قال أبو جعفر : يعني بذلك : قال الله - جل ثناؤه - لزكريا : يا زكريا ، " آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا " بغير خرس ولا عاهة ولا مرض ، " واذكر ربك كثيرا " فإنك لا تمنع ذكره ، ولا يحال بينك وبين تسبيحه وغير ذلك من ذكره ، وقد : - [ ص: 391 ]
7023 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب قال : لو كان الله رخص لأحد في ترك الذكر ، لرخص لزكريا حيث قال : " آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا " أيضا .
وأما قوله : " وسبح بالعشي " فإنه يعني : عظم ربك بعبادته بالعشي .
و " العشي " من حين تزول الشمس إلى أن تغيب ، كما قال الشاعر :
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ، و لا الفيء من برد العشي تذوق
فالفيء ، إنما تبتدئ أوبته عند زوال الشمس ، ويتناهى بمغيبها . [ ص: 392 ]
وأما " الإبكار " فإنه مصدر من قول القائل : " أبكر فلان في حاجة فهو يبكر إبكارا " وذلك إذا خرج فيها من بين مطلع الفجر إلى وقت الضحى ، فذلك " إبكار " . يقال فيه : " أبكر فلان " و " بكر يبكر بكورا " . فمن " الإبكار " قول عمر بن أبي ربيعة :
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر
ومن " البكور " قول جرير :
ألا بكرت سلمى فجد بكورها وشق العصا بعد اجتماع أميرها
ويقال من ذلك : " بكر النخل يبكر بكورا وأبكر يبكر إبكارا " و " الباكور " من الفواكه : أولها إدراكا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
7024 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وسبح بالعشي والإبكار " قال : [ ص: 393 ] الإبكار أول الفجر ، والعشي ميل الشمس حتى تغيب .
7025 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .