( كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب ( 30 ) .
كذلك أرسلناك في أمة ) كما أرسلنا الأنبياء إلى الأمم أرسلناك إلى هذه الأمة ( قد خلت ) مضت ( قوله عز وجل ( من قبلها أمم لتتلو ) لتقرأ ( عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن ) .
قال قتادة ، ومقاتل ، : الآية مدنية نزلت في صلح الحديبية ، وذلك أن وابن جريج لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم واتفقوا على أن يكتبوا كتاب الصلح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو لعلي رضي الله عنه : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم . قالوا : لا نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - اكتب كما كنت تكتب : " باسمك اللهم " ، فهذا معنى قوله : ( وهم يكفرون بالرحمن ) .
والمعروف أن الآية مكية ، وسبب نزولها : أن أبا جهل سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الحجر يدعو يا الله ، يا رحمن ، فرجع إلى المشركين فقال : إن محمدا يدعو إلهين; يدعو الله ، ويدعو إلها آخر يسمى الرحمن ، ولا نعرف الرحمن إلا رحمان اليمامة فنزلت هذه الآية ، ونزل قوله تعالى : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) ( الإسراء - 110 ) .
وروى الضحاك ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنها نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : اسجدوا للرحمن ، قالوا : وما الرحمن ؟ قال الله تعالى : ( قل ) لهم يامحمد إن الرحمن الذي أنكرتم معرفته ( هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت ) اعتمدت ( وإليه متاب ) أي : توبتي ومرجعي . [ ص: 319 ]