الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1474 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما nindex.php?page=hadith&LINKID=651448أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=33144_3405_24737لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك
قوله : ( لبيك ) هو لفظ مثنى عند nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ومن تبعه . وقال يونس : هو اسم مفرد ، وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير كلدي وعلي . ورد بأنها قلبت ياء مع المظهر . وعن الفراء : هو منصوب على المصدر ، وأصله لبا لك ، فثني على التأكيد ، أي إلبابا بعد إلباب ، وهذه التثنية ليست حقيقية ، بل هي للتكثير أو المبالغة ، ومعناه إجابة بعد إجابة أو إجابة لازمة . قال ابن الأنباري : ومثله حنانيك ، أي تحننا بعد تحنن . وقيل : معنى لبيك اتجاهي وقصدي إليك ، مأخوذ من قولهم : داري تلب دارك أي تواجهها . وقيل : معناه محبتي لك مأخوذ من قولهم : امرأة لبة أي محبة . وقيل : إخلاصي لك من قولهم : حب لباب ؛ أي خالص . وقيل : أنا مقيم على طاعتك من قولهم : لب الرجل بالمكان إذا أقام . وقيل : قربا منك من الإلباب ، وهو القرب . وقيل : خاضعا لك . والأول أظهر وأشهر ، لأن المحرم مستجيب لدعاء الله إياه في حج بيته ، ولهذا من دعا فقال : لبيك فقد استجاب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : قال جماعة من أهل العلم nindex.php?page=treesubj&link=3402معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج . انتهى . وهذا أخرجه عبد بن حميد ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم بأسانيدهم في تفاسيرهم عن ابن عباس ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وعكرمة ، وقتادة وغير واحد ، والأسانيد إليهم قوية ، وأقوى ما فيه عن ابن عباس ما أخرجه أحمد بن منيع في مسنده ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عنه ، قال : لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له : أذن في الناس بالحج ، قال : رب وما يبلغ صوتي ؟ قال : أذن وعلي البلاغ . قال : فنادى إبراهيم : يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق ، فسمعه من بين السماء والأرض ، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون . ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، وفيه : فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال ، وأرحام النساء . وأول من أجابه أهل اليمن ، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ . قال ابن المنير في الحاشية : وفي nindex.php?page=treesubj&link=3404مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى .
قوله : ( إن الحمد ) روي بكسر الهمزة على الاستئناف وبفتحها على التعليل ، والكسر أجود عند الجمهور ، وقال ثعلب لأن من كسر جعل معناه : إن الحمد لك على كل حال ، ومن فتح قال معناه : لبيك لهذا السبب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : لهج العامة بالفتح ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : المعنى عندي واحد لأن من فتح أراد لبيك ، لأن الحمد لك على كل حال ، وتعقب بأن التقييد ليس في الحمد ، وإنما هو في التلبية . قال ابن دقيق العيد : الكسر أجود لأنه يقتضي أن تكون الإجابة مطلقة غير معللة ، وأن [ ص: 479 ] الحمد والنعمة لله على كل حال ، والفتح يدل على التعليل ، فكأنه يقول : أجبتك لهذا السبب ، والأول أعم فهو أكثر فائدة . ولما حكى الرافعي الوجهين من غير ترجيح رجح النووي الكسر ، وهذا خلاف ما نقله nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي اختار الفتح ، وأن أبا حنيفة اختار الكسر .
قوله : ( والنعمة لك ) المشهور فيه النصب ، قال عياض : ويجوز الرفع على الابتداء ، ويكون الخبر محذوفا ، والتقدير : أن الحمد لك والنعمة مستقرة لك ، قاله ابن الأنباري . وقال ابن المنير في الحاشية : قرن الحمد والنعمة ، وأفرد الملك ، لأن الحمد متعلق النعمة ، ولهذا يقال : الحمد لله على نعمه ، فجمع بينهما ، كأنه قال : لا حمد إلا لك ، لأنه لا نعمة إلا لك ، وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله صاحب الملك .
