ابن مخلد العطار : حدثنا عمر بن سليمان . المؤدب ، قال : صليت مع التراويح ، وكان يصلي بدار عمه ، فلما أوتر ، رفع يديه إلى ثدييه ، وما سمعنا من دعائه شيئا ، وكان في المسجد سراج على الدرجة لم يكن فيه قناديل ولا حصير ولا خلوق . أحمد بن حنبل
قال صالح بن أحمد : قلت لأبي : بلغني أن أحمد الدورقي أعطي ألف دينار ، فقال : يا بني ، ورزق ربك خير وأبقى .
وذكرت له ابن أبي شيبة ، وعبد الأعلى النرسي ، ومن قدم به إلى العسكر من المحدثين . فقال : إنما كان أياما قلائل ، ثم تلاحقوا ، وما تحلوا منها بكبير شيء .
قال صالح : قال لي أبي : كانت أمك في الغلاء تغزل غزلا دقيقا ، فتبيع الأستار بدرهمين أو نحوه ، فكان ذلك قوتنا .
قال صالح : كنا ربما اشترينا الشيء فنستره منه ، لئلا يوبخنا عليه .
الخلال : أخبرنا المروذي ، قال : رأيت أحمد بن عيسى المصري ، ومعه قوم من المحدثين ، دخلوا على أبي عبد الله بالعسكر ، فقال له أحمد : يا أبا عبد الله ، ما هذا الغم ؟ الإسلام حنيفة سمحة ، وبيت واسع . فنظر [ ص: 325 ] إليهم ، وكان مضطجعا ، فلما خرجوا ، قال : ما أريد أن يدخل علي هؤلاء .
الخلال : أخبرنا محمد بن علي السمسار ، حدثني إسحاق بن هانئ ،
قال لي أبو عبد الله : بكر حتى نعارض بشيء من الزهد . فبكرت إليه ، وقلت لأم ولده : أعطيني حصيرا ومخدة ، وبسطت في الدهليز ، فخرج أبو عبد الله ، ومعه الكتب والمحبرة ، فقال : ما هذا ؟! فقلت : لنجلس عليه ، فقال : ارفعه ، الزهد لا يحسن إلا بالزهد . فرفعته ، وجلس على التراب .
قال : وأخبرني يوسف بن الضحاك ، حدثني ابن جبلة ، قال : كنت على باب ، والباب مجاف ، وأم ولده تكلمه ، وتقول : أنا معك في ضيق ، وأهل صالح يأكلون ويفعلون ، وهو يقول : قولي خيرا ، وخرج الصبي معه ، فبكى . فقال : ما تريد ؟ قال : زبيب . قال : اذهب خذ من البقال بحبة . أحمد بن حنبل
وقال الميموني : كان منزل أبي عبد الله ضيقا صغيرا ، وينام في الحر في أسفله .
وقال لي عمه : ربما قلت له فلا يفعل ، ينام فوق . وقد رأيت موضع مضجعه وفيه شاذكونة وبرذعة قد غلب عليها الوسخ . [ ص: 326 ]
الخلال : أخبرني حامد بن أحمد ، سمعت الحسن بن محمد بن الحارث ، يقول : دخلت دار أحمد ، فرأيت في بهوه حصيرا خلقا ومخدة ، وكتبه مطروحة حواليه ، وحب خزف . وقيل : كان على بابه مسح من شعر .
الخلال ، أخبرنا المروذي ، عن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري ، قال لي الأمير : إذا حل إفطار أبي عبد الله ، فأرنيه . قال : فجاءوا برغيفين : خبز وخبازة فأرينه الأمير ، فقال : هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يعفه .
قال المروذي : قال أبو عبد الله في أيام عيد : اشتروا لنا أمس باقلى ، فأي شيء كان به من الجودة . وسمعته يقول : وجدت البرد في أطرافي ، ما أراه إلا من إدامي الملح والخل .
قال أحمد بن محمد بن مسروق : قال لي عبد الله بن أحمد : دخل علي أبي يعودني في مرضي ، فقلت : يا أبة ، عندنا شيء مما كان يبرنا به المتوكل ، أفأحج منه ؟ قال : نعم . قلت : فإذا كان هذا عندك هكذا ، فلم لا تأخذ منه ؟ قال : ليس هو عندي حرام ، ولكن تنزهت عنه . رواه الخلدي عنه .
أنبأنا ابن علان ، أخبرنا أبو اليمن ، أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب ، أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا الضبي ، سمع أحمد بن إسحاق الضبعي ، سمعت إبراهيم بن إسحاق السراج ، يقول : قال يوما : يبلغني أن أحمد بن حنبل الحارث هذا - يعني : المحاسبي - يكثر الكون عندك ، فلو أحضرته ، وأجلستني من حيث لا يراني ، فأسمع كلامه . قلت : السمع [ ص: 327 ] و الطاعة . وسرني هذا الابتداء من أبي عبد الله ، فقصدت الحارث ، وسألته أن يحضر ، وقلت : تسأل أصحابك أن يحضروا . فقال : يا إسماعيل ، فيهم كثرة فلا تزدهم على الكسب والتمر ، وأكثر منهما ما استطعت .
ففعلت ما أمرني ، وأعلمت أبا عبد الله فحضر بعد المغرب ، وصعد غرفة ، واجتهد في ورده ، وحضر الحارث وأصحابه ، فأكلوا ثم قاموا إلى الصلاة ، ولم يصلوا بعدها ، وقعدوا بين يدي الحارث وهم سكوت إلى قريب من نصف الليل ، وابتدأ واحد منهم ، وسأل عن مسألة ، فأخذ الحارث في الكلام ، وهم يسمعون . وكأن على رءوسهم الطير ، فمنهم من يبكي ، ومنهم من يزعق . فصعدت لأتعرف حال أبي عبد الله ، وهو متغير الحال ، فقلت : كيف رأيت ؟ قال : ما أعلم أني رأيت مثل هؤلاء القوم ، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا ، وعلى ما وصفت ، فلا أرى لك صحبتهم ، ثم قام وخرج .
قال السلمي : سمعت أبا القاسم النصراباذي ، يقول : بلغني أن الحارث تكلم في شيء من الكلام ، فهجره أحمد ، فاختفى في دار مات فيها ، ولم يصل عليه إلا أربعة أنفس .