[ تخوف بجير على أخيه كعب ونصيحته له ]
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ، ممن كان يهجوه ويؤذيه ، وأن من بقي من شعراء قريش ، ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب ، قد هربوا في كل وجه ، فإن كانت لك في نفسك حاجة ، فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا ، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض ، وكان كعب بن زهير قد قال :
ألا أبلغا عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا ؟ فبين لنا إن كنت لست بفاعل
على أي شيء غير ذلك دلكا على خلق لم ألف يوما أبا له
عليه وما تلفي عليه أبا لكا فإن أنت لم تفعل فلست بآسف
ولا قائل إما عثرت : لعا لكا سقاك بها المأمون كأسا روية
فأنهلك المأمون منها وعلكا
قال ابن هشام : ويروى المأمور . وقوله فبين لنا : عن غير ابن إسحاق ، [ ص: 502 ] وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر وحديثه :
من مبلغ عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا
شربت مع المأمون كأسا روية فأنهلك المأمون منها وعلكا
وخالفت أسباب الهدى واتبعته على أي شيء ويب غيرك دلكا
على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ولا قائل إما عثرت : لعا لكا
قال : وبعث بها إلى بجير ، فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشده إياها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع سقاك بها المأمون : صدق وإنه لكذوب ، أنا المأمون . ولما سمع : على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه قال : أجل ، لم يلف عليه أباه ولا أمه . ثم قال بجير لكعب :
من مبلغ كعبا فهل لك في التي تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله ( لا العزى ولا اللات ) وحده فتنجو إذا كان النجاء وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه ودين أبي سلمى على محرم
قال ابن إسحاق : وإنما يقول كعب : المأمون ، ويقال : المأمور في قول ابن هشام لقول قريش الذي كانت تقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم .