[ ص: 110 ] المحاسبي
الزاهد العارف ، شيخ الصوفية أبو عبد الله ، الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي ، صاحب التصانيف الزهدية يروي عن يسيرا . يزيد بن هارون
روى عنه : ابن مسروق ، وأحمد بن القاسم ، ، والجنيد وأحمد بن الحسن الصوفي ، وإسماعيل بن إسحاق السراج ، وأبو علي بن خيران الفقيه ، إن صح .
قال الخطيب : له كتب كثيرة في الزهد ، وأصول الديانة ، والرد على المعتزلة والرافضة .
قال الجنيد : خلف له أبوه مالا كثيرا فتركه ، وقال : لا يتوارث أهل ملتين . وكان أبوه واقفيا .
قال أبو الحسن بن مقسم : أخبرنا أبو علي بن خيران ، قال : رأيت [ ص: 111 ] المحاسبي متعلقا بأبيه يقول : طلق أمي ، فإنك على دين ، وهي على غيره .
قال الجنيد : قال لي الحارث : كم تقول : عزلتي أنسي ، لو أن نصف الخلق تقربوا مني ، ما وجدت لهم أنسا ، ولو أن النصف الآخر نأوا عني ، ما استوحشت . واجتاز الحارث يوما بي ، فرأيت في وجهه الضر من الجوع ، فدعوته وقدمت له ألوانا ، فأخذ لقمة ، فرأيته يلوكها ، فوثب وخرج ، ولفظ اللقمة ، فلقيته فعاتبته ، فقال : أما الفاقة فكانت شديدة ، ولكن إذا لم يكن الطعام مرضيا ، ارتفع إلى أنفي منه زفرة ، فلم أقبله .
وعن حارث : قال : جوهر الإنسان الفضل ، وجوهر العقل التوفيق .
وعنه : قال : ترك الدنيا مع ذكرها صفة الزاهدين ، وتركها مع نسيانها صفة العارفين .
قلت : المحاسبي كبير القدر ، وقد دخل في شيء يسير من الكلام ، [ ص: 112 ] فنقم عليه . وورد أن أثنى على حال الإمام أحمد الحارث من وجه ، وحذر منه .
قال سعيد بن عمرو البرذعي : شهدت أبا زرعة الرازي ، وسئل عن المحاسبي وكتبه ، فقال : إياك وهذه الكتب ، هذه كتب بدع وضلالات . عليك بالأثر تجد غنية ، هل بلغكم أن مالكا والثوري صنفوا في الخطرات والوساوس ؟ ما أسرع الناس إلى البدع ! . والأوزاعي
قال ابن الأعرابي : تفقه الحارث ، وكتب الحديث ، وعرف مذاهب النساك ، وكان من العلم بموضع ، إلا أنه تكلم في مسألة اللفط ومسألة الإيمان . وقيل هجره أحمد ، فاختفى مدة .
ومات سنة ثلاث وأربعين ومائتين .