الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          112 حدثنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن أبي الجحاف عن عكرمة عن ابن عباس قال إنما الماء من الماء في الاحتلام قال أبو عيسى سمعت الجارود يقول سمعت وكيعا يقول لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك قال أبو عيسى وأبو الجحاف اسمه داود بن أبي عوف ويروى عن سفيان الثوري قال حدثنا أبو الجحاف وكان مرضيا قال أبو عيسى وفي الباب عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير وطلحة وأبي أيوب وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الماء من الماء [ ص: 310 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 310 ] قوله : ( عن أبي الجحاف ) بفتح الجيم وتثقيل المهملة وآخره فاء ، اسمه داود بن أبي عوف ، مشهور بكنيته صدوق شيعي ربما أخطأ كذا في التقريب ، وقال في الخلاصة : روى عن أبي حازم وعكرمة ، وعنه شريك والسفيانان ، وثقه أحمد وابن معين وقال النسائي : ليس به بأس ، قال ابن عدي : لا يحتج به . انتهى ، وقال في التهذيب : قال ابن معين يخطئ .

                                                                                                          قوله : ( إنما الماء من الماء في الاحتلام ) يعني أن حديث الماء بالماء محمول على صورة مخصوصة ، وهي ما يقع في المنام من رؤيا الجماع ، وهو تأويل يجمع بين الحديثين من غير تعارض ، قال التوربشتي قول ابن عباس : إنما الماء من الماء إلخ قاله من طريق التأويل والاحتمال ولو انتهى إليه الحديث بطوله لم يكن يئوله هذا التأويل . انتهى . قلت : أراد التوربشتي بالحديث بطوله حديث أبي سعيد الذي رواه مسلم وقد نقلناه من صحيحه في أول هذا الباب ، وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي : يمكن أن يقال إن قول ابن عباس هذا ليس تأويلا للحديث ، وإخراجا له بهذا التأويل من كونه منسوخا ، بل غرضه بيان حكم المسألة بعد العلم بكونه منسوخا ، وحاصله أن عمومه منسوخ فبقي الحكم في الاحتلام . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( سمعت الجارود ) أي الجارود بن معين السلمي الترمذي ثقة رمي بالإرجاء ، روى عن جرير وابن عيينة والوليد بن مسلم ، وعنه الترمذي والنسائي ووثقه توفي سنة 244 أربع وأربعين ومائتين .

                                                                                                          ( لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك ) هو ابن عبد الله الكوفي صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي الكوفة ، قال الحافظ في التلخيص إسناده لين لأنه من رواية شريك عن أبي الجحاف . انتهى .

                                                                                                          [ ص: 311 ] قوله : ( وفي الباب عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير وطلحة وأبي أيوب وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الماء من الماء ) لم أجد عندهم هذا الحديث بهذا اللفظ لكن أخرج البخاري في صحيحه من طريق زيد بن خالد الجهني أنه سأل عثمان بن عفان فقال : أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن . فقال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره ، وقال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب فأمروه بذلك ، وأخبرني أبو سلمة أن عروة بن الزبير أخبره أن أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الحافظ في الفتح : قد حكى الأثرم عن أحمد أن حديث زيد بن خالد هذا معلول لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث ، وقد حكى يعقوب بن أبي شيبة عن علي بن المديني أنه شاذ . والجواب عن ذلك أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحفظ رواته ، وقد روى ابن عيينة أيضا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار نحو رواية أبي سلمة عن عطاء ، أخرجه ابن أبي شيبة وغيره ، فليس هو فردا ، وأما كونهم أفتوا بخلافه فلا يقدح ذلك في صحته لاحتمال أنه ثبت عندهم ناسخه فذهبوا إليه ، وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية . انتهى كلامه .




                                                                                                          الخدمات العلمية