القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32626قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - : " ألم تر " ألم تعلم ، يا
محمد؟ وهو من " رؤية القلب " لا رؤية العين " لأن نبينا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - لم يدرك الذين أخبر الله عنهم هذا الخبر ، و " رؤية القلب " : ما رآه ، علمه به . فمعنى ذلك : ألم تعلم يا
محمد ، الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف؟ .
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " وهم ألوف " .
فقال بعضهم : في العدد ، بمعنى : جماع " ألف " .
ذكر من قال ذلك :
5596 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي وحدثنا
عمرو بن علي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال : حدثنا
سفيان ، عن
ميسرة النهدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " كانوا
[ ص: 267 ] أربعة آلاف ، خرجوا فرارا من الطاعون ، قالوا : " نأتي أرضا ليس فيها موت " ! حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا ، قال لهم الله : " موتوا " . فمر عليهم نبي من الأنبياء ، فدعا ربه أن يحييهم ، فأحياهم ، فتلا هذه الآية : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون " .
5597 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
سفيان ، عن
ميسرة النهدي ، عن
المنهال ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " قال : كانوا أربعة آلاف خرجوا فرارا من الطاعون ، فأماتهم الله ، فمر عليهم نبي من الأنبياء ، فدعا ربه أن يحييهم حتى يعبدوه ، فأحياهم .
5598 - حدثنا
محمد بن سهل بن عسكر قال : أخبرنا
إسماعيل بن عبد الكريم قال : حدثني
عبد الصمد : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه يقول : أصاب ناسا من
بني إسرائيل بلاء وشدة من الزمان ، فشكوا ما أصابهم وقالوا : " يا ليتنا قد متنا فاسترحنا مما نحن فيه " ! فأوحى الله إلى
حزقيل : إن قومك صاحوا من البلاء ، وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا فاستراحوا ، وأي راحة لهم في الموت؟ أيظنون أني لا أقدر أن أبعثهم بعد الموت؟ فانطلق إلى جبانة كذا وكذا ، فإن فيها أربعة آلاف ، قال
وهب : وهم الذين قال الله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " فقم فيهم فنادهم ، وكانت عظامهم قد تفرقت ، فرقتها الطير والسباع . فناداهم
حزقيل فقال : " يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي " ! فاجتمع عظام كل
[ ص: 268 ] إنسان منهم معا . ثم نادى ثانية
حزقيل فقال : " أيتها العظام ، إن الله يأمرك أن تكتسي اللحم " فاكتست اللحم ، وبعد اللحم جلدا ، فكانت أجسادا . ثم نادى
حزقيل الثالثة فقال : " أيتها الأرواح ، إن الله يأمرك أن تعودي في أجسادك " ! فقاموا بإذن الله ، وكبروا تكبيرة واحدة .
5599 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف " يقول : عدد كثير خرجوا فرارا من الجهاد في سبيل الله ، فأماتهم الله ، ثم أحياهم وأمرهم أن يجاهدوا عدوهم ، فذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم ) .
5600 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
أشعث بن أسلم البصري قال : بينما عمر يصلي ويهوديان خلفه وكان
عمر إذا أراد أن يركع خوى ، فقال أحدهم لصاحبه : أهو هو؟ فلما انفتل
عمر قال :
[ ص: 269 ] أرأيت قول أحدكما لصاحبه : أهو هو؟ فقالا : إنا نجده في كتابنا : " قرنا من حديد ، يعطى ما يعطى
حزقيل الذي " أحيا الموتى بإذن الله " . فقال
عمر : ما نجد في كتاب الله "
حزقيل " ولا " أحيا الموتى بإذن الله " إلا
عيسى . فقالا : أما تجد في كتاب الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164ورسلا لم نقصصهم عليك ) ، [ سورة النساء : 164 ] ، فقال
عمر : بلى! قالا : وأما إحياء الموتى فسنحدثك : إن
بني إسرائيل وقع عليهم الوباء ، فخرج منهم قوم حتى إذا كانوا على رأس ميل أماتهم الله ، فبنوا عليهم حائطا ، حتى إذا بليت عظامهم بعث الله
حزقيل فقام عليهم فقال ما شاء الله ، فبعثهم الله له ، فأنزل الله في ذلك : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف " الآية .
5601 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
الحجاج بن أرطأة قال : كانوا أربعة آلاف .
[ ص: 270 ] 5602 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف " إلى قوله : " ثم أحياهم " قال : كانت قرية يقال لها
داوردان قبل
واسط ، وقع بها الطاعون ، فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية منها ، فهلك من بقي في القرية وسلم الآخرون ، فلم يمت منهم كبير . فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين ، فقال الذين بقوا : أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا ، لو صنعنا كما صنعوا بقينا! ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم! فوقع في قابل فهربوا ، وهم بضعة وثلاثون ألفا ، حتى نزلوا ذلك المكان ، وهو واد أفيح ، فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه : أن موتوا ! فماتوا ، حتى إذا هلكوا وبليت أجسادهم ، مر بهم نبي يقال له
حزقيل ، فلما رآهم وقف عليهم فجعل يتفكر فيهم ويلوي شدقه وأصابعه ، فأوحى الله إليه : يا
حزقيل ، أتريد أن أريك فيهم كيف أحييهم؟ قال : وإنما كان تفكره أنه تعجب من قدرة الله عليهم فقال : نعم! فقيل له : ناد! فنادى : " يا أيتها العظام ، إن الله يأمرك أن تجتمعي! " فجعلت تطير العظام بعضها إلى بعض ، حتى كانت أجسادا من عظام ، ثم أوحى الله إليه أن ناد : " يا أيتها العظام ، إن الله يأمرك أن تكتسي لحما " فاكتست لحما ودما ، وثيابها التي ماتت فيها وهي عليها . ثم قيل له : ناد ! فنادى : " يا أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي " فقاموا .
