القول في تأويل قوله تعالى ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وأحل الله البيع وحرم الربا ( 275 ) )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - : وأحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع " وحرم الربا " يعني الزيادة التي يزاد رب المال بسبب زيادته غريمه في الأجل ، وتأخيره دينه عليه . يقول - عز وجل - : فليست الزيادتان - اللتان إحداهما من وجه البيع والأخرى من وجه تأخير المال والزيادة في الأجل - سواء . وذلك أني حرمت إحدى الزيادتين وهي التي من وجه تأخير المال والزيادة في الأجل وأحللت الأخرى منهما ، وهي التي من وجه الزيادة على رأس المال الذي ابتاع به البائع سلعته التي يبيعها ، فيستفضل فضلها . فقال الله - عز وجل - : ليست الزيادة من وجه البيع نظير الزيادة من وجه الربا ؛ لأني أحللت البيع ، وحرمت الربا ، والأمر أمري والخلق خلقي ، أقضي فيهم ما أشاء ، وأستعبدهم بما أريد ، ليس لأحد منهم أن يعترض في حكمي ، ولا أن يخالف أمري ، وإنما عليهم طاعتي والتسليم لحكمي . [ ص: 14 ]
ثم قال - جل ثناؤه - : " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى " يعني ب " الموعظة " التذكير والتخويف الذي ذكرهم وخوفهم به في آي القرآن ، يقول - جل ثناؤه - : فمن جاءه ذلك " فانتهى " عن أكل الربا وارتدع عن العمل به وانزجر عنه " فله ما سلف " يعني : ما أكل ، وأخذ فمضى قبل مجيء الموعظة والتحريم من ربه في ذلك " وأوعدهم على أكلهم الربا من العقاب . وأمره إلى الله " يعني : وأمر آكله - بعد مجيئه الموعظة من ربه والتحريم وبعد انتهاء آكله عن أكله - إلى الله في عصمته وتوفيقه ، إن شاء عصمه عن أكله وثبته في انتهائه عنه ، وإن شاء خذله عن ذلك " ومن عاد " يقول : ومن عاد لأكل الربا بعد التحريم ، وقال ما كان يقوله قبل مجيء الموعظة من الله بالتحريم من قوله : " إنما البيع مثل الربا " فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني : ففاعلو ذلك وقائلوه هم أهل النار ، يعني نار جهنم ، فيها خالدون .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
6250 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن : " السدي فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله " أما " الموعظة " فالقرآن ، وأما " ما سلف " فله ما أكل من الربا .