القول في ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون )
قال تأويل قوله : ( أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - ب " الخبيث " : الرديء ، غير الجيد ، يقول : لا تعمدوا الرديء من أموالكم في صدقاتكم فتصدقوا منه ، ولكن تصدقوا من الطيب الجيد .
وذلك أن هذه الآية نزلت في سبب رجل من الأنصار علق قنوا من حشف - في الموضع الذي كان المسلمون يعلقون صدقة ثمارهم - صدقة من تمره .
ذكر من قال ذلك :
6139 - حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي قال : حدثنا أبي ، عن أسباط ، عن عن السدي ، عدي بن ثابت ، عن في قول الله عز وجل : " البراء بن عازب يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض [ ص: 560 ] " إلى قوله : " والله غني حميد " قال : نزلت في الأنصار ، كانت الأنصار إذا كان أيام جذاذ النخل أخرجت من حيطانها أقناء البسر ، فعلقوه على حبل بين الأسطوانتين في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأكل فقراء المهاجرين منه . فيعمد الرجل منهم إلى الحشف فيدخله مع أقناء البسر ، يظن أن ذلك جائز .
فأنزل الله - عز وجل - فيمن فعل ذلك : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " قال لا تيمموا الحشف منه تنفقون .
6140 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، زعم عن السدي ، عدي بن ثابت ، عن بنحوه ، إلا أنه قال : فكان يعمد بعضهم ، فيدخل قنو الحشف ويظن أنه جائز عنه في كثرة ما يوضع من الأقناء ، فنزل فيمن فعل ذلك : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " القنو الذي قد حشف ، ولو أهدي إليكم ما قبلتموه . البراء بن عازب
6141 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن عن السدي ، أبي مالك ، عن قال : كانوا يجيئون في الصدقة بأردإ [ ص: 561 ] تمرهم وأردإ طعامهم ، فنزلت : " البراء بن عازب يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم " الآية .
6142 - حدثني عصام بن رواد قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني قال : سألت عليا عن قول الله : " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " قال : فقال علي : نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة ، كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه ، فيعزل الجيد ناحية . فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه من الرديء ، فقال عز وجل : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " .
6143 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثني عبد الجليل بن حميد اليحصبي ، أن ابن شهاب حدثه ، قال : حدثني في الآية التي قال الله - عز وجل - : " أبو أمامة بن سهل بن حنيف ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " قال : هو الجعرور ، ولون حبيق ، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخذ في الصدقة . [ ص: 562 ]
6144 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " قال : كانوا يتصدقون - يعني من النخل - بحشفه وشراره ، فنهوا عن ذلك ، وأمروا أن يتصدقوا بطيبه .
6145 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم " إلى قوله : " واعلموا أن الله غني حميد " ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان على عهد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فيعمد إلى أردئهما تمرا فيتصدق به ، ويخلط فيه من الحشف ، فعاب الله ذلك عليهم ونهاهم عنه .
6146 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " قال : تعمد إلى رذالة مالك فتصدق به ، ولست بآخذه إلا أن تغمض فيه .
6147 - حدثنا ابن قال : حدثنا أبي ، عن وكيع يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن قال : كان الرجل يتصدق برذالة ماله ، فنزلت : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " .
6148 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال : أخبرنا ابن جريج عبد الله بن كثير : أنه سمع يقول : " مجاهدا ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " قال : في الأقناء التي تعلق ، فرأى فيها حشفا ، فقال : [ ص: 563 ] ما هذا ؟ . قال : سمعت ابن جريج عطاء يقول : بالمدينة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما هذا ؟ بئسما علق هذا ! ! فنزلت : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " . علق إنسان حشفا في الأقناء التي تعلق
وقال آخرون : معنى ذلك : ولا تيمموا الخبيث من الحرام منه تنفقون وتدعوا أن تنفقوا الحلال الطيب .
ذكر من قال ذلك :
6149 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد - وسألته عن قول الله عز وجل : " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " - قال : الخبيث : الحرام ، لا تتيممه تنفق منه ، فإن الله عز وجل لا يقبله .
قال أبو جعفر : وتأويل الآية هو التأويل الذي حكيناه عمن حكينا [ عنه ] من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ لصحة إسناده ] ، واتفاق أهل التأويل في ذلك دون الذي قاله ابن زيد .