5603 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، قال : فزعم
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر ، عن
مجاهد : أنهم قالوا حين أحيوا : " سبحانك ربنا وبحمدك
[ ص: 271 ] لا إله إلا أنت " فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى ، سحنة الموت على وجوههم ، لا يلبسون ثوبا إلا عاد دسما مثل الكفن ، حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم .
5604 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
عبد الرحمن بن عوسجة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف " قال : كانوا ثلاثة آلاف أو أكثر .
5605 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن عباس : كانوا أربعين ألفا وثمانية آلاف ، حظر عليهم حظائر ، وقد أروحت أجسادهم وأنتنوا ، فإنها لتوجد اليوم في ذلك السبط من
اليهود تلك الريح ، وهم ألوف فرارا من الجهاد في سبيل الله ، فأماتهم الله ثم أحياهم ، فأمرهم بالجهاد ، فذلك قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وقاتلوا في سبيل الله " الآية .
5606 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال : حدثنا
محمد بن إسحاق ،
[ ص: 272 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه أن
كالب بن يوقنا لما قبضه الله بعد
يوشع ، خلف فيهم - يعني في
بني إسرائيل -
حزقيل بن بوزي وهو ابن العجوز ، وإنما سمي " ابن العجوز " أنها سألت الله الولد وقد كبرت وعقمت ، فوهبه الله لها ، فلذلك قيل له " ابن العجوز " وهو الذي دعا للقوم الذين ذكر الله في الكتاب
لمحمد - صلى الله عليه وسلم - كما بلغنا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون " . .
5607 - حدثني
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال : حدثني
محمد بن إسحاق قال : بلغني أنه كان من حديثهم أنهم خرجوا فرارا من بعض الأوباء من الطاعون ، أو من سقم كان يصيب الناس حذرا من الموت ، وهم ألوف ، حتى إذا نزلوا بصعيد من البلاد قال لهم الله : " موتوا " فماتوا جميعا . فعمد أهل تلك البلاد فحظروا عليهم حظيرة دون السباع ، ثم تركوهم فيها ، وذلك أنهم كثروا عن أن يغيبوا . فمرت بهم الأزمان والدهور ، حتى صاروا عظاما نخرة ، فمر بهم
حزقيل بن بوزي ، فوقف عليهم ، فتعجب لأمرهم ودخلته رحمة لهم ، فقيل له : أتحب أن يحييهم الله؟ فقال : نعم! فقيل له : نادهم فقل : " أيتها العظام الرميم التي قد رمت وبليت ، ليرجع كل عظم إلى صاحبه " . فناداهم بذلك ، فنظر إلى العظام تواثب يأخذ بعضها بعضا . ثم قيل له : قل : " أيها اللحم والعصب والجلد ، اكس العظام بإذن ربك " قال : فنظر إليها والعصب يأخذ العظام ثم اللحم والجلد والأشعار ، حتى استووا خلقا ليست فيهم الأرواح . ثم دعا لهم بالحياة ، فتغشاه من السماء شيء
[ ص: 273 ] كربه حتى غشي عليه منه ، ثم أفاق والقوم جلوس يقولون : " سبحان الله ، سبحان الله " قد أحياهم الله .
وقال آخرون : معنى قوله " وهم ألوف " وهم مؤتلفون .
ذكر من قال ذلك :
5608 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال
ابن زيد في قول الله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " قال : قرية كانت نزل بها الطاعون ، فخرجت طائفة منهم وأقامت طائفة ، فألح الطاعون بالطائفة التي أقامت ، والتي خرجت لم يصبهم شيء . ثم ارتفع ، ثم نزل العام القابل ، فخرجت طائفة أكثر من التي خرجت أولا فاستحر الطاعون بالطائفة التي أقامت . فلما كان العام الثالث ، نزل فخرجوا بأجمعهم وتركوا ديارهم ، فقال الله - تعالى ذكره - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف " ليست الفرقة أخرجتهم ، كما يخرج للحرب والقتال ، قلوبهم مؤتلفة ، إنما خرجوا فرارا . فلما كانوا حيث ذهبوا يبتغون الحياة ، قال لهم الله : " موتوا " في المكان الذي ذهبوا إليه يبتغون فيه الحياة . فماتوا ، ثم أحياهم الله ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون . قال : ومر بها رجل وهي عظام تلوح ، فوقف
[ ص: 274 ] ينظر فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=259أنى يحيي هذه الله بعد موتها " فأماته الله مائة عام .
ذكر الأخبار عمن قال : كان خروج هؤلاء القوم من ديارهم فرارا من الطاعون .
5609 - حدثنا
عمرو بن علي قال : حدثنا
ابن أبي عدي ، عن
الأشعث ، عن
الحسن في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " قال : خرجوا فرارا من الطاعون ، فأماتهم قبل آجالهم ، ثم أحياهم إلى آجالهم .
5610 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
الحسن في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " قال : فروا من الطاعون ، فقال لهم الله : " موتوا " ! ثم أحياهم ليكملوا بقية آجالهم .
