صهيب بن سنان ( ع )
أبو يحيى النمري . من النمر بن قاسط . ويعرف بالرومي ؛ لأنه أقام في الروم مدة . وهو من أهل الجزيرة ، سبي من قرية نينوى ، من أعمال [ ص: 18 ] الموصل . وقد كان أبوه ، أو عمه ، عاملا لكسرى . ثم إنه جلب إلى مكة ، فاشتراه عبد الله بن جدعان القرشي التيمي . ويقال : بل هرب ، فأتى مكة ، وحالف ابن جدعان .
كان من كبار السابقين البدريين .
حدث عنه بنوه : حبيب ، وزياد وحمزة ؛ ، وسعيد بن المسيب وكعب الحبر ، ، وآخرون . وعبد الرحمن بن أبي ليلى
روى أحاديث معدودة . خرجوا له في الكتب ؛ وكان فاضلا وافر الحرمة . له عدة أولاد .
ولما طعن عمر استنابه على الصلاة بالمسلمين إلى أن يتفق أهل الشورى على إمام . وكان موصوفا بالكرم ، والسماحة رضي الله عنه .
مات بالمدينة في شوال سنة ثمان وثلاثين وكان ممن اعتزل الفتنة ، وأقبل على شأنه رضي الله عنه .
قال : الحافظ ابن عساكر صهيب بن سنان بن مالك بن عبد عمرو بن عقيل بن عامر ، أبو يحيى - ويقال : أبو غسان - النمري الرومي البدري المهاجري .
روى عنه بنوه ، ، وابن عمر وجابر ، ، وابن المسيب ، وعبيد بن عمير . وبنوه الثمانية : وابن أبي ليلى عثمان ، وصيفي ، وحمزة ، وسعد ، وعباد ، وحبيب ، وصالح ، ومحمد . [ ص: 19 ]
وذكره ابن سعد ، فسرد نسبه إلى أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط ، من ربيعة . حليف عبد الله بن جدعان التيمي القرشي .
وأمه : سلمى بنت قعيد . وكان رجلا أحمر ، شديد الحمرة ، ليس بالطويل .
وذكر شباب نسبه إلى النمر - بزيادة آباء ، وحذف آخرين . وكذا فعل أحمد بن البرقي .
حمزة بن صهيب عن أبيه قال : كناني النبي صلى الله عليه وسلم : أبا يحيى . `عن
عن صيفي بن صهيب عن أبيه ، قال : صحبت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه .
وعن أبي عبيدة بن محمد بن عمار ، عن أبيه : قال عمار : لقيت صهيبا على باب دار الأرقم ، وفيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلنا ، فعرض علينا الإسلام : فأسلمنا . ثم مكثنا يوما على ذلك حتى أمسينا ، فخرجنا ونحن مستخفون .
روى يونس ، عن الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صهيب سابق الروم . [ ص: 20 ]
وجاء هذا بإسناد جيد من حديث أبي أمامة وجاء من حديث أنس ، . وأم هانئ
قال مجاهد : أول من أظهر الإسلام سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وبلال ، وخباب ، وصهيب . . . مختصر .
قال أبو عمر بن عبد البر : كان أبو صهيب ، أو عمه : عاملا لكسرى على الأبلة ، وكانت منازلهم بأرض الموصل فأغارت الروم عليهم ، فسبت صهيبا وهو غلام ، فنشأ بالروم . ثم اشترته كلب ، وباعوه بمكة لعبد الله بن جدعان ، فأعتقه .
وأما أهله فيزعمون أنه هرب من الروم ، وقدم مكة .
مصعب بن عبد الله ، عن أبيه ، عن ربيعة بن عثمان ، عن ، عن أبيه ، قال : خرجت مع زيد بن أسلم عمر حتى دخل حائطا لصهيب ، فلما رآه صهيب ، قال : يا ناس ، يا أناس ، فقال عمر : ما له يدعو الناس ؟ قلت : بل هو غلام له يدعى يحنس ، فقال له عمر : لولا ثلاث خصال فيك يا [ ص: 21 ] صهيب . . . الحديث .
الواقدي : حدثنا عثمان بن محمد ، عن عبد الحكم بن صهيب ، عن عمر بن الحكم ، قال : كان يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وكان عمار بن ياسر صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول ، في قوم من المسلمين ، حتى نزلت : ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا .
قال مجاهد : فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه عمه ، وأما أبو بكر فمنعه قومه . وأخذ الآخرون - سمى منهم صهيبا - فألبسوهم أدراع الحديد ، صهروهم في الشمس ، حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ ؛ فأعطوهم ما سألوا - يعني : التلفظ بالكفر - فجاء كل رجل قومه بأنطاع فيها الماء ، فألقوهم فيها ، إلا بلالا . [ ص: 22 ] الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : ومن الناس من يشري نفسه نزلت في صهيب ، ونفر من أصحابه ، أخذهم أهل مكة يعذبونهم ؛ ليردوهم إلى الشرك .
أحمد في " مسنده " : حدثنا أسباط : حدثنا أشعث ، عن كردوس ، عن ابن مسعود ، قال : قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده خباب ، وصهيب ، وبلال ، وعمار ، فقالوا : أرضيت بهؤلاء ؟ فنزل فيهم القرآن : وأنذر به الذين يخافون إلى قوله والله أعلم بالظالمين .
