[ ص: 281 ] القول في وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : " وقل " يا محمد ، للذين أوتوا الكتاب " من اليهود والنصارى " والأميين " الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب " أأسلمتم " يقول : قل لهم : هل أفردتم التوحيد وأخلصتم العبادة والألوهة لرب العالمين ، دون سائر الأنداد والأشراك التي تشركونها معه في عبادتكم إياهم وإقراركم بربوبيتهم ، وأنتم تعلمون أنه لا رب غيره ولا إله سواه " فإن أسلموا " يقول : فإن انقادوا لإفراد الوحدانية لله وإخلاص العبادة والألوهة له " فقد اهتدوا " يعني : فقد أصابوا سبيل الحق ، وسلكوا محجة الرشد .
فإن قال قائل : وكيف قيل : " فإن أسلموا فقد اهتدوا " عقيب الاستفهام ؟ وهل يجوز على هذا في الكلام أن يقال لرجل : " هل تقوم ؟ فإن تقم أكرمك " ؟
قيل : ذلك جائز ، إذا كان الكلام مرادا به الأمر ، وإن خرج مخرج الاستفهام ، كما قال - جل ثناؤه - : ( ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) [ سورة المائدة : 91 ] ، يعني : انتهوا ، وكما قال - جل ثناؤه - مخبرا عن الحواريين أنهم قالوا لعيسى : ( يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ) [ سورة المائدة : 112 ] ، وإنما هو مسألة ، كما يقول الرجل : " هل أنت [ ص: 282 ] كاف عنا " ؟ بمعنى : اكفف عنا ، وكما يقول الرجل للرجل : " أين ، أين " ؟ بمعنى : أقم فلا تبرح ، ولذلك جوزي في الاستفهام كما جوزي في الأمر في قراءة عبد الله : ( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم آمنوا ) [ سورة الصف : 10 ، 11 ] ، ففسرها بالأمر ، وهي في قراءتنا على الخبر . فالمجازاة في قراءتنا على قوله : " هل أدلكم " وفي قراءة عبد الله على قوله : " آمنوا " على الأمر ، لأنه هو التفسير .
وبنحو معنى ما قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل :
6774 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين " الذين لا كتاب لهم " أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا " الآية .
6775 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن قال قال ابن جريج ابن عباس : " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين " قال : الأميون الذين لا يكتبون .