5611 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار في قول الله - تعالى ذكره - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " قال : وقع الطاعون في قريتهم ، فخرج أناس وبقي أناس ، فهلك الذين بقوا في القرية ، وبقي الآخرون . ثم وقع الطاعون في قريتهم الثانية ، فخرج أناس وبقي أناس ، ومن خرج أكثر ممن بقي . فنجى الله الذين خرجوا ، وهلك الذين بقوا . فلما كانت الثالثة خرجوا بأجمعهم إلا قليلا فأماتهم الله ودوابهم ، ثم أحياهم فرجعوا إلى بلادهم [ وقد أنكروا قريتهم ، ومن تركوا ] . وكثروا بها ، حتى يقول بعضهم لبعض : من أنتم؟
[ ص: 275 ] 5612 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار يقول : وقع الطاعون في قريتهم ثم ذكر نحو حديث
محمد بن عمرو ، عن
أبي عاصم .
5613 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
سويد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف " الآية ، مقتهم الله على فرارهم من الموت ، فأماتهم الله عقوبة ، ثم بعثهم إلى بقية آجالهم ليستوفوها ، ولو كانت آجال القوم جاءت ما بعثوا بعد موتهم .
5614 - حدثت عن
عمار بن الحسن قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
حصين ، عن
هلال بن يساف في قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا " الآية ، قال : هؤلاء القوم من
بني إسرائيل ، كان إذا وقع فيهم الطاعون خرج أغنياؤهم وأشرافهم ، وأقام فقراؤهم وسفلتهم . قال : فاستحر الموت على المقيمين منهم ، ونجا من خرج منهم . فقال الذين خرجوا : لو أقمنا كما أقام هؤلاء ، لهلكنا كما هلكوا ! وقال المقيمون : لو ظعنا كما ظعن هؤلاء ، لنجونا كما نجوا ! فظعنوا جميعا في عام واحد ، أغنياؤهم وأشرافهم وفقراؤهم وسفلتهم . فأرسل عليهم الموت فصاروا عظاما تبرق . قال : فجاءهم أهل القرى فجمعوهم في مكان واحد ، فمر بهم نبي فقال : يا رب لو شئت أحييت هؤلاء فعمروا بلادك وعبدوك! قال : أو أحب إليك أن أفعل؟ قال نعم! قال : فقل : كذا وكذا ، فتكلم به ، فنظر إلى العظام ، وإن العظم ليخرج من عند العظم الذي ليس منه إلى العظم الذي هو منه . ثم تكلم بما أمر ، فإذا العظام تكسى لحما . ثم أمر بأمر فتكلم به ، فإذا هم قعود يسبحون ويكبرون . ثم قيل لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم )
[ ص: 276 ] 5615 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15986سعيد بن أبي أيوب ، عن
حماد بن عثمان ، عن
الحسن : أنه قال في الذين أماتهم الله ثم أحياهم قال : هم قوم فروا من الطاعون ، فأماتهم الله عقوبة ومقتا ، ثم أحياهم لآجالهم .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في تأويل قوله : " وهم ألوف " بالصواب ، قول من قال : " عنى بالألوف كثرة العدد " دون قول من قال : " عنى به الائتلاف " بمعنى ائتلاف قلوبهم ، وأنهم خرجوا من ديارهم من غير افتراق كان منهم ولا تباغض ، ولكن فرارا : إما من الجهاد ، وإما من الطاعون لإجماع الحجة على أن ذلك تأويل الآية ، ولا يعارض بالقول الشاذ ما استفاض به القول من الصحابة والتابعين .
وأولى الأقوال - في مبلغ عدد القوم الذين وصف الله خروجهم من ديارهم - بالصواب ، قول من حد عددهم بزيادة عن عشرة آلاف ، دون من حده بأربعة آلاف ، وثلاثة آلاف ، وثمانية آلاف . وذلك أن الله - تعالى ذكره - أخبر عنهم أنهم كانوا ألوفا ، وما دون العشرة آلاف لا يقال لهم : " ألوف " . وإنما يقال " هم آلاف " إذا كانوا ثلاثة آلاف فصاعدا إلى العشرة آلاف . وغير جائز أن يقال : هم خمسة ألوف ، أو عشرة ألوف .
وإنما جمع قليله على " أفعال " ولم يجمع على " أفعل " مثل سائر الجمع القليل الذي يكون ثاني مفرده ساكنا للألف التي في أوله . وشأن العرب في كل
[ ص: 277 ] حرف كان أوله ياء أو واوا أو ألفا ، اختيار جمع قليله على أفعال ، كما جمعوا " الوقت " " أوقاتا " و " اليوم " " أياما " و " اليسر " و " أيسارا " للواو والياء اللتين في أول ذلك . وقد يجمع ذلك أحيانا على " أفعل " إلا أن الفصيح من كلامهم ما ذكرنا ، ومنه قول الشاعر :
كانوا ثلاثة آلف وكتيبة ألفين أعجم من بني الفدام
وأما قوله : " حذر الموت " فإنه يعني : أنهم خرجوا من حذر الموت ، فرارا منه . كما : -
5616 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال :
[ ص: 278 ] حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : " حذر الموت " فرارا من عدوهم ، حتى ذاقوا الموت الذي فروا منه . فأمرهم فرجعوا ، وأمرهم أن يقاتلوا في سبيل الله ، وهم الذين قالوا لنبيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ) [ سورة البقرة : 246 ] .
