قال ابن إسحاق : فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض ، وأشفق على نفسه ، [ ص: 503 ] وأرجف به من كان في حاضره من عدوه ، فقالوا : هو مقتول . فلما لم يجد من شيء بدا ؟ قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه ثم خرج حتى قدم المدينة ، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة . من جهينة ، كما ذكر لي ، فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الصبح ، فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أشار له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هذا رسول الله ، فقم إليه فاستأمنه .
فذكر لي أنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى جلس إليه ، فوضع يده في يده ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه ، فقال : يا رسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما ، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ؟ قال : أنا يا رسول الله كعب بن زهير
قال ابن إسحاق : فحدثني : أنه وثب عليه رجل من عاصم بن عمر بن قتادة الأنصار ، فقال : يا رسول الله ، دعني وعدو الله أضرب عنقه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال فغضب دعه عنك فإنه قد جاء تائبا ، نازعا ( عما كان عليه ) كعب على هذا الحي من الأنصار ، لما صنع به صاحبهم ، وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 504 ] :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
إلا أغن غضيض الطرف مكحول هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
لا يشتكى قصر منها ولا طول تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت
كأنه منهل بالراح معلول شجت بذي شيم من ماء محنية
صاف بأبطح أضحى وهو مشمول تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه
من صوب غادية بيض يعاليل