قوله : ( والملك ) بالنصب أيضا على المشهور ، ويجوز الرفع ، وتقديره والملك كذلك . ووقع عند مسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن نافع وغيره عن ابن عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502704كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوت به راحلته عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال : لبيك . . . الحديث . وللمصنف في اللباس من طريق الزهري ، عن سالم ، عن أبيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502705سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا يقول : لبيك اللهم لبيك . . . الحديث . وقال في آخره : " لا يزيد على هذه الكلمات " زاد مسلم من هذا الوجه : " قال ابن عمر : كان عمر يهل بهذا ويزيد : لبيك اللهم لبيك وسعديك والخير في يديك والرغباء إليك والعمل . وهذا القدر في رواية مالك أيضا عنده ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يزيد فيها ، فذكر نحوه ، فعرف أن ابن عمر اقتدى في ذلك بأبيه ، وأخرج ابن أبي شيبة من طريق المسور بن مخرمة ، قال : " كانت تلبية عمر " . فذكر مثل المرفوع ، وزاد : لبيك مرغوبا ومرهوبا إليك ذا النعماء والفضل الحسن . واستدل به على استحباب الزيادة على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : بعد أن أخرجه من حديث ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وجابر ، وعمرو بن معد يكرب : أجمع المسلمون جميعا على هذه التلبية ، غير أن قوما قالوا : لا بأس أن يزيد فيها من الذكر لله ما أحب ، وهو قول محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، واحتجوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يعني الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502706كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك إله الحق لبيك . وبزيادة ابن عمر المذكورة ، وخالفهم آخرون ، فقالوا : لا ينبغي أن يزاد على ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس كما في حديث عمرو بن معد يكرب ، ثم فعله هو ولم يقل لبوا بما شئتم مما هو من جنس هذا ، بل علمهم كما علمهم التكبير في الصلاة ، فكذا لا ينبغي أن يتعدى في ذلك شيئا مما علمه . ثم أخرج حديث nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه أنه سمع رجلا يقول : لبيك ذا المعارج ، فقال : إنه لذو المعارج ، وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال فهذا سعد قد كره nindex.php?page=treesubj&link=3405الزيادة في التلبية ، وبه نأخذ . انتهى . ويدل على الجواز ما وقع عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود قال : كان من nindex.php?page=treesubj&link=25310تلبية النبي صلى الله عليه وسلم . فذكره ، ففيه دلالة على أنه قد كان يلبي بغير ذلك ، وما تقدم عن عمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور من طريق الأسود بن يزيد أنه كان يقول : لبيك غفار الذنوب . وفي حديث جابر الطويل في صفة الحج : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502707حتى استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد : لبيك اللهم لبيك [ ص: 480 ] إلخ " . قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502708وأهل الناس بهذا الذي يهلون به ، فلم يرد عليهم شيئا منه ، ولزم تلبيته ، وأخرجه أبو داود من الوجه الذي أخرجه منه مسلم ، قال : والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : " ذا المعارج وذا الفواضل " . وهذا يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=3405الاقتصار على التلبية المرفوعة أفضل لمداومته هو صلى الله عليه وسلم عليها ، وأنه لا بأس بالزيادة لكونه لم يردها عليهم وأقرهم عليها ، وهو قول الجمهور وبه صرح أشهب ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، عن مالك الكراهة ، قال : وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقال الشيخ أبو حامد : حكى أهل العراق عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يعني في القديم ، أنه كره الزيادة على المرفوع ، وغلطوا ، بل لا يكره ولا يستحب . وحكى الترمذي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال . فإن زاد في التلبية شيئا من تعظيم الله فلا بأس ، وأحب إلي أن يقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن ابن عمر حفظ التلبية عنه ، ثم زاد من قبله زيادة . ونصب nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي الخلاف بين أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، فقال : الاقتصار على المرفوع أحب ، ولا ضيق أن يزيد عليها . قال : وقال أبو حنيفة : إن زاد فحسن . وحكى في " المعرفة " عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال : ولا ضيق على أحد في قول ما جاء عن ابن عمر وغيره من تعظيم الله ودعائه ، غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك . انتهى . وهذا أعدل الوجوه ، فيفرد ما جاء مرفوعا ، وإذا اختار قول ما جاء موقوفا أو أنشأه هو من قبل نفسه مما يليق قاله على انفراده حتى لا يختلط بالمرفوع . وهو شبيه بحال الدعاء في التشهد ، فإنه قال فيه : ثم ليتخير من المسألة والثناء ما شاء : أي بعد أن يفرغ من المرفوع كما تقدم ذلك في موضعه .
( تكميل ) : لم يتعرض المصنف nindex.php?page=treesubj&link=3404لحكم التلبية ، وفيها مذاهب أربعة يمكن توصيلها إلى عشرة : الأول أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد . ثانيها : واجبة ويجب بتركها دم ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، عن ابن أبي هريرة من الشافعية ، وقال : إنه وجد nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي نصا يدل عليه ، وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية ، nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي ، عن مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، وأغرب النووي فحكى عن مالك أنها سنة ويجب بتركها دم ، ولا يعرف ذلك عندهم إلا أن ابن الجلاب قال : التلبية في الحج مسنونة غير مفروضة ، وقال ابن التين : يريد أنها ليست من أركان الحج ، وإلا فهي واجبة ، ولذلك يجب بتركها الدم ، ولو لم تكن واجبة لم يجب ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي أنه يجب عندهم بترك تكرارها دم ، وهذا قدر زائد على أصل الوجوب . ثالثها : واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق ، وبهذا صدر ابن شاس من المالكية كلامه في " الجواهر " له ، وحكى صاحب " الهداية " من الحنفية مثله ، لكن زاد القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين ، وقال ابن المنذر : قال أصحاب الرأي : إن nindex.php?page=treesubj&link=3398كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم . رابعها : أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها . حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، عن الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، وابن حبيب من المالكية والزبيري من الشافعية ، وأهل الظاهر قالوا : هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة ، ويقويه ما تقدم من بحث ابن عبد السلام عن حقيقة الإحرام ، وهو قول عطاء ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه ، قال : التلبية فرض الحج ، وحكاه ابن المنذر ، عن ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، وعكرمة ، وحكى النووي ، عن داود أنه لا بد من رفع الصوت بها ، وهذا قدر زائد على أصل كونها ركنا .