[ ص: 240 ]  [ ص: 241 ] الضحاك بن قيس ( س ) 
ابن خالد ، الأمير أبو أمية ، وقيل : أبو أنيس . وقيل : أبو عبد الرحمن . وقيل : أبو سعيد ، الفهري القرشي . 
عداده في صغار الصحابة ، وله أحاديث . 
خرج له  النسائي  ، وقد روى عن حبيب بن مسلمة  أيضا . 
حدث عنه ،  معاوية بن أبي سفيان  ووصفه بالعدالة ،  وسعيد بن جبير  ،  والشعبي  ، ومحمد بن سويد الفهري  ، وعمير بن سعد  ،  وسماك بن حرب  ،  وأبو إسحاق السبيعي   . 
قال  أبو القاسم بن عساكر  شهد فتح دمشق  ، وسكنها . وكان على عسكر دمشق  يوم صفين . 
 حجاج بن محمد   : عن  ابن جريج  ، حدثني محمد بن طلحة  ، عن  [ ص: 242 ] معاوية  ، أنه قال على المنبر : حدثني الضحاك بن قيس  وهو عدل على نفسه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يزال وال من قريش على الناس  . 
وقال علي بن جدعان   : عن الحسن  ، أن الضحاك بن قيس  كتب إلى قيس بن الهيثم   - حين مات يزيد   - أما بعد : فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الدخان ، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه ، وإن يزيد  قد مات ، وأنتم إخواننا ، فلا تسبقونا بشيء حتى نختار لأنفسنا  . 
قال الزبير بن بكار   : كان الضحاك بن قيس  مع معاوية  ، فولاه الكوفة  وهو الذي صلى على معاوية  ، وقام بخلافته حتى قدم يزيد  ، ثم بعده دعا إلى ابن الزبير  ، وبايع له ، ثم دعا إلى نفسه . وفي بيت أخته فاطمة  اجتمع أهل الشورى ، وكانت نبيلة  . 
وذكره مسلم  أنه بدري ، فغلط . 
وقال شباب  مات  زياد بن أبيه  سنة ثلاث وخمسين بالكوفة  ، فولاها معاوية  الضحاك  ، ثم صرفه وولاه دمشق  ، وولى الكوفة  ابن أم الحكم   . فبقي الضحاك  على دمشق  حتى هلك يزيد   . 
وقيل : إن الضحاك  خطب بالكوفة  قاعدا . 
وكان جوادا لبس بردا تساوي ثلاثمائة دينار ، فساومه رجل به ، فوهبه له ، وقال : شح بالمرء أن يبيع عطافه . 
 [ ص: 243 ] قال الليث   : أظهر الضحاك  بيعة ابن الزبير  بدمشق  ودعا له ، فسار عامة بني أمية  وحشمهم ، فلحقوا بالأردن  ، وسار مروان  وبنو بحدل  إلى الضحاك   . 
ابن سعد   : أخبرنا المدائني   ; عن خالد بن يزيد  ، عن أبيه ، وعن مسلمة بن محارب  ، عن حرب بن خالد  وغيره ; أن معاوية بن يزيد  لما مات ، دعا النعمان بن بشير  بحمص  إلى ابن الزبير  ، ودعا زفر بن الحارث أمير  قنسرين  إلى ابن الزبير  ، ودعا إليه بدمشق  الضحاك  سرا لمكان بني أمية  وبني كلب   . وبلغ حسان بن بحدل  وهو بفلسطين  وكان هواه في خالد بن يزيد   . فكتب إلى الضحاك  يعظم حق بني أمية  ، ويذم ابن الزبير  ، وقال للرسول : إن قرأ الكتاب وإلا فاقرأه على الناس ، وكتب إلى بني أمية   . فلم يقرأ الضحاك  كتابه ، فكان في ذلك اختلاف ، فسكتهم خالد بن يزيد  ، ودخل الضحاك  داره أياما ، ثم صلى بالناس ، وذكر يزيد  فشتمه ، فقام رجل من كلب  فضربه بعصا فاقتتل الناس بالسيوف ، ودخل الضحاك  دار الإمارة فلم يخرج وتفرق الناس ; ففرقة زبيرية ، وأخرى بحدلية وفرقة لا يبالون . ثم أرادوا أن يبايعوا  الوليد بن عتبة بن أبي سفيان  ، فأبى ، ثم توفي . 