قال
أبو جعفر : وإنما حث الله - تعالى ذكره - عباده بهذه الآية ، على المواظبة على الجهاد في سبيله ، والصبر على قتال أعداء دينه . وشجعهم بإعلامه إياهم وتذكيره لهم ، أن الإماتة والإحياء بيديه وإليه ، دون خلقه وأن الفرار من القتال والهرب من الجهاد ولقاء الأعداء ، إلى التحصن في الحصون ، والاختباء في المنازل والدور ، غير منج أحدا من قضائه إذا حل بساحته ، ولا دافع عنه أسباب منيته إذا نزل بعقوته ، كما لم ينفع الهاربين من الطاعون الذين وصف الله - تعالى ذكره - صفتهم في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " فرارهم من أوطانهم ، وانتقالهم من منازلهم إلى الموضع الذي أملوا بالمصير إليه السلامة ، وبالموئل النجاة من المنية ، حتى أتاهم أمر الله ، فتركهم جميعا خمودا صرعى ، وفي الأرض هلكى ، ونجا مما حل بهم الذين باشروا كرب الوباء ، وخالطوا بأنفسهم عظيم البلاء .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32626قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : " أَلَمْ تَرَ " أَلَمْ تَعْلَمْ ، يَا
مُحَمَّدُ؟ وَهُوَ مِنْ " رُؤْيَةِ الْقَلْبِ " لَا رُؤْيَةِ الْعَيْنِ " لِأَنَّ نَبِيَّنَا
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُدْرِكِ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا الْخَبَرَ ، وَ " رُؤْيَةُ الْقَلْبِ " : مَا رَآهُ ، عَلِمَهُ بِهِ . فَمَعْنَى ذَلِكَ : أَلَمْ تَعْلَمْ يَا
مُحَمَّدُ ، الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ؟ .
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : " وَهُمْ أُلُوفٌ " .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فِي الْعَدَدِ ، بِمَعْنَى : جِمَاعُ " أَلْفٍ " .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
5596 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي وَحَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مَيْسَرَةَ النَّهْدِيِّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15342الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ " كَانُوا
[ ص: 267 ] أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ ، قَالُوا : " نَأْتِي أَرْضًا لَيْسَ فِيهَا مَوْتٌ " ! حَتَّى إِذَا كَانُوا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ لَهُمُ اللَّهُ : " مُوتُوا " . فَمَرَّ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَهُمْ ، فَأَحْيَاهُمْ ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ " .
5597 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مَيْسَرَةَ النَّهْدِيِّ ، عَنِ
الْمِنْهَالِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ " قَالَ : كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ ، فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ ، فَمَرَّ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَهُمْ حَتَّى يَعْبُدُوهُ ، فَأَحْيَاهُمْ .
5598 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ : حَدَّثَنِي
عَبْدُ الصَّمَدِ : أَنَّهُ سَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ : أَصَابَ نَاسًا مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلَاءٌ وَشِدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ ، فَشَكَوْا مَا أَصَابَهُمْ وَقَالُوا : " يَا لَيْتَنَا قَدْ مِتْنَا فَاسْتَرَحْنَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ " ! فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى
حِزْقِيلَ : إِنَّ قَوْمَكَ صَاحُوا مِنَ الْبَلَاءِ ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ وَدُّوا لَوْ مَاتُوا فَاسْتَرَاحُوا ، وَأَيُّ رَاحَةٍ لَهُمْ فِي الْمَوْتِ؟ أَيَظُنُّونَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أَبْعَثَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ فَانْطَلِقْ إِلَى جَبَّانَةِ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنَّ فِيهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، قَالَ
وَهْبٌ : وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ " فَقُمْ فِيهِمْ فَنَادِهِمْ ، وَكَانَتْ عِظَامُهُمْ قَدْ تَفَرَّقَتْ ، فَرَّقَتْهَا الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ . فَنَادَاهُمْ
حِزْقِيلُ فَقَالَ : " يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِي " ! فَاجْتَمَعَ عِظَامُ كَلِّ
[ ص: 268 ] إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَعًا . ثُمَّ نَادَى ثَانِيَةً
حِزْقِيلُ فَقَالَ : " أَيَّتُهَا الْعِظَامُ ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَكْتَسِي اللَّحْمَ " فَاكْتَسَتِ اللَّحْمَ ، وَبَعْدَ اللَّحْمِ جِلْدًا ، فَكَانَتْ أَجْسَادًا . ثُمَّ نَادَى
حِزْقِيلُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : " أَيَّتُهَا الْأَرْوَاحُ ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَعُودِي فِي أَجْسَادِكِ " ! فَقَامُوا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً .
5599 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ " يَقُولُ : عَدَدٌ كَثِيرٌ خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُجَاهِدُوا عَدُوَّهُمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .
