وقيل : كان أزرق العين . روى بعض ذلك ابن سعد ، عن مطرف بن عبد الله .
وقال محمد بن الضحاك الحزامي : كان مالك نقي الثوب ، رقيقه ، يكثر اختلاف اللبوس .
وقال : كان الوليد بن مسلم مالك يلبس البياض ، ورأيته يلبسان السيجان . والأوزاعي
قال أشهب : كان مالك إذا اعتم ، جعل منها تحت ذقنه ، ويسدل طرفها بين كتفيه . [ ص: 70 ]
وقال خالد بن خداش : رأيت على مالك طيلسانا ، وثيابا مروية جيادا .
وقال أشهب : كان مالك إذا اكتحل للضرورة جلس في بيته .
وقال مصعب : كان يلبس الثياب العدنية ويتطيب .
وقال أبو عاصم : ما رأيت محدثا أحسن وجها من مالك .
وقيل : كان شديد البياض إلى صفرة ، أعين أشم ، كان يوفر سبلته ويحتج بفتل عمر شاربه .
وقال ابن وهب : رأيت خضب بحناء مرة . مالكا
وقال أبو مصعب : كان مالك من أحسن الناس وجها ، وأجلاهم عينا ، وأنقاهم بياضا ، وأتمهم طولا ، في جودة بدن .
وعن الواقدي : كان ربعة ، لم يخضب ، ولا دخل الحمام .
وعن بشر بن الحارث قال : دخلت على مالك ، فرأيت عليه طيلسانا يساوي خمسمائة ، وقد وقع جناحاه على عينيه أشبه شيء بالملوك .
وقال أشهب : كان مالك إذا اعتم ، جعل منها تحت حنكه ، وأرسل طرفها خلفه ، وكان يتطيب بالمسك وغيره .
وقد ساق القاضي عياض من وجوه حسن بزة الإمام ووفور تجمله .
[ ص: 71 ] في نسب مالك اختلاف مع اتفاقهم على أنه عربي أصبحي ، فقيل في جده الأعلى : عوف بن مالك بن زيد بن عامر بن ربيعة بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وإلى قحطان جماع اليمن . ولم يختلفوا أن الأصبحيين من حمير ، وحمير فمن قحطان .
نعم ، وغيمان في نسبه المشهور بغين معجمة ، ثم بآخر الحروف على المشهور ، وقيل : عثمان على الجادة وهذا لم يصح . وخثيل : بخاء معجمة ثم بمثلثة . قاله ابن سعد وغيره ، وقال إسماعيل بن أبي أويس : والدارقطني جثيل : بجيم ثم بمثلثة ، وقيل : حنبل ، وقيل : حسل ، وكلاهما تصحيف .
قال القاضي عياض : اختلف في نسب ذي أصبح اختلافا كثيرا .
مولده : تقدم أنه سنة ثلاث وتسعين ، قاله يحيى بن بكير ، وغيره ، وقيل : سنة أربع ، قاله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وعمارة بن وثيمة ، وغيرهما . وقيل : سنة سبع ، وهو شاذ .
قال خليفة بن خياط ، : ذو أصبح من وإسماعيل بن أبي أويس حمير .
وروي عن ابن إسحاق أنه زعم أن وآله موالي مالكا بني تيم ، فأخطأ وكان ذلك أقوى سبب في تكذيب الإمام مالك له ، وطعنه عليه . وقد كان مالك إماما في نقد الرجال ، حافظا مجودا متقنا .
قال : سألت بشر بن عمر الزهراني عن رجل ، فقال : هل رأيته [ ص: 72 ] في كتبي ؟ قلت : لا ، قال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي . مالكا
فهذا القول يعطيك بأنه لا يروي إلا عمن هو عنده ثقة . ولا يلزم من ذلك أنه يروي عن كل الثقات ، ثم لا يلزم مما قال أن كل من روى عنه ، وهو عنده ثقة ، أن يكون ثقة عند باقي الحفاظ ، فقد يخفى عليه من حال شيخه ما يظهر لغيره ، إلا أنه بكل حال كثير التحري في نقد الرجال - رحمه الله .
ابن البرقي : حدثنا عثمان بن كنانة ، عن مالك ، قال : ربما جلس إلينا الشيخ ، فيحدث جل نهاره ، ما نأخذ عنه حديثا واحدا ، وما بنا أن نتهمه ، ولكن لم يكن من أهل الحديث .
إسماعيل القاضي : حدثنا عتيق بن يعقوب ، سمعت يقول : حدثنا مالكا ابن شهاب ببضعة وأربعين حديثا ، ثم قال : أعدها علي ، فأعدت عليه منها أربعين حديثا .
وقال نصر بن علي : حدثنا حسين بن عروة ، عن مالك ، قال : قدم علينا الزهري ، فأتيناه ومعنا ربيعة ، فحدثنا بنيف وأربعين حديثا ، ثم أتيناه من الغد ، فقال : انظروا كتابا حتى أحدثكم منه ، أرأيتم ما حدثتكم به أمس ، أيش في أيديكم منه ؟ فقال ربيعة : هاهنا من يرد عليك ما حدثت به أمس . قال : ومن هو ؟ قال : ابن أبي عامر . قال : هات ، فسرد له أربعين حديثا منها ، فقال الزهري : ما كنت أرى أنه بقي من يحفظ هذا غيري . [ ص: 73 ] قال عن البخاري علي بن عبد الله : لمالك نحو من ألف حديث .
قلت : أراد ما اشتهر له في " الموطأ " وغيره ، وإلا فعنده شيء كثير ما كان يفعل أن يرويه .
وروى علي ابن المديني ، عن سفيان ، قال : رحم الله ، ما كان أشد انتقاده للرجال . مالكا
: حدثنا ابن أبي خيثمة ابن معين ، قال ابن عيينة : ما نحن عند مالك ، إنما كنا نتبع آثار مالك ، وننظر الشيخ ، إن كان كتب عنه مالك ، كتبنا عنه .
وروى طاهر بن خالد الأيلي ، عن أبيه ، عن ابن عيينة ، قال : كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ، ولا يحدث إلا عن ثقة ، ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته - يعني من العلم .
: حدثنا الطحاوي يونس : سمعت سفيان - وذكر حديثا - فقالوا : يخالفك فيه مالك ، فقال : أتقرنني بمالك ؟ ما أنا وهو إلا كما قال جرير [ ص: 74 ]
وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس
ثم قال يونس : سمعت يقول : الشافعي مالك وابن عيينة القرينان ، ولولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز .
وغيره ، عن وهب بن جرير شعبة ، قال : قدمت المدينة بعد موت نافع بسنة ، ولمالك بن أنس حلقة .
وقال حماد بن زيد : حدثنا أيوب قال : لقد كان لمالك حلقة في حياة نافع .
وقال أشهب : سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن مالك ، ، فرفع وابن الماجشون ، وقال : ما اعتدلا في العلم قط . مالكا
ابن المديني : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : أخبرني وهيب - وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال - أنه قدم المدينة ، قال : فلم أر أحدا إلا تعرف وتنكر إلا ، مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري .
قال عبد الرحمن : لا أقدم على مالك في صحة الحديث أحدا .
وقال ابن لهيعة : قلت لأبي الأسود : من للرأي بعد ربيعة بالمدينة ؟ قال : الغلام الأصبحي . [ ص: 75 ] : سمعت الحارث بن مسكين ابن وهب يقول : لولا أني أدركت ، مالكا ، لضللت . والليث
هارون بن سعيد : سمعت ابن وهب ذكر اختلاف الحديث والروايات ، فقال : لولا أني لقيت لضللت . مالكا
وقال : ما في القوم أصح حديثا من يحيى القطان مالك ، كان إماما في الحديث . قال : فوقه في كل شيء . وسفيان الثوري
قال : قال الشافعي محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا ، وسمعت من لفظه أكثر من سبع مائة حديث ، فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله ، وإذا حدث عن غيره من الكوفيين ، لم يجئه إلا اليسير .
قال ابن أبي عمر العدني : سمعت يقول : الشافعي مالك معلمي ، وعنه أخذت العلم .
وعن قال : كان الشافعي مالك إذا شك في حديث ، طرحه كله .
أبو عمر بن عبد البر : حدثنا قاسم بن محمد ، حدثنا خالد بن سعد ، [ ص: 76 ] حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، حدثنا إبراهيم بن نصر ، سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، سمعت يقول : قال لي الشافعي محمد بن الحسن : صاحبنا أعلم من صاحبكم - يريد أبا حنيفة ومالكا - وما كان لصاحبكم أن يتكلم ، وما كان لصاحبنا أن يسكت . فغضبت ، وقلت : نشدتك الله : من أعلم بالسنة ، مالك ، أو صاحبكم ؟ فقال : مالك ، لكن صاحبنا أقيس . فقلت : نعم ، أعلم بكتاب الله وناسخه ومنسوخه ، وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ومالك أبي حنيفة ، ومن كان أعلم بالكتاب والسنة كان أولى بالكلام .
قال : قال لي يونس بن عبد الأعلى : ذاكرت يوما الشافعي محمد بن الحسن ، ودار بيننا كلام واختلاف ، حتى جعلت أنظر إلى أوداجه تدر وأزراره تتقطع . فقلت : نشدتك بالله ، تعلم أن صاحبنا كان أعلم بكتاب الله ؟ قال : اللهم نعم . قلت : وكان عالما باختلاف الصحابة ؟ قال : نعم .
قال ابن مهدي : أئمة الناس في زمانهم أربعة : الثوري ، ومالك ، ، والأوزاعي ، وقال : ما رأيت أحدا أعقل من وحماد بن زيد مالك .
