قال ابن معين   : بلغني أن شريكا  ،  والثوري  ، وإسرائيل  ،  وفضيل بن عياض  ، وغيرهم من فقهاء الكوفة  ولدوا بخراسان  ، كان يبعث بآبائهم في البعوث ، ويتسرى بعضهم ، ويتزوج بعضهم ، فلما قفلوا ، نقلوهم إلى الكوفة  ، ومسروق  جد الثوري  ، شهد الجمل مع علي   . أبو العيناء   : عن عبد الله بن خبيق  ، قال يوسف بن أسباط   : كان سفيان  إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم  . 
عبد الرحمن بن مهدي   : سمعت سفيان  يقول : ما بلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث قط إلا عملت به ، ولو مرة  . 
حاتم بن الوليد الكرماني   : سمعت يحيى بن أبي بكير  يقول : قيل  [ ص: 243 ]  لسفيان الثوري   : إلى متى تطلب الحديث ؟ قال : وأي خير أنا فيه خير من الحديث ، فأصير إليه ؟ إن الحديث خير علوم الدنيا  . 
 يحيى القطان   : سمعت سفيان  يقول : إن أقبح الرعية أن يطلب الدنيا بعمل الآخرة  . 
وقال عبد الرزاق   : دعا الثوري  بطعام ولحم ، فأكله ، ثم دعا بتمر وزبد فأكله ، ثم قام ، وقال : أحسن إلى الزنجي وكده  . 
أبو هشام الرفاعي   : سمعت يحيى بن يمان  ، عن سفيان  ، قال : إني لأرى الشيء يجب علي أن أتكلم فيه ، فلا أفعل ، فأبول دما  . 
ابن مهدي   : كنا مع الثوري  جلوسا بمكة  ، فوثب وقال : النهار يعمل عمله  . 
وعن سفيان   : ما وضع رجل يده في قصعة رجل إلا ذل له  .  أحمد بن يونس   : سمعت الثوري  ما لا أحصيه يقول : اللهم سلم سلم ، اللهم سلمنا ، وارزقنا العافية في الدنيا والآخرة  . 
قال يحيى بن يمان   : قال سفيان   : ما شيء أبغض إلي من صحبة قارئ ، ولا شيء أحب إلي من صحبة فتى  . أبو هشام   : حدثنا  وكيع   : سمعت سفيان  يقول : ليس الزهد بأكل الغليظ ، ولبس الخشن ، ولكنه قصر الأمل ، وارتقاب الموت  . يحيى بن يمان   : سمعت سفيان  يقول : المال داء هذه الأمة ، والعالم طبيب هذه الأمة ، فإذا جر العالم الداء إلى نفسه ، فمتى يبرئ الناس ؟  [ ص: 244 ] وعن سفيان  قال : ما نعلم شيئا أفضل من طلب العلم بنية  . الخريبي   : عن سفيان   : قال : احذر سخط الله في ثلاث : احذر أن تقصر فيما أمرك ، واحذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك ، وأن تطلب شيئا من الدنيا فلا تجده ، أن تسخط على ربك  . 
قال خالد بن نزار الأيلي   : قال سفيان   : الزهد زهدان : زهد فريضة ، وزهد نافلة . فالفرض : أن تدع الفخر والكبر والعلو ، والرياء والسمعة ، والتزين للناس . وأما زهد النافلة : فأن تدع ما أعطاك الله من الحلال ، فإذا تركت شيئا من ذلك ، صار فريضة عليك ألا تتركه إلا لله  . 
وقيل : إن عبد الصمد  عم المنصور  ، دخل على سفيان  يعوده ، فحول وجهه إلى الحائط ، ولم يرد السلام ، فقال عبد الصمد   : يا سيف ! أظن أبا عبد الله  نائما . قال : أحسب ذاك - أصلحك الله - فقال سفيان   : لا تكذب ، لست بنائم . فقال عبد الصمد   : يا أبا عبد الله   ! لك حاجة ؟ قال : نعم ، ثلاث حوائج : لا تعود إلي ثانية ، ولا تشهد جنازتي ، ولا تترحم علي . فخجل عبد الصمد  ، وقام ، فلما خرج ، قال : والله لقد هممت أن لا أخرج إلا ورأسه معي  . 
قال يوسف بن أسباط   : قال سفيان   : زينوا العلم والحديث بأنفسكم ، ولا تتزينوا به  . 