5600 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَكَّامٌ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ ، عَنْ
أَشْعَثَ بْنِ أَسْلَمَ الْبَصْرِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا عُمَرُ يُصَلِّي وَيَهُودِيَّانِ خَلْفَهُ وَكَانَ
عُمَرُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ خَوَّى ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ لِصَاحِبِهِ : أَهُوَ هُوَ؟ فَلَمَّا انْفَتَلَ
عُمَرُ قَالَ :
[ ص: 269 ] أَرَأَيْتَ قَوْلَ أَحَدِكُمَا لِصَاحِبِهِ : أَهُوَ هُوَ؟ فَقَالَا : إِنَّا نَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا : " قَرْنًا مِنْ حَدِيدٍ ، يُعْطَى مَا يُعْطَى
حِزْقِيلُ الَّذِي " أَحْيَا الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ " . فَقَالَ
عُمَرُ : مَا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ "
حِزْقِيلَ " وَلَا " أَحْيَا الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ " إِلَّا
عِيسَى . فَقَالَا : أَمَا تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) ، [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 164 ] ، فَقَالَ
عُمَرُ : بَلَى! قَالَا : وَأَمَّا إِحْيَاءُ الْمَوْتَى فَسَنُحَدِّثُكَ : إِنَّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَعَ عَلَيْهِمُ الْوَبَاءُ ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى رَأْسِ مِيلٍ أَمَاتَهُمُ اللَّهُ ، فَبَنَوْا عَلَيْهِمْ حَائِطًا ، حَتَّى إِذَا بَلِيَتْ عِظَامُهُمْ بَعَثَ اللَّهُ
حِزْقِيلَ فَقَامَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَبَعَثَهُمُ اللَّهُ لَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ " الْآيَةَ .
5601 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَكَّامٌ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ ، عَنِ
الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ قَالَ : كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ .
[ ص: 270 ] 5602 - حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ " إِلَى قَوْلِهِ : " ثُمَّ أَحْيَاهُمْ " قَالَ : كَانَتْ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا
دَاوَرْدَانُ قِبَلَ
وَاسِطٍ ، وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ ، فَهَرَبَ عَامَّةُ أَهْلِهَا فَنَزَلُوا نَاحِيَةً مِنْهَا ، فَهَلَكَ مَنْ بَقِيَ فِي الْقَرْيَةِ وَسَلِمَ الْآخَرُونَ ، فَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمْ كَبِيرٌ . فَلَمَّا ارْتَفَعَ الطَّاعُونُ رَجَعُوا سَالِمِينَ ، فَقَالَ الَّذِينَ بَقُوا : أَصْحَابُنَا هَؤُلَاءِ كَانُوا أَحْزَمَ مِنَّا ، لَوْ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعُوا بَقِينَا! وَلَئِنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ ثَانِيَةً لَنَخْرُجَنَّ مَعَهُمْ! فَوَقَعَ فِي قَابِلٍ فَهَرَبُوا ، وَهُمْ بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا ، حَتَّى نَزَلُوا ذَلِكَ الْمَكَانَ ، وَهُوَ وَادٍ أَفْيَحُ ، فَنَادَاهُمْ مَلَكٌ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي وَآخَرُ مِنْ أَعْلَاهُ : أَنْ مُوتُوا ! فَمَاتُوا ، حَتَّى إِذَا هَلَكُوا وَبَلِيَتْ أَجْسَادُهُمْ ، مَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ يُقَالُ لَهُ
حِزْقِيلُ ، فَلَمَّا رَآهُمْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَتَفَكَّرُ فِيهِمْ وَيَلْوِي شِدْقَهُ وَأَصَابِعَهُ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا
حِزْقِيلُ ، أَتُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ فِيهِمْ كَيْفَ أُحْيِيهِمْ؟ قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَ تَفَكُّرُهُ أَنَّهُ تَعَجَّبَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : نَعَمْ! فَقِيلَ لَهُ : نَادِ! فَنَادَى : " يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِي! " فَجَعَلَتْ تَطِيرُ الْعِظَامُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، حَتَّى كَانَتْ أَجْسَادًا مِنْ عِظَامٍ ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ نَادِ : " يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَكْتَسِي لَحْمًا " فَاكْتَسَتْ لَحْمًا وَدَمًا ، وَثِيَابَهَا الَّتِي مَاتَتْ فِيهَا وَهِيَ عَلَيْهَا . ثُمَّ قِيلَ لَهُ : نَادِ ! فَنَادَى : " يَا أَيَّتُهَا الْأَجْسَادُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَقُومِي " فَقَامُوا .
5603 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، قَالَ : فَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=17152مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : أَنَّهُمْ قَالُوا حِينَ أُحْيُوا : " سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ
[ ص: 271 ] لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ " فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ أَحْيَاءً يَعْرِفُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا مَوْتَى ، سَحْنَةُ الْمَوْتِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، لَا يَلْبَسُونَ ثَوْبًا إِلَّا عَادَ دَسِمًا مِثْلَ الْكَفَنِ ، حَتَّى مَاتُوا لِآجَالِهِمُ الَّتِي كُتِبَتْ لَهُمْ .
5604 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16566عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ " قَالَ : كَانُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ .
5605 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَثَمَانِيَةَ آلَافٍ ، حُظِرَ عَلَيْهِمْ حَظَائِرُ ، وَقَدْ أَرْوَحَتْ أَجْسَادُهُمْ وَأَنْتَنُوا ، فَإِنَّهَا لَتُوجَدُ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ السِّبْطِ مِنَ
الْيَهُودِ تِلْكَ الرِّيحُ ، وَهُمْ أُلُوفٌ فِرَارًا مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، فَأَمَرَهُمْ بِالْجِهَادِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ " الْآيَةَ .