مر الملأ من عوف الأعرابي ، عن أبي عثمان : أن صهيبا حين أراد الهجرة ، قال له أهل مكة : أتيتنا صعلوكا حقيرا ، فتغير حالك ! قال : أرأيتم إن تركت مالي ، أمخلون أنتم سبيلي ؟ قالوا : نعم ، فخلع لهم ماله ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ربح صهيب ، ربح صهيب ! .
يعقوب بن محمد الزهري : حدثنا حصين بن حذيفة بن صيفي حدثنا [ ص: 23 ] أبي وعمومتي ، عن ، عن سعيد بن المسيب صهيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يثرب . أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرة ، فإما أن تكون هجر ، أو
قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وقد كنت هممت بالخروج معه ، فصدني فتيان من قريش ، فجعلت ليلتي تلك أقوم لا أقعد ، فقالوا : قد شغله الله عنكم ببطنه - ولم أكن شاكيا - فناموا ، فذهبت ، فلحقني ناس منهم على بريد ، فقلت لهم : أعطيكم أواقي من ذهب وتخلوني ؟ ففعلوا ، فقلت : احفروا تحت أسكفة الباب تجدوها ، وخذوا من فلانة الحلتين ، وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء فلما رآني ، قال : يا أبا يحيى ، ربح البيع ، ثلاثا ، فقلت : ما أخبرك إلا جبريل .
حماد بن سلمة : حدثنا علي بن زيد ، عن ابن المسيب ، قال : أقبل صهيب مهاجرا ، واتبعه نفر ، فنزل عن راحلته ، ونثل كنانته ، وقال : لقد علمتم أني من أرماكم ، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي ، ثم أضربكم بسيفي ، فإن شئتم دللتكم على مالي ، وخليتم سبيلي ؟ قالوا : نفعل ، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال : ربح البيع أبا يحيى ! ونزلت : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله . [ ص: 24 ]
وقال مصعب الزبيري : هرب صهيب من الروم بمال ، فنزل مكة ، فعاقد ابن جدعان . وإنما أخذته الروم من نينوى .
عبد الحكيم بن صهيب ، عن عمر بن الحكم بن ثوبان ، عن صهيب ، قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء ، وقد رمدت في الطريق وجعت ، وبين يديه رطب ، فوقعت فيه ، فقال عمر : يا رسول الله : ألا ترى صهيبا يأكل الرطب وهو أرمد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لي ذلك . قلت : إنما آكل على شق عيني الصحيحة ، فتبسم .
ذكر عروة ، وغيرهما : وموسى بن عقبة صهيبا فيمن شهد بدرا .
أبو زرعة : حدثنا ، حدثنا يوسف بن عدي يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي جده ، عن صهيب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليحب صهيبا حب الوالدة لولدها .
حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن معاوية بن قرة ، عن عائذ بن عمرو : سلمان ، وصهيبا ، وبلالا ، كانوا قعودا ، فمر بهم أبو سفيان ، فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها بعد ، فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها ؟ قال : فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أبا بكر ، لعلك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم ، لقد أغضبت ربك ، فرجع إليهم ، فقال : أي إخواننا ، لعلكم غضبتم ؟ قالوا : لا يا أبا بكر ، يغفر الله لك . أن [ ص: 25 ]
، `عن عبد الله بن محمد بن عقيل حمزة بن صهيب ، عن أبيه ، قال : قال عمر لصهيب : أي رجل أنت لولا خصال ثلاث فيك ! قال : وما هن ؟ قال : اكتنيت وليس لك ولد ، وانتميت إلى العرب وأنت من الروم ! وفيك سرف في الطعام . قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني أبا يحيى ، وأنا من النمر بن قاسط ، سبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام قد عرفت نسبي ، وأما قولك في سرف الطعام ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خيركم من أطعم الطعام .
وروى محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه : أن عمر قال لصهيب : لولا ثلاث فيك ؟ وبعضهم يرويه بحذف " عن أبيه " وزاد : ولو انفلقت عني روثة لانتسبت إليها .
، عن وحماد بن سلمة : أن زيد بن أسلم عمر قال لصهيب : لولا ثلاث [ ص: 26 ] خصال . قال : وما هن ؟ فوالله ما تزال تعيب شيئا . قال : اكتناؤك وليس لك ولد ؛ وادعاؤك إلى النمر بن قاسط ، وأنت رجل ألكن ؛ وأنك لا تمسك المال . . . . الحديث . وفيه : واسترضع لي بالأبلة فهذه من ذاك . وأما المال ، فهل تراني أنفق إلا في حق ؟ .
وروى سالم ، عن أبيه : أن عمر قال : إن حدث بي حدث فليصل بالناس صهيب ، ثلاثا ، ثم أجمعوا أمركم في اليوم الثالث .
قال الواقدي : مات صهيب بالمدينة في شوال سنة ثمان وثلاثين عن سبعين سنة . وكذلك قال المدائني وغيره في وفاته .
وقال المدائني : عاش ثلاثا وسبعين سنة .
وقال الفسوي : عاش أربعا وثمانين سنة رضي الله عنه .
له نحو من ثلاثين حديثا . روى له مسلم منها ثلاثة أحاديث .