قال محمد بن سعد   : طلب سفيان  ، فخرج إلى مكة  ، فنفذ المهدي  إلى محمد بن إبراهيم   - وهو على مكة   - في طلبه ، فأعلم سفيان  بذلك ، وقال له محمد   : إن كنت تريد إتيان القوم ، فاظهر حتى أبعث بك إليهم ، وإلا فتوار . قال : فتوارى سفيان  ، وطلبه محمد  ، وأمر مناديا فنادى بمكة   : من جاء بسفيان  ، فله كذا وكذا ، فلم يزل متواريا بمكة  ، لا يظهر إلا لأهل العلم ، ومن لا يخافه  .  [ ص: 245 ] وعن أبي شهاب الحناط  قال : بعثت أخت سفيان  بجراب معي إلى سفيان  ، وهو بمكة  ، فيه كعك وخشكنان فقدمت ، فسألت عنه ، فقيل لي : ربما قعد عند الكعبة  مما يلي الحناطين ، فأتيته ، فوجدته مستلقيا ، فسلمت عليه ، فلم يسائلني تلك المساءلة ، ولم يسلم علي كما كنت أعرفه ، فقلت : إن أختك بعثت معي بجراب ، فاستوى جالسا ، وقال : عجل بها . فكلمته في ذلك . فقال : يا أبا شهاب   ! لا تلمني ، فلي ثلاثة أيام لم أذق فيها ذواقا ، فعذرته  . 
قال ابن سعد   : فلما خاف من الطلب بمكة  ، خرج إلى البصرة  ، ونزل قرب منزل يحيى بن سعيد  ، ثم حوله إلى جواره ، وفتح بينه وبينه بابا ، فكان يأتيه بمحدثي أهل البصرة   ، يسلمون عليه ، ويسمعون منه . أتاه جرير بن حازم  ،  ومبارك بن فضالة  ،  وحماد بن سلمة  ، ومرحوم العطار  ،  وحماد بن زيد  ، وأتاه عبد الرحمن بن مهدي  ، فلزمه ، وكان أبو عوانة  يسلم على سفيان  بمكة  ، فلم يرد عليه ، فكلم في ذلك ، فقال : لا أعرفه . ولما عرف سفيان  أنه اشتهر مكانه ومقامه ، قال ليحيى   : حولني ، فحوله إلى منزل الهيثم بن منصور  ، فلم يزل فيه ، فكلمه حماد بن زيد  في تنحيه عن السلطان ، وقال : هذا فعل أهل البدع ، وما يخاف منهم . فأجمع سفيان  وحماد  على أن يقدما بغداد  ، وكتب سفيان  إلى المهدي  وإلى يعقوب بن داود الوزير  ، فبدأ بنفسه ، فقيل : إنهم يغضبون من هذا . فبدأ بهم ، وأتاه جواب كتابه بما يحب من التقريب والكرامة ، والسمع منه والطاعة ، فكان على الخروج إليه ، فحم ومرض ، وحضر الموت ، فجزع ، فقال له مرحوم بن عبد العزيز   : ما هذا الجزع ؟ فإنك تقدم على الرب الذي كنت تعبده . فسكن وقال : انظروا من هنا من أصحابنا  [ ص: 246 ] الكوفيين . فأرسلوا إلى عبادان  ، فقدم عليه جماعة ، وأوصى ، ثم مات . وأخرجت جنازته على أهل البصرة   فجأة ، فشهده الخلق ، وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر  ، وكان رجلا صالحا ، ونزل في حفرته هو  وخالد بن الحارث   . 
أبو هشام الرفاعي   : حدثنا  وكيع  ، قال : دخل عمر بن حوشب الوالي  على سفيان  ، فسلم عليه ، فأعرض عنه ، فقال : يا سفيان   ! نحن - والله - أنفع للناس منك ، نحن أصحاب الديات ، وأصحاب الحمالات ، وأصحاب حوائج الناس والإصلاح بينهم ، وأنت رجل نفسك . فأقبل عليه سفيان  ، فجعل يحادثه ، ثم قام ، فقال سفيان   : لقد ثقل علي حين دخل ، ولقد غمني قيامه من عندي حين قام  . 