5606 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ،
[ ص: 272 ] عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَنَّ
كَالِبَ بْنَ يُوقِنَا لَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ بَعْدَ
يُوشَعَ ، خَلَفَ فِيهِمْ - يَعْنِي فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ -
حِزْقِيلَ بْنَ بُوزِيٍّ وَهُوَ ابْنُ الْعَجُوزِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ " ابْنَ الْعَجُوزِ " أَنَّهَا سَأَلَتِ اللَّهَ الْوَلَدَ وَقَدْ كَبِرَتْ وَعَقِمَتْ ، فَوَهَبَهُ اللَّهُ لَهَا ، فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ " ابْنُ الْعَجُوزِ " وَهُوَ الَّذِي دَعَا لِلْقَوْمِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ
لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا بَلَّغَنَا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ " . .
5607 - حَدَّثَنِي
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَدِيثِهِمْ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِرَارًا مِنْ بَعْضِ الْأَوْبَاءِ مِنَ الطَّاعُونِ ، أَوْ مِنْ سُقْمٍ كَانَ يُصِيبُ النَّاسَ حَذَرًا مِنَ الْمَوْتِ ، وَهُمْ أُلُوفٌ ، حَتَّى إِذَا نَزَلُوا بِصَعِيدٍ مِنَ الْبِلَادِ قَالَ لَهُمُ اللَّهُ : " مُوتُوا " فَمَاتُوا جَمِيعًا . فَعَمَدَ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ فَحَظَرُوا عَلَيْهِمْ حَظِيرَةً دُونَ السِّبَاعِ ، ثُمَّ تَرَكُوهُمْ فِيهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَثُرُوا عَنْ أَنْ يُغَيَّبُوا . فَمَرَّتْ بِهِمُ الْأَزْمَانُ وَالدُّهُورُ ، حَتَّى صَارُوا عِظَامًا نَخِرَةً ، فَمَرَّ بِهِمْ
حِزْقِيلُ بْنُ بُوزِيٍّ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ ، فَتَعَجَّبَ لِأَمْرِهِمْ وَدَخَلَتْهُ رَحْمَةٌ لَهُمْ ، فَقِيلَ لَهُ : أَتُحِبُّ أَنْ يُحْيِيَهُمُ اللَّهُ؟ فَقَالَ : نَعَمْ! فَقِيلَ لَهُ : نَادِهِمْ فَقُلْ : " أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الرَّمِيمُ الَّتِي قَدْ رَمَّتْ وَبَلِيَتْ ، لِيَرْجِعْ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى صَاحِبِهِ " . فَنَادَاهُمْ بِذَلِكَ ، فَنَظَرَ إِلَى الْعِظَامِ تَوَاثَبُ يَأْخُذُ بَعْضُهَا بَعْضًا . ثُمَّ قِيلَ لَهُ : قُلْ : " أَيُّهَا اللَّحْمُ وَالْعَصَبُ وَالْجِلْدُ ، اكْسُ الْعِظَامَ بِإِذْنِ رَبِّكَ " قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَالْعَصَبُ يَأْخُذُ الْعِظَامَ ثُمَّ اللَّحْمَ وَالْجِلْدَ وَالْأَشْعَارَ ، حَتَّى اسْتَوَوْا خَلْقًا لَيْسَتْ فِيهِمُ الْأَرْوَاحُ . ثُمَّ دَعَا لَهُمْ بِالْحَيَاةِ ، فَتَغَشَّاهُ مِنَ السَّمَاءِ شَيْءٌ
[ ص: 273 ] كَرَبَهُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ ، ثُمَّ أَفَاقَ وَالْقَوْمُ جُلُوسٌ يَقُولُونَ : " سُبْحَانَ اللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ " قَدْ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْلِهِ " وَهُمْ أُلُوفٌ " وَهُمْ مُؤْتَلِفُونَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
5608 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ " قَالَ : قَرْيَةٌ كَانَتْ نَزَلَ بِهَا الطَّاعُونُ ، فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ وَأَقَامَتْ طَائِفَةٌ ، فَأَلَحَّ الطَّاعُونُ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي أَقَامَتْ ، وَالَّتِي خَرَجَتْ لَمْ يُصِبْهُمْ شَيْءٌ . ثُمَّ ارْتَفَعَ ، ثُمَّ نَزَلَ الْعَامَ الْقَابِلَ ، فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي خَرَجَتْ أَوَّلًا فَاسْتَحَرَّ الطَّاعُونُ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي أَقَامَتْ . فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّالِثُ ، نَزَلَ فَخَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَتَرَكُوا دِيَارَهُمْ ، فَقَالَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ " لَيْسَتِ الْفُرْقَةُ أَخْرَجَتْهُمْ ، كَمَا يُخْرَجُ لِلْحَرْبِ وَالْقِتَالِ ، قُلُوبُهُمْ مُؤْتَلِفَةٌ ، إِنَّمَا خَرَجُوا فِرَارًا . فَلَمَّا كَانُوا حَيْثُ ذَهَبُوا يَبْتَغُونَ الْحَيَاةَ ، قَالَ لَهُمُ اللَّهُ : " مُوتُوا " فِي الْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ يَبْتَغُونَ فِيهِ الْحَيَاةَ . فَمَاتُوا ، ثُمَّ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ . قَالَ : وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ وَهِيَ عِظَامٌ تَلُوحُ ، فَوَقَفَ
[ ص: 274 ] يَنْظُرُ فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=259أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا " فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ .
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ عَمَّنْ قَالَ : كَانَ خُرُوجُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مِنْ دِيَارِهِمْ فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ .
5609 - حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنِ
الْأَشْعَثِ ، عَنِ
الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ " قَالَ : خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ ، فَأَمَاتَهُمْ قَبْلَ آجَالِهِمْ ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِلَى آجَالِهِمْ .
5610 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ
الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ " قَالَ : فَرُّوا مِنَ الطَّاعُونِ ، فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ : " مُوتُوا " ! ثُمَّ أَحْيَاهُمْ لِيُكْمِلُوا بَقِيَّةَ آجَالِهِمْ .
5611 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ " قَالَ : وَقَعَ الطَّاعُونُ فِي قَرْيَتِهِمْ ، فَخَرَجَ أُنَاسٌ وَبَقِيَ أُنَاسٌ ، فَهَلَكَ الَّذِينَ بَقُوا فِي الْقَرْيَةِ ، وَبَقِيَ الْآخَرُونَ . ثُمَّ وَقَعَ الطَّاعُونُ فِي قَرْيَتِهِمُ الثَّانِيَةِ ، فَخَرَجَ أُنَاسٌ وَبَقِيَ أُنَاسٌ ، وَمَنْ خَرَجَ أَكْثَرُ مِمَّنْ بَقِيَ . فَنَجَّى اللَّهُ الَّذِينَ خَرَجُوا ، وَهَلَكَ الَّذِينَ بَقُوا . فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ خَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ وَدَوَابَّهُمْ ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ [ وَقَدْ أَنْكَرُوا قَرْيَتَهُمْ ، وَمَنْ تَرَكُوا ] . وَكَثُرُوا بِهَا ، حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : مَنْ أَنْتُمْ؟
[ ص: 275 ] 5612 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ : وَقَعَ الطَّاعُونُ فِي قَرْيَتِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ
أَبِي عَاصِمٍ .
5613 - حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُوَيْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ " الْآيَةَ ، مَقَتَهُمُ اللَّهُ عَلَى فِرَارِهِمْ مِنَ الْمَوْتِ ، فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ عُقُوبَةً ، ثُمَّ بَعَثَهُمْ إِلَى بَقِيَّةِ آجَالِهِمْ لِيَسْتَوْفُوهَا ، وَلَوْ كَانَتْ آجَالُ الْقَوْمِ جَاءَتْ مَا بُعِثُوا بَعْدَ مَوْتِهِمْ .
5614 - حُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
حُصَيْنٍ ، عَنْ
هِلَالِ بْنِ يِسَافٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا " الْآيَةَ ، قَالَ : هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، كَانَ إِذَا وَقَعَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ خَرَجَ أَغْنِيَاؤُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ ، وَأَقَامَ فُقَرَاؤُهُمْ وَسِفْلَتُهُمْ . قَالَ : فَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ عَلَى الْمُقِيمِينَ مِنْهُمْ ، وَنَجَا مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ . فَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا : لَوْ أَقَمْنَا كَمَا أَقَامَ هَؤُلَاءِ ، لَهَلَكْنَا كَمَا هَلَكُوا ! وَقَالَ الْمُقِيمُونَ : لَوْ ظَعَنَّا كَمَا ظَعَنَ هَؤُلَاءِ ، لَنَجَوْنَا كَمَا نَجَوْا ! فَظَعَنُوا جَمِيعًا فِي عَامٍ وَاحِدٍ ، أَغْنِيَاؤُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ وَفُقَرَاؤُهُمْ وَسِفْلَتُهُمْ . فَأُرْسِلَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتُ فَصَارُوا عِظَامًا تَبْرُقُ . قَالَ : فَجَاءَهُمْ أَهْلُ الْقُرَى فَجَمَعُوهُمْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ ، فَمَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ فَقَالَ : يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَحْيَيْتَ هَؤُلَاءِ فَعَمَّرُوا بِلَادَكَ وَعَبَدُوكَ! قَالَ : أَوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَفْعَلَ؟ قَالَ نَعَمْ! قَالَ : فَقُلْ : كَذَا وَكَذَا ، فَتَكَلَّمْ بِهِ ، فَنَظَرَ إِلَى الْعِظَامِ ، وَإِنَّ الْعَظْمَ لَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ الْعَظْمِ الَّذِي لَيْسَ مِنْهُ إِلَى الْعَظْمِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ . ثُمَّ تَكَلَّمَ بِمَا أُمِرَ ، فَإِذَا الْعِظَامُ تُكْسَى لَحْمًا . ثُمَّ أُمِرَ بِأَمْرٍ فَتَكَلَّمَ بِهِ ، فَإِذَا هُمْ قُعُودٌ يُسَبِّحُونَ وَيُكَبِّرُونَ . ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
[ ص: 276 ] 5615 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15986سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ
حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنِ
الْحَسَنِ : أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِينَ أَمَاتَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ قَالَ : هُمْ قَوْمٌ فَرُّوا مِنَ الطَّاعُونِ ، فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ عُقُوبَةً وَمَقْتًا ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ لِآجَالِهِمْ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : " وَهُمْ أُلُوفٌ " بِالصَّوَابِ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : " عَنَى بِالْأُلُوفِ كَثْرَةَ الْعَدَدِ " دُونَ قَوْلِ مَنْ قَالَ : " عَنَى بِهِ الِائْتِلَافَ " بِمَعْنَى ائْتِلَافِ قُلُوبِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ مِنْ غَيْرِ افْتِرَاقٍ كَانَ مِنْهُمْ وَلَا تَبَاغُضٍ ، وَلَكِنْ فِرَارًا : إِمَّا مِنَ الْجِهَادِ ، وَإِمَّا مِنَ الطَّاعُونِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ ، وَلَا يُعَارَضُ بِالْقَوْلِ الشَّاذِّ مَا اسْتَفَاضَ بِهِ الْقَوْلُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ .
