قال : فشجع الناس عبد الله بن رواحة ، وقال : يا قوم ، والله إن التي تكرهون ، للتي خرجتم تطلبون الشهادة ، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة . قال : فقال الناس : قد والله صدق ابن رواحة . فمضى الناس فقال عبد الله بن رواحة في محبسهم ذلك : [ ص: 376 ]
جلبنا الخيل من أجإ وفرع تغر من الحشيش لها العكوم حذوناها من الصوان سبتا
أزل كأن صفحته أديم أقامت ليلتين على معان
فأعقب بعد فترتها جموم فرحنا والجياد مسومات
تنفس في مناخرها السموم فلا وأبي مآب لنأتينها
وإن كانت بها عرب وروم فعبأنا أعنتها فجاءت
عوابس والغبار لها بريم بذي لجب كأن البيض فيه
إذا برزت قوانسها النجوم فراضية المعيشة طلقتها
أسنتها فتنكح أو تئيم
قال ابن هشام : ويروى : جلبنا الخيل من آجام قرح ، وقوله : فعبأنا أعنتها عن غير ابن إسحاق .
قال ابن إسحاق : ثم مضى الناس فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن ، قال : كنت يتيما زيد بن أرقم في حجره ، فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله ، فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه [ ص: 377 ] . لعبد الله بن رواحة
إذا أديتني وحملت رحلي مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك أنعم وخلاك ذم ولا أرجع إلى أهلي ورائي
وجاء المسلمون وغادروني بأرض الشام مشتهي الثواء
وردك كل ذي نسب قريب إلى الرحمن منقطع الإخاء
هنالك لا أبالي طلع بعل ولا نخل أسافلها رواء
فلما سمعتهن منه بكيت قال : فخفقني بالدرة ، وقال : ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل قال : ثم قال عبد الله بن رواحة في بعض سفره ذلك وهو يرتجز :
يا زيد زيد اليعملات الذبل تطاول الليل هديت فانزل