الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2397 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار سمعت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال nindex.php?page=hadith&LINKID=652349أعتق رجل منا عبدا له عن دبر nindex.php?page=treesubj&link=7517فدعا النبي صلى الله عليه وسلم به فباعه قال جابر مات الغلام عام أول
[ ص: 197 ]
[ ص: 197 ] قوله : ( باب nindex.php?page=treesubj&link=7517بيع المدبر ) أي جوازه ، أو ما حكمه ؟ وقد تقدمت هذه الترجمة بعينها في كتاب البيوع ، وأورد هنا حديث جابر مختصرا جدا ، وقد تقدم شرحه مستوفى هناك .
قوله : ( أعتق رجل منا عبدا له ) لم يقع واحد منهما مسمى في شيء من طرق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقد قدمت في البيوع أن في رواية مسلم من طريق أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر " أن رجلا من الأنصار يقال له أبو مذكور أعتق غلاما له عن دبر يقال له : يعقوب " ففيه التعريف بكل منهما ، وله من رواية الليث عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير أن الرجل كان من بني عذرة ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي من طريق مجاهد عن جابر ، فلعله كان من بني عذرة وحالف الأنصار .
قوله : ( فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم ) حذف المفعول ، وفي رواية أيوب المذكورة " فدعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من يشتريه " أي الغلام .
قوله : ( فاشتراه نعيم بن عبد الله ) في رواية ابن المنكدر عن جابر كما مضى في الاستقراض " nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن النحام " وهو نعيم بن عبد الله المذكور ، والنحام بالنون والحاء المهملة الثقيلة عند الجمهور ، وضبطه ابن الكلبي بضم النون وتخفيف الحاء ، ومنعه الصغاني ، وهو لقب نعيم ، وظاهر الرواية أنه لقب أبيه ، قال النووي : وهو غلط لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=887862دخلت الجنة فسمعت فيها نحمة من نعيم ا هـ . وكذا قال ابن العربي وعياض وغير واحد ، لكن الحديث المذكور من رواية الواقدي وهو ضعيف ، ولا ترد الروايات الصحيحة بمثل هذا ، فلعل أباه أيضا كان يقال له النحام . والنحمة بفتح النون وإسكان المهملة : الصوت . وقيل : السعلة . وقيل : النحنحة . ونعيم المذكور هو ابن عبد الله بن أسيد بن عبد بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي ، وأسيد وعبيد وعويج في نسبه مفتوح أول كل منها ، قرشي عدوي أسلم قديما قبل عمر فكتم إسلامه ، وأراد الهجرة فسأله بنو عدي أن يقيم على أي دين شاء لأنه كان ينفق على أراملهم وأيتامهم ففعل ، ثم هاجر عام الحديبية ومعه أربعون من أهل بيته ، واستشهد في فتوح الشام زمن أبي بكر أو عمر . وروى الحارث في مسنده بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه صالحا ، وكان اسمه الذي يعرف به نعيما .
قوله : ( قال جابر مات الغلام عام أول ) يأتي في الأحكام من رواية حماد عن عمرو " سمعت جابرا يقول : عبدا قبطيا مات عام أول " زاد مسلم من طريق ابن عيينة عن عمرو " في إمارة ابن الزبير " وقد تقدم في " باب بيع المدبر " من البيوع نقل مذاهب الفقهاء في بيع المدبر ، وأن الجواز مطلقا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأهل الحديث ، وقد نقله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " المعرفة " عن أكثر الفقهاء ، وحكى النووي عن الجمهور مقابله . وعن الحنفية والمالكية أيضا تخصيص المنع بمن دبر تدبيرا مطلقا ، أما إذا قيده - كأن يقول : إن مت من مرضي هذا ففلان حر - فإنه يجوز بيعه لأنها كالوصية فيجوز الرجوع فيها ، وعن أحمد يمتنع بيع المدبرة دون المدبر ، وعن الليث يجوز بيعه إن شرط على المشتري عتقه ، وعن ابن سيرين لا يجوز بيعه إلا من نفسه ، ومال ابن دقيق العيد إلى تقييد الجواز بالحاجة فقال : من منع بيعه مطلقا كان الحديث حجة عليه لأن المنع الكلي [ ص: 198 ] يناقضه الجواز الجزئي . ومن أجازه في بعض الصور فله أن يقول : قلت بالحديث في الصورة التي ورد فيها ، فلا يلزمه القول به في غير ذلك من الصور .
وأجاب من أجازه مطلقا بأن قوله : " وكان محتاجا " لا مدخل له في الحكم ، وإنما ذكر لبيان السبب في المبادرة لبيعه ليتبين للسيد جواز البيع ، ولولا الحاجة لكان عدم البيع أولى . وأما من ادعى أنه إنما باع خدمته كما تقدمت حكايته في الباب المذكور فقد أجيب عنه بما تقدم ، وهو أنه لا تعارض بين الحديثين ، وبأن المخالفين لا يقولون بجواز بيع nindex.php?page=treesubj&link=7517خدمة المدبر ، وقد اتفقت طرق رواية nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن جابر أيضا على أن البيع وقع في حياة السيد ، إلا ما أخرجه الترمذي من طريق ابن عيينة عنه بلفظ " أن رجلا من الأنصار دبر غلاما له فمات ولم يترك مالا غيره " الحديث ، وقد أعله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأنه سمعه من ابن عيينة مرارا لم يذكر قوله : " فمات " ، وكذلك رواه الأئمة أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16604وابن المديني والحميدي nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة عن ابن عيينة ، ووجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي الرواية المذكورة بأن أصلها أن رجلا من الأنصار أعتق مملوكه إن حدث به حادث فمات ، فدعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فباعه من نعيم كذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق عن عمرو ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : فقوله فمات من بقية الشرط ، أي فمات من ذلك الحدث ، وليس إخبارا عن أن المدبر مات ، فحذف من رواية ابن عيينة قوله : " إن حدث به حدث " فوقع الغلط بسبب ذلك والله أعلم ا هـ .
وقد تقدم الجواب عما وقع من مثل ذلك في رواية عطاء عن جابر من طريق شريك عن سلمة بن كهيل في الباب المذكور والله أعلم .