القول في تأويل وللرجال عليهن درجة ) قوله تعالى (
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : معنى " الدرجة " التي جعل الله للرجال على النساء ، الفضل الذي فضلهم الله عليهن في الميراث والجهاد وما أشبه ذلك .
ذكر من قال ذلك :
4769 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " وللرجال عليهن درجة " قال : فضل ما فضله الله به عليها من الجهاد ، وفضل ميراثه ، على ميراثه ، وكل ما فضل به عليها . [ ص: 534 ]
4770 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .
4771 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر : عن قتادة : " وللرجال عليهن درجة " ، قال : للرجال درجة في الفضل على النساء
وقال آخرون : بل تلك الدرجة : الإمرة والطاعة .
ذكر من قال ذلك :
4772 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان عن سفيان عن في قوله : " زيد بن أسلم وللرجال عليهن درجة " ، قال : إمارة .
4773 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وللرجال عليهن درجة " ، قال : طاعة . قال : يطعن الأزواج الرجال ، وليس الرجال يطيعونهن
4774 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أزهر عن ابن عون عن محمد في قوله : " وللرجال عليهن درجة " ، قال : لا أعلم إلا أن لهن مثل الذي عليهن ، إذا عرفن تلك الدرجة
وقال آخرون : تلك الدرجة له عليها بما ساق إليها من الصداق ، وإنها إذا قذفته حدت ، وإذا قذفها لاعن .
ذكر من قال ذلك :
4775 - حدثنا محمد بن حميد قال : حدثنا جرير عن عبيدة عن الشعبي في قوله : " وللرجال عليهن درجة " ، قال : بما أعطاها من صداقها ، وأنه إذا قذفها [ ص: 535 ] لاعنها ، وإذا قذفته جلدت وأقرت عنده .
وقال آخرون : تلك الدرجة التي له عليها ، إفضاله عليها ، وأداء حقها إليها ، وصفحه عن الواجب له عليها أو عن بعضه .
ذكر من قال ذلك :
4776 - حدثنا ابن قال : حدثنا أبي ، عن وكيع بشير بن سلمان عن عكرمة عن ابن عباس قال : ما أحب أن أستنظف جميع حقي عليها ، لأن الله تعالى ذكره يقول : " وللرجال عليهن درجة "
وقال آخرون : بل تلك الدرجة التي له عليها أن جعل له لحية وحرمها ذلك .
ذكر من قال ذلك :
4777 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال : حدثنا عبيد بن الصباح قال حدثنا حميد قال : " وللرجال عليهن درجة " قال : لحية .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس وهو أن " الدرجة " التي ذكر الله تعالى ذكره في هذا الموضع ، الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها ، وإغضاؤه لها عنه ، وأداء كل الواجب لها عليه .
وذلك أن الله تعالى ذكره قال : " وللرجال عليهن درجة "عقيب قوله : " ولهن [ ص: 536 ] " مثل الذي عليهن بالمعروف " ، فأخبر تعالى ذكره أن على الرجل من ترك ضرارها في مراجعته إياها في أقرائها الثلاثة وفي غير ذلك من أمورها وحقوقها ، مثل الذي له عليها من ترك ضراره في كتمانها إياه ما خلق الله في أرحامهن وغير ذلك من حقوقه .
ثم ندب الرجال إلى الأخذ عليهن بالفضل إذا تركن أداء بعض ما أوجب الله لهم عليهن ، فقال تعالى ذكره : " وللرجال عليهن درجة " بتفضلهم عليهن ، وصفحهم لهن عن بعض الواجب لهم عليهن ، وهذا هو المعنى الذي قصده ابن عباس بقوله : " ما أحب أن أستنظف جميع حقي عليها " لأن الله تعالى ذكره يقول : " وللرجال عليهن درجة " .
ومعنى " الدرجة " ، الرتبة والمنزلة .
وهذا القول من الله تعالى ذكره ، وإن كان ظاهره ظاهر الخبر ، فمعناه معنى ندب الرجال إلى الأخذ على النساء بالفضل ، ليكون لهم عليهن فضل درجة .