[ ص: 95 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء    ) 
قال أبو جعفر   : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ولا جناح عليكم ، أيها الرجال ، فيما عرضتم به من خطبة النساء ، للنساء المعتدات من وفاة أزواجهن في عددهن ، ولم تصرحوا بعقد نكاح . 
والتعريض الذي أبيح في ذلك ، هو ما : - 
5098 - حدثنا به ابن حميد  قال : حدثنا جرير  ، عن منصور  ، عن مجاهد ،  عن ابن عباس  قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : التعريض أن يقول : " إني أريد التزويج " و " إني لأحب امرأة من أمرها وأمرها " يعرض لها بالقول بالمعروف  . 
5099 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي  قال : حدثنا سفيان  ، عن منصور  ، عن مجاهد  ، عن ابن عباس   : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : " إني أريد أن أتزوج " . 
5100 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا شعبة  ، عن منصور  ، عن مجاهد   : عن ابن عباس  قال : التعريض ما لم ينصب للخطبة ،  [ ص: 96 ] قال مجاهد   : قال رجل لامرأة في جنازة زوجها : لا تسبقيني بنفسك! قالت : قد سبقت! 
5101 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة  ، عن منصور  ، عن مجاهد  ، عن ابن عباس  قال : في هذه الآية : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : التعريض ، ما لم ينصب للخطبة  . 
5102 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا حكام  ، عن عمرو  ، عن منصور  ، عن مجاهد  ، عن ابن عباس   : " فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : التعريض أن يقول للمرأة في عدتها : " إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله " و " لوددت أني وجدت امرأة صالحة " ولا ينصب لها ما دامت في عدتها . 
5103 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " يقول : يعرض لها في عدتها ، يقول لها : " إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك ، ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك " ونحو هذا من الكلام ، فلا حرج  . 
5104 - حدثني المثنى  قال : حدثنا آدم العسقلاني  قال : حدثنا شعبة  ، عن منصور  ، عن مجاهد  ، عن ابن عباس  في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : هو أن يقول لها في عدتها : " إني أريد التزويج ، ووددت أن الله رزقني امرأة " ونحو هذا ، ولا ينصب للخطبة  . 
5105 - حدثني يعقوب  قال : حدثنا  ابن علية  ، عن ابن عون  ، عن محمد  ، عن عبيدة  في هذه الآية ، قال : يذكرها إلى وليها ، يقول : " لا تسبقني بها " . 
5106 - حدثني يعقوب  قال : حدثنا  ابن علية  ، عن ليث  ، عن مجاهد   [ ص: 97 ] في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : يقول : " إنك لجميلة ، وإنك لنافقة ، وإنك إلى خير " . 
5107 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا سفيان  ، عن ليث  ، عن مجاهد  أنه كره أن يقول : " لا تسبقيني بنفسك " . 
5108 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  ، عن عيسى  ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قول الله - تعالى ذكره - : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : هو قول الرجل للمرأة : " إنك لجميلة ، وإنك لنافقة ، وإنك إلى خير " . 
5109 - حدثني المثنى  قال : حدثنا سويد  قال : أخبرنا ابن المبارك  ، عن معمر  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : يعرض للمرأة في عدتها فيقول : والله إنك لجميلة ، وإن النساء لمن حاجتي ، وإنك إلى خير إن شاء الله " . 
5110 - حدثني المثنى  قال : حدثنا آدم  قال : حدثنا شعبة  ، عن سلمة بن كهيل  ، عن مسلم البطين  ، عن سعيد بن جبير  قال : هو قول الرجل : " إني أريد أن أتزوج ، وإني إن تزوجت أحسنت إلى امرأتي " هذا التعريض . 
5111 - حدثني المثنى  قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم  قال : حدثنا شعبة  ، عن سلمة بن كهيل  ، عن مسلم البطين  ، عن سعيد بن جبير  في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : يقول : " لأعطينك ، لأحسنن إليك ، لأفعلن بك كذا وكذا . 
5012 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الوهاب  قال : سمعت يحيى بن سعيد  قال : أخبرني عبد الرحمن بن القاسم  في قوله : " فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : قول الرجل للمرأة في عدتها يعرض بالخطبة : " والله إني فيك  [ ص: 98 ] لراغب ، وإني عليك لحريص " ونحو هذا . 
5113 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي  قال : سمعت يحيى بن سعيد  يقول : أخبرني عبد الرحمن بن القاسم   : أنه سمع  القاسم بن محمد  يقول : " فيما عرضتم به من خطبة النساء   " هو قول الرجل للمرأة : " إنك لجميلة ، وإنك لنافقة ، وإنك إلى خير " . 
5114 - حدثني المثنى  قال : حدثنا سويد  قال : أخبرنا ابن المبارك  ، عن  ابن جريج  قال : قلت لعطاء   : كيف يقول الخاطب؟ قال : يعرض تعريضا ، ولا يبوح بشيء . يقول : " إن إلي حاجة ، وأبشري ، وأنت بحمد الله نافقة " ولا يبوح بشيء . قال عطاء   : وتقول هي : " قد أسمع ما تقول " ولا تعد شيئا ، ولا تقول : " لعل ذاك " . 
