الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب إذا قال الواقف لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز
2627 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث عن nindex.php?page=showalam&ids=11834أبي التياح عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=652571قال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=31134_25316_4312_23702_33611يا بني النجار ثامنوني بحائطكم قالوا لا نطلب ثمنه إلا إلى الله
[ ص: 477 ]
[ ص: 477 ] قوله : ( باب إذا وقف أرضا أو بئرا أو اشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين ) هذه الترجمة معقودة لمن nindex.php?page=treesubj&link=33609_4247يشترط لنفسه من وقفه منفعة ، وقد قيد بعض العلماء الجواز بما إذا كانت المنفعة عامة كما تقدم .
قوله : ( ووقف nindex.php?page=showalam&ids=16867أنس ) هو ابن مالك ( دارا فكان إذا قدم نزلها ) وصله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق الأنصاري " حدثني أبي عن ثمامة عن أنس أنه وقف دارا له بالمدينة فكان إذا حج مر بالمدينة فنزل داره " وهو موافق لما تقدم عن المالكية أنه يجوز أن يقف الدار ويستثني لنفسه منها بيتا .
قوله : ( وتصدق الزبير بدوره وقال للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها فإن استغنت بزوج فليس لها حق ) وصله الدارمي في مسنده من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه " أن الزبير جعل دوره صدقة على بنيه ، لا تباع ولا توهب ولا تورث ، وأن للمردودة من بناته " فذكر نحوه ، ووقع في بعض النسخ " من نسائه " وصوبها بعض المتأخرين فوهم فإن الواقع بخلافها ، وقوله غير مضرة ولا مضر بها بكسر الضاد الأولى وفتح الثانية .
قوله : ( وجعل ابن عمر نصيبه من دار عمر سكنى لذوي الحاجات من آل عبد الله بن عمر ) وصله ابن سعد بمعناه وفيه " أنه تصدق بداره محبوسة لا تباع ولا توهب " .
قوله : ( وقال عبدان إلخ ) كذا للجميع قال أبو نعيم ذكره عن عبدان بلا رواية ، وقد وصله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي وغيرهما من طريق القاسم بن محمد المروزي عن عبدان بتمامه ، وأبو إسحاق المذكور في إسناده هو السبيعي ، وأبو عبد الرحمن هو السلمي ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني تفرد بهذا الحديث عثمان والد عبدان عن شعبة ، وقد اختلف فيه على أبي إسحاق فرواه nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة عنه كهذه الرواية أخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ورواه عيسى بن يونس عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن عثمان أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا ، وتابعه أبو قطن عن يونس أخرجه أحمد . قلت : وتفرد عثمان والد عبدان لا يضره فإنه ثقة ، واتفاق شعبة nindex.php?page=showalam&ids=15941وزيد بن أبي أنيسة على روايته هكذا أرجح من انفراد يونس عن أبي إسحاق ، إلا أن آل الرجل أعرف به من غيرهم فيتعارض الترجيح فلعل لأبي إسحاق فيه إسنادين .
قوله : ( أن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ) أي ابن عفان .
قوله : ( حيث ) في رواية الكشميهني ( حين حوصر ) أي لما حاصره المصريون الذين أنكروا عليه [ ص: 478 ] تولية nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، والقصة مشهورة ، وقد وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة المذكورة قال : " لما حصر عثمان في داره واجتمع الناس قام فأشرف عليهم " الحديث .
قوله : ( أنشدكم الله ) في رواية الأحنف عن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي " أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هـو " زاد الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من رواية ثمامة بن حزن عن عثمان " أنشدكم الله والإسلام " .
قوله : ( من حفر رومة ) قال ابن بطال : هذا وهم من بعض رواته والمعروف أن عثمان اشتراها لا أنه حفرها . قلت : هو المشهور في الروايات فقد أخرجه الترمذي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق فقال فيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=888234 " هل تعلمون أن رومة لم يكن يشرب من مائها إلا بثمن " لكن لا يتعين الوهم فقد روى البغوي في " الصحابة " من طريق بشر بن بشير الأسلمي عن أبيه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=888235لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة وكان يبيع منها القربة بمد فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - تبيعنيها بعين في الجنة ؟ فقال : يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها ، فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم ، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أتجعل لي فيها ما جعلت له ؟ قال : نعم . قال : قد جعلتها للمسلمين وإن كانت أولا عينا فلا مانع أن يحفر فيها عثمان بئرا ولعل العين كانت تجري إلى بئر فوسعها وطواها فنسب حفرها إليه .
قوله : ( فصدقوه بما قال ) في رواية صعصعة بن معاوية التيمي قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=888236 " أرسل عثمان وهو محصور إلى علي وطلحة والزبير وغيرهم فقال : احضروا غدا ، فأشرف عليهم " فذكر الحديث بطوله أخرجه سيف في الفتوح ، nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس أن الذين صدقوه بذلك هم nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وطلحة والزبير nindex.php?page=showalam&ids=15973وسعد بن أبي وقاص ، وزاد الترمذي في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة أي عن أبي إسحاق في روايته nindex.php?page=hadith&LINKID=888237 " هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اثبت حراء ، فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ؟ قالوا : نعم " وسيأتي هذا من حديث أنس في مناقب عثمان إن شاء الله تعالى .
