  ، قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي ،  في خبر ذكره ، عن أبي مالك  ، وعن أبي صالح ،  عن ابن عباس   - وعن  مرة الهمداني ،  عن ابن مسعود  ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " فزادهم الله مرضا   " يقول : فزادهم الله ريبة وشكا . 
331 - حدثني المثنى بن إبراهيم  ، قال : حدثنا سويد بن نصر  ، قال : أخبرنا ابن المبارك  قراءة ، عن سعيد ،  عن قتادة   : " فزادهم الله مرضا   " يقول : فزادهم الله ريبة وشكا في أمر الله . 
332 - حدثني يونس  ، قال : أخبرنا ابن وهب  ، قال : قال ابن زيد ،  في قول الله : " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا   " قال : زادهم رجسا ، وقرأ قول الله عز وجل : ( فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم   ) قال : شرا إلى شرهم ، وضلالة إلى ضلالتهم . 
333 - وحدثت عن عمار بن الحسن  ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع   : " فزادهم الله مرضا   " قال : زادهم الله شكا . 
				
						
						