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ - فِي مَبْلَغِ عَدَدِ الْقَوْمِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ خُرُوجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ - بِالصَّوَابِ ، قَوْلُ مَنْ حَدَّ عَدَدَهُمْ بِزِيَادَةٍ عَنْ عَشَرَةِ آلَافٍ ، دُونَ مَنْ حَدَّهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ ، وَثَلَاثَةِ آلَافٍ ، وَثَمَانِيَةِ آلَافٍ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا أُلُوفًا ، وَمَا دُونَ الْعَشَرَةِ آلَافٍ لَا يُقَالُ لَهُمْ : " أُلُوفٌ " . وَإِنَّمَا يُقَالُ " هُمْ آلَافٌ " إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَصَاعِدًا إِلَى الْعَشَرَةِ آلَافٍ . وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ : هُمْ خَمْسَةُ أُلُوفٍ ، أَوْ عَشَرَةُ أُلُوفٍ .
وَإِنَّمَا جُمِعُ قَلِيلُهُ عَلَى " أَفْعَالٍ " وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى " أَفْعُلٍ " مِثْلَ سَائِرِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ الَّذِي يَكُونُ ثَانِي مُفْرَدِهِ سَاكِنًا لِلْأَلِفِ الَّتِي فِي أَوَّلِهِ . وَشَأْنُ الْعَرَبِ فِي كُلِّ
[ ص: 277 ] حَرْفٍ كَانَ أَوَّلُهُ يَاءً أَوْ وَاوًا أَوْ أَلِفًا ، اخْتِيَارُ جَمْعِ قَلِيلِهِ عَلَى أَفْعَالٍ ، كَمَا جَمَعُوا " الْوَقْتَ " " أَوْقَاتًا " وَ " الْيَوْمَ " " أَيَّامًا " وَ " الْيُسْرَ " وَ " أَيْسَارًا " لِلْوَاوِ وَالْيَاءِ اللَّتَيْنِ فِي أَوَّلِ ذَلِكَ . وَقَدْ يُجْمَعُ ذَلِكَ أَحْيَانًا عَلَى " أَفْعُلٍ " إِلَّا أَنَّ الْفَصِيحَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا ذَكَرْنَا ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
كَانُوا ثَلَاثَةَ آلُفٍ وَكَتِيبَةً أَلْفَيْنِ أَعْجَمَ مِنْ بَنِي الْفَدَّامِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " حَذَرَ الْمَوْتِ " فَإِنَّهُ يَعْنِي : أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ حَذَرِ الْمَوْتِ ، فِرَارًا مِنْهُ . كَمَا : -
5616 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ :
[ ص: 278 ] حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : " حَذَرَ الْمَوْتِ " فِرَارًا مِنْ عَدُوِّهِمْ ، حَتَّى ذَاقُوا الْمَوْتَ الَّذِي فَرُّوا مِنْهُ . فَأَمَرَهُمْ فَرَجَعُوا ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 246 ] .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا حَثَّ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - عِبَادَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ ، وَالصَّبْرِ عَلَى قِتَالِ أَعْدَاءِ دِينِهِ . وَشَجَّعَهُمْ بِإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ وَتَذْكِيرِهِ لَهُمْ ، أَنَّ الْإِمَاتَةَ وَالْإِحْيَاءَ بِيَدَيْهِ وَإِلَيْهِ ، دُونَ خَلْقِهِ وَأَنَّ الْفِرَارَ مِنَ الْقِتَالِ وَالْهَرَبَ مِنَ الْجِهَادِ وَلِقَاءِ الْأَعْدَاءِ ، إِلَى التَّحَصُّنِ فِي الْحُصُونِ ، وَالِاخْتِبَاءِ فِي الْمَنَازِلِ وَالدُّورِ ، غَيْرُ مُنْجٍ أَحَدًا مِنْ قَضَائِهِ إِذَا حَلَّ بِسَاحَتِهِ ، وَلَا دَافِعٌ عَنْهُ أَسْبَابَ مَنِيَّتِهِ إِذَا نَزَلَ بِعَقْوَتِهِ ، كَمَا لَمْ يَنْفَعِ الْهَارِبِينَ مِنَ الطَّاعُونِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - صِفَتَهُمْ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ " فِرَارُهُمْ مِنْ أَوْطَانِهِمْ ، وَانْتِقَالُهُمْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَّلُوا بِالْمَصِيرِ إِلَيْهِ السَّلَامَةَ ، وَبِالْمَوْئِلِ النَّجَاةَ مِنَ الْمَنِيَّةِ ، حَتَّى أَتَاهُمْ أَمْرُ اللَّهِ ، فَتَرَكَهُمْ جَمِيعًا خُمُودًا صَرْعَى ، وَفِي الْأَرْضِ هَلْكَى ، وَنَجَا مِمَّا حَلَّ بِهِمُ الَّذِينَ بَاشَرُوا كَرْبَ الْوَبَاءِ ، وَخَالَطُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَظِيمَ الْبَلَاءِ .