وفي رواية زيد أيضا ذكر رومة nindex.php?page=hadith&LINKID=888238 " لم يكن يشرب منها إلا بثمن ، فابتعتها فجعلتها للفقير والغني وابن السبيل " وزاد nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق الأحنف عن عثمان nindex.php?page=hadith&LINKID=888239 " فقال اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك " وزاد في روايته أيضا " وأشياء عددها " فمن تلك الأشياء ما وقع في رواية ثمامة بن حزن المذكورة nindex.php?page=hadith&LINKID=888240هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة ؟ فاشتريتها من صلب مالي ، فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ، ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=12418لإسحاق بن راهويه وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من طريق أبي سعيد مولى أبي أسيد عن عثمان في قصة مقتله مطولا ، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس عن عثمان nindex.php?page=hadith&LINKID=888241 " أنه اشتراها بعشرين ألفا أو بخمسة وعشرين ألفا " ، وزاد في ذكر جيش العسرة nindex.php?page=hadith&LINKID=888242 " فجهزتهم حتى لم يفقدوا عقالا ولا خطاما " nindex.php?page=showalam&ids=13948وللترمذي من حديث عبد الرحمن بن حباب السلمي أنه جهزهم بثلاثمائة بعير ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من حديث عبد الرحمن بن سمرة nindex.php?page=hadith&LINKID=888243 " أنه جاء بألف دينار في ثوبه فصبها في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جهز جيش العسرة فقال - صلى الله عليه وسلم - : ما على عثمان ما عمل به بعد اليوم " وأخرج أسد بن موسى في " فضائل الصحابة " من مرسل قتادة " حمل عثمان على ألف بعير وسبعين فرسا في العسرة " وعند أبي يعلى من وجه آخر [ ص: 479 ] ضعيف " فجاء عثمان بسبعمائة أوقية ذهب " وعند nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي بسند ضعيف جدا عن حذيفة nindex.php?page=hadith&LINKID=888244 " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان عثمان في جيش العسرة فجاء بعشرة آلاف دينار " ولعلها كانت عشرة آلاف درهم ، فتوافق رواية عبد الرحمن بن سمرة من صرف الدينار بعشرة دراهم . ومن تلك الأشياء ما وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عثمان عن أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=888245أنشد الله رجلا شهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بيعة الرضوان يقول هذه يد الله وهذه يد عثمان الحديث وسيأتي بيان ذلك في مناقب عثمان من حديث ابن عمر إن شاء الله تعالى .
ومنها ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طريق ثمامة بن حرب عن عثمان أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=888246 " هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجني ابنتيه واحدة بعد أخرى رضي بي ورضي عني ؟ قالوا : نعم " ومنها ما أخرجه ابن منده من طريق عبيد الحميري قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=888247 " أشرف عثمان فقال : يا طلحة أنشدك الله ، أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه ، فأخذ بيدي فقال : هذا جليسي في الدنيا والآخرة ؟ قال : نعم " nindex.php?page=showalam&ids=14070وللحاكم في " المستدرك " من طريق أسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=888248أن عثمان حين حصر قال لطلحة : أتذكر إذ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن عثمان رفيقي في الجنة ؟ قال : نعم وفي هذا الحديث من الفوائد مناقب ظاهرة لعثمان - رضي الله عنه - ، وفيها جواز nindex.php?page=treesubj&link=19134تحدث الرجل بمناقبه عند الاحتياج إلى ذلك لدفع مضرة أو تحصيل منفعة ، وإنما يكره ذلك عند المفاخرة والمكاثرة والعجب .
قوله : ( وقال عمر في وقفه ) تقدم شرحه مستوفى قبل ثلاثة أبواب ، وقد ادعى nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي وغيره أنه ليس في أحاديث الباب شيء يوافق ما ترجم به إلا أثر أنس ، وليس كذلك فإن جميع ما ذكره مطابق لها ، فأما قصة أنس فظاهرة في الترجمة ، وأما قصة الزبير فمن جهة أن البنت ربما كانت بكرا فطلقت قبل الدخول فتكون مؤنتها على أبيها فيلزمه إسكانها فإذا أسكنها في وقفه فكأنه اشترط على نفسه رفع كلفه . وأما قصة ابن عمر فتخرج على هذا المعنى لأن الآل يدخل فيهم الأولاد كبارهم وصغارهم . وأما قصة عثمان فأشار إلى ما ورد في بعض طرقه وهو قوله فيما أخرجه الترمذي من طريق ثمامة بن حزن قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=888249شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال : أنشدكم بالله وبالإسلام ، هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وليس فيها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال : من يشتري بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة ؟ فاشتريتها من صلب مالي الحديث وقد تقدم شيء من ذلك في كتاب الشرب . وأما قصة عمر فقد تقدم لها بخصوصها ، وقد تقدم توجيه ذلك قبل أبواب .
قوله : ( باب إذا nindex.php?page=treesubj&link=4345قال الواقف لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى ) أورد فيه حديث أنس في قول بني النجار " لا نطلب ثمنه إلا إلى الله " أورده مختصرا جدا ، وقد تقدم بسنده وزيادة في متنه قبل خمسة أبواب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : المعنى أنهم لم يبيعوه ثم جعلوه مسجدا ، إلا أن قول المالك : لا أطلب ثمنه إلا إلى الله لا يصيره وقفا ، [ ص: 480 ] وقد يقول الرجل هذا لعبد فلا يصير وقفا ويقوله للمدبر فيجوز بيعه ، وقال ابن المنير : مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن الوقف يصح بأي لفظ دل عليه إما بمجرده وإما بقرينة والله أعلم ، كذا قال ، وفي الجزم بأن هذا مراده نظر ، بل يحتمل أنه أراد أنه لا يصير بمجرد ذلك وقفا .