الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

سير أعلام النبلاء

الذهبي - شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي

صفحة

جزء

[ ص: 547 ] هشام بن عمرو

أبو محمد الفوطي ، المعتزلي ، الكوفي ، مولى بني شيبان . صاحب ذكاء وجدال وبدعة ووبال .

أخذ عنه عباد بن سلمان وغيره .

ونهى عن قول : حسبنا الله ونعم الوكيل وقال : لا يعذب الله كافرا بالنار ، ولا يحيي أرضا بمطر ، ولا يهدي ولا يضل ، ويقول : يعذبون في النار لا بها ، ويحيي الأرض عند المطر لا به ، وأن معنى : ونعم الوكيل أي المتوكل عليه .

قال المبرد : قال رجل لهشام الفوطي : كم تعد من السنين ؟ قال : من واحد إلى أكثر من ألف . قال : لم أرد هذا ، كم لك من السن ؟ قال : اثنان وثلاثون سنا . قال : كم لك من السنين ؟ قال : ما هي لي ، كلها لله . قال : فما سنك ؟ قال : عظم . قال : فابن كم أنت ؟ قال : ابن أم وأب . قال : فكم أتى عليك ؟ قال : لو أتى علي شيء ، لقتلني ، قال : ويحك ، فكيف أقول ؟ قال : قل : كم مضى من عمرك .

قلت : هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين من العلم ، عبارات وشقاشق لا يعبأ الله بها ، يحرفون الكلم عن مواضعه قديما وحديثا ، فنعوذ بالله من الكلام وأهله .

ومنهم :

[ ص: 547 ] هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو

أَبُو مُحَمَّدٍ الْفُوَطِيُّ ، الْمُعْتَزِلِيُّ ، الْكُوفِيُّ ، مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ . صَاحِبُ ذَكَاءٍ وَجِدَالٍ وَبِدْعَةٍ وَوَبَالٍ .

أَخَذَ عَنْهُ عَبَّادُ بْنُ سَلْمَانَ وَغَيْرُهُ .

وَنَهَى عَنْ قَوْلِ : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَقَالَ : لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ كَافِرًا بِالنَّارِ ، وَلَا يُحْيِي أَرْضًا بِمَطَرٍ ، وَلَا يَهْدِي وَلَا يُضِلُّ ، وَيَقُولُ : يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ لَا بِهَا ، وَيُحْيِي الْأَرْضَ عِنْدَ الْمَطَرِ لَا بِهِ ، وَأَنَّ مَعْنَى : وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أَيِ الْمُتَوَكَّلُ عَلَيْهِ .

قَالَ الْمُبَرِّدُ : قَالَ رَجُلٌ لِهِشَامٍ الْفُوَطِيِّ : كَمْ تَعُدُّ مِنَ السِّنِينَ ؟ قَالَ : مِنْ وَاحِدٍ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ . قَالَ : لَمْ أُرِدْ هَذَا ، كَمْ لَكَ مِنَ السِّنِّ ؟ قَالَ : اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا . قَالَ : كَمْ لَكَ مِنَ السِّنِينَ ؟ قَالَ : مَا هِيَ لِي ، كُلُّهَا لِلَّهِ . قَالَ : فَمَا سِنُّكَ ؟ قَالَ : عَظْمٌ . قَالَ : فَابْنُ كَمْ أَنْتَ ؟ قَالَ : ابْنُ أُمٍّ وَأَبٍ . قَالَ : فَكَمْ أَتَى عَلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْ أَتَى عَلَيَّ شَيْءٌ ، لَقَتَلَنِي ، قَالَ : وَيَحَكَ ، فَكَيْفَ أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ : كَمْ مَضَى مِنْ عُمُرِكَ .

قُلْتُ : هَذَا غَايَةُ مَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُتَقَعِّرِينَ مِنَ الْعِلْمِ ، عِبَارَاتٌ وَشَقَاشِقُ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهَا ، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، فَنُعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ .

وَمِنْهُمْ :

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث