أحمد بن حرب
ابن فيروز ، الإمام القدوة ، شيخ نيسابور ، أبو عبد الله النيسابوري [ ص: 33 ] الزاهد . كان من كبار الفقهاء والعباد .
ارتحل وسمع من : سفيان بن عيينة ، ، وابن أبي فديك ، وعبد الوهاب بن عطاء وحفص بن عبد الرحمن ، وأبي أسامة ، ، وأبي داود الطيالسي ، وأبي عامر العقدي ، ومحمد بن عبيد الطنافسي وعبد الله بن الوليد العدني ، وعامر بن خداش وطبقتهم ، وجمع وصنف .
حدث عنه : ، أحمد بن الأزهر وسهل بن عمار ، والعباس بن حمزة ، ومحمد بن شادل ، وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه ، وأحمد بن نصر الخفاف ، وإسماعيل بن قتيبة ، وزكريا بن دلويه ، وعدد سواهم .
قال زكريا بن دلويه : كان أحمد بن حرب إذا جلس بين يدي الحجام ليحفي شاربه ، يسبح ، فيقول له الحجام : اسكت ساعة ، فيقول : اعمل أنت عملك ، وربما قطع من شفته ، وهو لا يعلم .
قال : حدثنا الحاكم أبو العباس أحمد بن عبد الله الصوفي ، حدثني أبو عمرو محمد بن يحيى قال : مر أحمد بن حرب بصبيان يلعبون ، فقال أحدهم : أمسكوا ، فإن هذا أحمد بن حرب الذي لا ينام الليل ، فقبض على لحيته ، وقال : الصبيان يهابونك وأنت تنام ؟ فأحيا الليل بعد ذلك حتى مات .
قال زكريا بن حرب : ابتدأ أخي بالصوم وهو في الكتاب ، فلما راهق ، حج مع أخيه الحسين بن حرب ، فأقاما بالكوفة للطلب ، وبالبصرة وبغداد . ثم أقبل على العبادة لا يفتر . وأخذ في المواعظ والتذكير ، وحث على العبادة ، وأقبلوا على مجلسه .
وصنف كتاب : " الأربعين " ، وكتاب " عيال الله " ، وكتاب " الزهد " ، [ ص: 34 ] وكتاب " الدعاء " ، وكتاب " الحكمة " ، وكتاب " المناسك " ، وكتاب " التكسب " .
رغب الناس في سماع كتبه ، ثم إن أمه ماتت سنة عشرين ومائتين . فحج ، وعاود الغزو ، وخرج إلى بلاد الترك ، وافتتح فتحا عظيما ، غبط به فسعى به الأعداء إلى ابن طاهر ، فأحضره ، ولم يأذن له في الجلوس ، وقال : أتخرج وتجمع إلى نفسك هذا الجمع ، وتخالف ، أعوان السلطان ؟ ثم إن ابن طاهر عرف صدقه ، فتركه ، فسار ، وجاور بمكة .
وكان تنتحله الكرامية وتعظمه لأنه أستاذ محمد بن كرام ، ولكنه سليم الاعتقاد بحمد الله .
وعن يحيى بن يحيى التميمي قال : إن لم يكن أحمد بن حرب من الأبدال ، فلا أدري من هم؟ !! وقال محمد بن علي المروزي : يروي أشياء لا أصل لها .
قال نصر بن محمد البلخي : قال أحمد بن حرب : عبدت الله خمسين سنة ، فما وجدت حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة أشياء : تركت رضا الناس حتى قدرت أن أتكلم بالحق ، وتركت صحبة الفاسقين حتى وجدت صحبة الصالحين ، وتركت حلاوة الدنيا حتى وجدت حلاوة الآخرة .
وقيل : إنه استسقى لهم ببخارى ، فما انصرفوا إلا يخوضون في المطر رحمة الله عليه . [ ص: 35 ] مات سنة أربع وثلاثين ومائتين ، وقد قارب الستين .
فأما : أحمد بن حرب الطائي فهو من أقرانه ، ولكنه عمر وتأخر ، وسيأتي مع أخيه علي .