: حدثنا يونس بن عبد الأعلى ابن وهب ، سمعت - وقال له مالكا ابن القاسم : ليس بعد أهل المدينة أحد أعلم بالبيوع من أهل مصر - فقال مالك : من أين علموا ذلك ؟ قال : منك يا أبا عبد الله . فقال : ما أعلمها أنا ، فكيف يعلمونها بي ؟ [ ص: 77 ] وعن مالك قال : جنة العالم : " لا أدري " فإذا أغفلها أصيبت مقاتله .
قال مصعب بن عبد الله : كانت حلقة مالك في زمن ربيعة مثل حلقة ربيعة وأكبر ، وقد أفتى معه عند السلطان .
الزبير بن بكار : حدثنا مطرف ، حدثنا مالك ، قال : لما أجمعت التحويل عن مجلس ربيعة ، جلست أنا في ناحية المسجد ، فلما قام وسليمان بن بلال ربيعة ، عدل إلينا ، فقال : يا مالك ، تلعب بنفسك زفنت ، وصفق لك سليمان ، بلغت إلى أن تتخذ مجلسا لنفسك ؟! ارجع إلى مجلسك .
قال الهيثم بن جميل : سمعت سئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فأجاب في اثنتين وثلاثين منها ب " لا أدري " . مالكا
وعن خالد بن خداش ، قال : قدمت على مالك بأربعين مسألة ، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل .
ابن وهب ، عن مالك ، سمع عبد الله بن يزيد بن هرمز يقول : ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول : " لا أدري " . حتى يكون ذلك أصلا يفزعون إليه .
قال : صح عن ابن عبد البر أن : " لا أدري " نصف العلم . [ ص: 78 ] أبي الدرداء
قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، إن محمد بن رمح مالكا يختلفان ، فبأيهما آخذ ؟ قال : والليث مالك مالك .
أشهب ، عن عبد العزيز الدراوردي ، قال : دخلت مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فوافيته يخطب ، إذ أقبل مالك ، فلما أبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إلي إلي ، فأقبل حتى دنا منه ، فسل - صلى الله عليه وسلم - خاتمه من خنصره ، فوضعه في خنصر مالك .
محمد بن جرير : حدثنا العباس بن الوليد ، حدثنا إبراهيم بن حماد الزهري ، سمعت يقول : قال لي مالكا المهدي : ضع يا أبا عبد الله كتابا أحمل الأمة عليه . فقلت : يا أمير المؤمنين ، أما هذا الصقع - وأشرت إلى المغرب - فقد كفيته ، وأما الشام ففيهم من قد علمت - يعني الأوزاعي - وأما العراق فهم أهل العراق .
ابن سعد : حدثنا محمد بن عمر ، سمعت يقول : لما حج مالكا المنصور دعاني فدخلت عليه ، فحادثته ، وسألني فأجبته ، فقال : عزمت أن آمر بكتبك هذه - يعني " الموطأ " - فتنسخ نسخا ، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين بنسخة ، وآمرهم أن يعملوا بما فيها ، ويدعوا ما سوى ذلك من العلم المحدث ، فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم . قلت : يا أمير المؤمنين ، لا تفعل ، فإن الناس قد سيقت إليهم أقاويل ، وسمعوا أحاديث ، ورووا روايات ، وأخذ كل قوم بما سيق إليهم ، وعملوا به ، ودانوا به ، من اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم ، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد ، فدع الناس وما هم عليه ، وما اختار أهل كل بلد [ ص: 79 ] لأنفسهم . فقال : لعمري ، لو طاوعتني لأمرت بذلك .
قال الزبير بن بكار : حدثنا ابن مسكين ، ومحمد بن مسلمة ، قالا : سمعنا يذكر دخوله على مالكا المنصور ، وقوله في انتساخ كتبه ، وحمل الناس عليها ، فقلت : قد رسخ في قلوب أهل كل بلد ما اعتقدوه وعملوا به ، ورد العامة عن مثل هذا عسير .
قال الواقدي : كان مالك يجلس في منزله على ضجاع ونمارق مطروحة يمنة ويسرة في سائر البيت لمن يأتي ، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم ، وكان مهيبا ، نبيلا ، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث بعد الحديث ، وربما أذن لبعضهم ، فقرأ عليه ، وكان له كاتب يقال له : حبيب . قد نسخ كتبه ، ويقرأ للجماعة ، فإذا أخطأ فتح عليه مالك ، وكان ذلك قليلا .
أبو زرعة : حدثنا أبو مسهر ، قال لي مالك : قال لي أبو جعفر : يا أبا عبد الله ، ذهب الناس ، لم يبق غيري وغيرك .
ابن وهب ، عن مالك : دخلت على أبي جعفر ، فرأيت غير واحد من بني هاشم يقبلون يده ، وعوفيت ، فلم أقبل له يدا .