عبد الله بن المبارك ( ع )
ابن واضح الإمام شيخ الإسلام ، عالم زمانه ، وأمير الأتقياء في وقته [ ص: 379 ] أبو عبد الرحمن الحنظلي ، مولاهم التركي ، ثم المروزي ، الحافظ ، الغازي ، أحد الأعلام ، وكانت أمه خوارزمية . مولده في سنة ثمان عشرة ومائة فطلب العلم وهو ابن عشرين سنة . فأقدم شيخ لقيه : هو الربيع بن أنس الخراساني ، تحيل ودخل إليه إلى السجن ، فسمع منه نحوا من أربعين حديثا ، ثم ارتحل في سنة إحدى وأربعين ومائة ، وأخذ عن بقايا التابعين ، وأكثر من الترحال والتطواف إلى أن مات في طلب العلم ، وفي الغزو ، وفي التجارة ، والإنفاق على الإخوان في الله ، وتجهيزهم معه إلى الحج .
سمع من : سليمان التيمي ، وعاصم الأحول ، ، وحميد الطويل ، وهشام بن عروة والجريري ، ، وإسماعيل بن أبي خالد ، والأعمش ، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وخالد الحذاء ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعبد الله بن عون ، ، وموسى بن عقبة وأجلح الكندي ، وحسين المعلم ، وحنظلة السدوسي ، وحيوة بن شريح المصري ، ، وكهمس ، والأوزاعي ، وأبي حنيفة ، وابن جريج ومعمر ، ، والثوري وشعبة ، ، وابن أبي ذئب ويونس الأيلي ، والحمادين ، ، ومالك ، والليث وابن لهيعة ، [ ص: 380 ] وهشيم ، ، وإسماعيل بن عياش وابن عيينة ، ، وخلق كثير . وصنف التصانيف النافعة الكثيرة . وبقية بن الوليد
حدث عنه : معمر ، ، والثوري ، وطائفة من شيوخه ، وبقية ، وأبو إسحاق الفزاري ، وابن وهب وابن مهدي ، وطائفة من أقرانه ، وأبو داود ، وعبد الرزاق بن همام ، والقطان ، وعفان ، ، وابن معين وحبان بن موسى ، ، وأبو بكر بن أبي شيبة ويحيى بن آدم ، وأبو أسامة ، وأبو سلمة المنقري ، ومسلم بن إبراهيم ، وعبدان ، والحسن بن الربيع البوراني ، ، وأحمد بن منيع ، وعلي بن حجر والحسن بن عيسى بن ماسرجس ، ، والحسين بن الحسن المروزي ، والحسن بن عرفة وإبراهيم بن مجشر ، ، وأمم يتعذر إحصاؤهم ، ويشق استقصاؤهم . وحديثه حجة بالإجماع ، وهو في المسانيد والأصول . ويقع لنا حديثه عاليا . وبيني وبينه بالإجازة العالية ستة أنفس . ويعقوب الدورقي
أنبأنا أحمد بن سلامة وعدة ، عن عبد المنعم بن كليب ، أخبرنا ابن بيان ، أخبرنا ابن مخلد ، أخبرنا إسماعيل الصفار ، حدثنا ابن عرفة ، حدثنا ، عن عبد الله بن المبارك ، عن الزهري ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن سهل بن سعد الساعدي أبي بن كعب ، قال : . إنما كانت الفتيا في الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ، ثم نهي عنها
أخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع ، عن ابن المبارك ، ورواته [ ص: 381 ] ثقات . لكن له علة ، لم يسمعه ابن شهاب من سهل . ارتحل ابن المبارك إلى الحرمين ، والشام ، ومصر ، والعراق والجزيرة ، وخراسان ، وحدث بأماكن . قال قعنب بن المحرر : ابن المبارك مولى بني عبد شمس من تميم . وقال : ولاؤه البخاري لبني حنظلة . وقال العباس بن مصعب في " تاريخ مرو " : كانت أم عبد الله بن المبارك خوارزمية ، وأبوه تركي ، وكان عبدا لرجل تاجر من همذان ، من بني حنظلة ، فكان عبد الله إذا قدم همذان يخضع لوالديه ، ويعظمهم .
أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد القيسي ، وغيره كتابة ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور الشيباني ، حدثنا أبو بكر الخطيب ، حدثني أبو عبد الله أحمد بن أحمد السيبي ، حدثنا محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان بالكوفة ، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة ، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، سمعت أبي ، سمعت ابن المبارك يقول : نظر أبو حنيفة إلى أبي ، فقال : أدت أمه [ ص: 382 ] إليك الأمانة ، وكان أشبه الناس بعبد الله . قال أبو حفص الفلاس ، : ولد وأحمد بن حنبل ابن المبارك سنة ثمان عشرة ومائة . وأما ، فروى عن الحاكم أبي أحمد الحمادي ، سمعت محمد بن موسى الباشاني ، سمعت يقول : سمعت عبدان بن عثمان عبد الله يقول : ولدت سنة تسع عشرة ومائة .
وقال الفسوي : حدثنا بشر بن أبي الأزهر ، قال : قال ابن المبارك : ذاكرني عبد الله بن إدريس السنن ، فقلت : إن العجم لا يكادون يحفظون ذلك ، لكني أذكر أني لبست السواد وأنا صغير عندما خرج أبو مسلم ، وكان أخذ الناس كلهم بلبس السواد ، الصغار والكبار .
نعيم بن حماد قال : كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته ، فقيل له : ألا تستوحش ؟ فقال : كيف أستوحش وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ؟ !
قال : بلغني أن أحمد بن سنان القطان ابن المبارك أتى حماد بن زيد ، فنظر إليه ، فأعجبه سمته فقال : من أين أنت ؟ قال : من أهل خراسان ، من مرو . قال : تعرف رجلا يقال له : ؟ قال : نعم . قال : ما فعل ؟ قال : هو الذي يخاطبك ، قال : فسلم عليه ، ورحب به . عبد الله بن المبارك
وقال إسماعيل الخطبي : بلغني عن ابن المبارك أنه حضر عند حماد بن زيد ، فقال أصحاب الحديث لحماد : سل أبا عبد الرحمن أن يحدثنا . فقال : يا أبا عبد الرحمن ، تحدثهم ، فإنهم قد سألوني ؟ قال : سبحان الله ، يا أبا إسماعيل ، أحدث وأنت حاضر ؟ ! فقال : أقسمت عليك لتفعلن . [ ص: 383 ] فقال : خذوا . حدثنا أبو إسماعيل حماد بن زيد ، فما حدث بحرف إلا عن حماد .
قال أبو العباس بن مسروق : حدثنا ابن حميد ، قال : عطس رجل عند ابن المبارك ، فقال له ابن المبارك : أيش يقول الرجل إذا عطس ؟ قال : الحمد لله ، فقال له : يرحمك الله .
قال أحمد العجلي : ابن المبارك ثقة ثبت في الحديث ، رجل صالح يقول الشعر ، وكان جامعا للعلم .
قال العباس بن مصعب : جمع عبد الله الحديث ، والفقه ، والعربية ، وأيام الناس ، والشجاعة ، والسخاء ، والتجارة ، والمحبة عند الفرق .
قال محمد بن عبد الوهاب الفراء : ما أخرجت خراسان مثل هؤلاء الثلاثة : ابن المبارك ، ، والنضر بن شميل ويحيى بن يحيى .
عثمان الدارمي : سمعت نعيم بن حماد ، سمعت يقول : كنت إذا طلبت دقيق المسائل ، فلم أجده في كتب يحيى بن آدم ابن المبارك ، أيست منه . [ ص: 384 ] علي بن زيد الفرائضي : حدثنا علي بن صدقة ، سمعت شعيب بن حرب قال : ما لقي ابن المبارك رجلا إلا أفضل منه . وقال : وسمعت وابن المبارك أبا أسامة يقول : ابن المبارك في المحدثين مثل أمير المؤمنين في الناس .