5115 - حدثني المثنى  قال : حدثنا سويد بن نصر  قال : أخبرنا ابن المبارك  ، عن يحيى بن سعيد  قال : حدثني عبد الرحمن بن القاسم   : أنه سمع القاسم  يقول في المرأة يتوفى عنها زوجها ، والرجل يريد خطبتها ويريد كلامها ، ما الذي يجمل به من القول؟ قال يقول : " إني فيك لراغب ، وإني عليك لحريص ، وإني بك لمعجب " وأشباه هذا من القول . 
5116 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير  ، عن مغيرة  ، عن حماد  ، عن إبراهيم  في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : لا بأس بالهدية في تعريض النكاح . 
5117 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا مغيرة  قال : كان إبراهيم  لا يرى بأسا أن يهدي لها في العدة ، إذا كانت من شأنه . 
5118 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل  ، عن جابر  ،  [ ص: 99 ] عن عامر  في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال يقول : " إنك لنافقة ، وإنك لمعجبة ، وإنك لجميلة " وإن قضى الله شيئا كان " . 
5119 - حدثنا عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : كان  إبراهيم النخعي  يقول : " إنك لمعجبة ، وإني فيك لراغب   " . 
5120 - حدثني  يونس بن عبد الأعلى  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : وأخبرني - يعني شبيبا   - عن سعيد  ، عن شعبة  ، عن منصور  ، عن الشعبي  أنه قال في هذه الآية : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : لا تأخذ ميثاقها ألا تنكح غيرك . 
5121 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : كان أبي يقول : كل شيء كان ، دون أن يعزما عقدة النكاح ، فهو كما قال الله - تعالى ذكره - : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " . 
5122 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا مهران  وحدثني علي  قال حدثنا زيد  جميعا ، عن سفيان  قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " والتعريض فيما سمعنا أن يقول الرجل وهي في عدتها : " إنك لجميلة ، إنك إلى خير ، إنك لنافقة ، إنك لتعجبيني   " ونحو هذا ، فهذا التعريض . 
5123 - حدثنا المثنى  قال : حدثنا سويد  قال : أخبرنا ابن المبارك  ، عن عبد الرحمن بن سليمان  ، عن خالته سكينة ابنة حنظلة بن عبد الله بن حنظلة  قالت : دخل علي أبو جعفر محمد بن علي  وأنا في عدتي ، فقال : يا ابنة حنظلة ،  [ ص: 100 ] أنا من علمت قرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحق جدي علي ، وقدمي في الإسلام . فقلت : غفر الله لك يا أبا جعفر ، أتخطبني في عدتي ، وأنت يؤخذ عنك! فقال : أو قد فعلت! إنما أخبرك بقرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وموضعي! قد دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أم سلمة ، وكانت عند ابن عمها أبي سلمة ، فتوفي عنها ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر لها منزلته من الله وهو متحامل على يده ، حتى أثر الحصير في يده من شدة تحامله على يده ، فما كانت تلك خطبة . 
5124 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني الليث  قال : حدثني عقيل  ، عن ابن شهاب   : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " قال : لا جناح على من عرض لهن بالخطبة قبل أن يحللن ، إذا كنوا في أنفسهن من ذلك . 
5125 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : أخبرني مالك  ، عن عبد الرحمن بن القاسم  ، عن أبيه أنه كان يقول في قول الله - تعالى ذكره - : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء   " : أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدة من وفاة زوجها : " إنك علي لكريمة ، وإني فيك لراغب ، وإن الله سائق إليك خيرا ورزقا " ونحو هذا من الكلام . 
 [ ص: 101 ] قال أبو جعفر   : واختلف أهل العربية في معنى " الخطبة " . 
فقال بعضهم : " الخطبة " الذكر ، و " الخطبة " : التشهد . 
وكأن قائل هذا القول ، تأول الكلام : ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من ذكر النساء عندهن . وقد زعم صاحب هذا القول أنه قال : " لا تواعدوهن سرا " لأنه لما قال : " ولا جناح عليكم " كأنه قال : اذكروهن ، ولكن لا تواعدوهن سرا . 
وقال آخرون منهم : " خطبه ، خطبة وخطبا " . قال : وقول الله - تعالى ذكره - : ( قال فما خطبك يا سامري   ) [ سورة طه : 95 ] ، يقال إنه من هذا . قال : وأما " الخطبة " فهو المخطوب [ به ] ، من قولهم : " خطب على المنبر واختطب " . 
قال أبو جعفر   : " والخطبة " عندي هي " الفعلة " من قول القائل : " خطبت فلانة " ك " الجلسة " من قوله : " جلس " أو " القعدة " من قوله " قعد " . 
 [ ص: 102 ] ومعنى قولهم : " خطب فلان فلانة " سألها خطبه إليها في نفسها ، وذلك حاجته ، من قولهم : " ما خطبك " ؟ بمعنى : ما حاجتك ، وما أمرك؟ . 
وأما " التعريض " فهو ما كان من لحن الكلام الذي يفهم به السامع الفهم ما يفهم بصريحه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					