قال عبد الرزاق   : ما رأيت أحدا أحفظ لما عنده من الثوري   . قيل له : ما منعك أن ترحل إلى الزهري  ؟ قال : لم تكن دراهم . 
قال  يحيى القطان   :  سفيان الثوري  فوق مالك  في كل شيء . رواها ابن المديني  عنه . 
قال ابن مهدي   : قال لي سفيان   : لو كانت كتبي عندي ، لأفدتك علما ، كتبي عند عجوز بالنيل   . الكديمي   : حدثنا أبو حذيفة   : سمعت سفيان  يقول : كنا نأتي  أبا إسحاق الهمداني  وفي عنق إسرائيل   - يعني حفيده - طوق من ذهب . ابن المديني  قال : كان ابن المبارك  يقول : إذا اجتمع هذان على  [ ص: 247 ] شيء ، فذاك قوي - يعني سفيان  ،  وأبا حنيفة   . 
علي بن مسهر   : عن سفيان  ، قال : حفاظ الناس أربعة : يحيى بن سعيد الأنصاري  ،  وإسماعيل بن أبي خالد  ،  وعبد الملك بن أبي سليمان  ، وعاصم الأحول   . قلت :  فالأعمش  ؟ فأبى أن يجعله معهم .  أحمد بن يونس   : سمعت زائدة  ، وذكر عنده سفيان  ، فقال : ذاك أفقه أهل الدنيا .  وكيع   : عن شعبة  ، قال : سفيان  أحفظ مني . 
ابن حميد   : سمعت مهران الرازي  يقول : كتبت عن  سفيان الثوري  أصنافه ، فضاع مني كتاب الديات ، فذكرت ذلك له ، فقال : إذا وجدتني خاليا فاذكر لي حتى أمله عليك . فحج ، فلما دخل مكة  ، طاف بالبيت ، وسعى ، ثم اضطجع ، فذكرته ، فجعل يملي علي الكتاب ، بابا في إثر باب ، حتى أملاه جميعه من حفظه  . 
قال الزعفراني   : سمعت  أحمد بن حنبل  يسأل عفان   : أيهما أكثر غلطا ، سفيان  أو شعبة  ؟ قال : شعبة  بكثير . فقال أحمد   : في أسماء الرجال . عبد الرزاق   : سمعت سفيان  يقول : سلوني عن علم القرآن والمناسك ، فإني عالم بهما  . 
أبو قدامة   : سمعت يحيى بن سعيد  يقول : ما كتبت عن سفيان  ، عن الأعمش  أحب إلي مما كتبته عن الأعمش  
إبراهيم بن أبي الليث   : سمعت الأشجعي  يقول : سمعت من الثوري  ثلاثين ألف حديث . 
قال  يحيى القطان   : مات ابن أبي خالد  وأنا بالكوفة  ، فجلس إلى جنبي  [ ص: 248 ] سفيان  ننتظر الجنازة ، فقال : يا يحيى   ! خذ حتى أحدثك عن إسماعيل  بعشرة أحاديث ، لم تسمع منها بشيء ، فحدثني بعشرة ، وكنت بمكة  ، وبها الأوزاعي  ، فلقيني  سفيان الثوري  على الصفا  ، فقال : يا يحيى   ! خرج الأوزاعي  الليلة ؟ قلت : نعم فقال : اجلس ، لا تبرح حتى أحدثك عنه بعشرة لم تسمع منها بشيء . قلت : وأي شيء سمعت أنا منه ؟ فلم يدعني حتى حدثني عنه بعشرة أحاديث ، لم أسمع منها بواحد . 
قال الأشجعي   : سمعت سفيان  يقول : لو هم رجل أن يكذب في الحديث ، وهو في بيت في جوف بيت ، لأظهر الله عليه  . 
عن ابن مهدي  قال : ما رأيت رجلا أعرف بالحديث من الثوري   . القواريري   : قال  يحيى القطان   : بات عندي  سفيان الثوري  ، فحدثته بحديثين ، أحدهما : عن  عمرو بن عبيد  ، فقام يصلي ، فرفعت المصلى ، فإذا هو قد كتبهما عني . 
أبو مسهر   : عن عيسى بن يونس  ، قال : دخل  سفيان الثوري  على محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي  ، فاحتبس عنده ، ثم خرج إلينا ، فقال : إنه كذاب . 
قال أبو مسهر   : قتله أبو جعفر  في الزندقة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					