وطلب الضحاك  مروان  ، فأتاه هو وعمه ، والأشدق  ، وخالد بن يزيد  ، وأخوه ، فاعتذر إليهم ، وقال : اكتبوا إلى ابن بحدل  حتى ينزل الجابية  ، ونسير إليه ، ويستخلف أحدكم ، فقدم ابن بحدل  ، وسار الضحاك  وبنو أمية  يريدون الجابية   . فلما استقلت الرايات موجهة ، قال معن بن ثور  والقيسية  للضحاك   : دعوت إلى بيعة رجل أحزم الناس رأيا وفضلا وبأسا ،  [ ص: 244 ] فلما أجبناك ، سرت إلى هذا الأعرابي تبايع لابن أخته ! قال : فما العمل ؟ قالوا : تصرف الرايات ، وتنزل فتظهر البيعة لابن الزبير  ، ففعل ، وتبعه الناس . فكتب ابن الزبير  إليه بإمرة الشام  ، وطرد الأموية  من الحجاز   . 
وخاف مروان  ، فسار إلى ابن الزبير  ليبايع ، فلقيه بأذرعات  عبيد الله بن زياد  مقبلا من العراق  ، فقال : أنت شيخ بني عبد مناف  ، سبحان الله ، أرضيت أن تبايع أبا خبيب  ولأنت أولى . قال : فما ترى ؟ قال : ادع إلى نفسك ، وأنا أكفيك قريشا  ومواليها . فرجع ، ونزل بباب الفراديس   . وبقي يركب إلى الضحاك  كل يوم ، فيسلم عليه ، ويرجع إلى منزله ، فطعنه رجل بحربة في ظهره ، وعليه درع ، فأثبت الحربة ، فرد إلى منزله ، وعاده الضحاك  ، وأتاه بالرجل ، فعفا عنه . ثم قال للضحاك   : يا أبا أنيس   ! العجب لك وأنت شيخ قريش  ، تدعو لابن الزبير  ، وأنت أرضى منه ! لأنك لم تزل متمسكا بالطاعة ، وهو ففارق الجماعة . فأصغى إليه ، ودعا إلى نفسه ثلاثة أيام ، فقالوا : أخذت عهودنا وبيعتنا لرجل ، ثم تدعو إلى خلعه من غير حدث ! وأبوا فعاود الدعاء لابن الزبير  ، فأفسده ذلك عند الناس . 
فقال له ابن زياد   : من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون ، بل يبرز ويجمع إليه الخيل ، فاخرج وضم الأجناد ، ففعل ، ونزل المرج  فانضم إلى مروان  وابن زياد  جمع . وتزوج مروان  بوالدة خالد بن يزيد  ، وهي ابنة هاشم بن عتبة بن ربيعة  ، وانضم إليهم عباد بن زياد  في مواليه ، وانضم إلى الضحاك  زفر بن الحارث الكلابي أمير قنسرين  ، وشرحبيل بن ذي الكلاع  ، فصار في ثلاثين ألفا ، ومروان  في ثلاثة عشر ألفا أكثرهم رجالة . وقيل : لم يكن مع مروان  سوى ثمانين فرسا ، فالتقوا بالمرج  أياما ، فقال ابن زياد   :  [ ص: 245 ] لا تنال من هذا إلا بمكيدة ، فادع إلى الموادعة ، فإذا أمن ، فكر عليهم . فراسله فأمسكوا عن الحرب . ثم شد مروان  بجمعه على الضحاك  ، ونادى الناس : يا أبا أنيس   ! أعجزا بعد كيس ؟ فقال الضحاك   : نعم لعمري ، والتحم الحرب ، وقتل الضحاك  ، وصبرت قيس  ، ثم انهزموا ، فنادى منادي مروان   : لا تتبعوا موليا . 
قال الواقدي   : قتلت قيس  بمرج راهط  مقتلة لم تقتلها قط في نصف ذي الحجة سنة أربع وستين . 
وقيل : إن مروان  لما أتي برأس الضحاك  ، كره قتله ، وقال : الآن حين كبرت سني ، واقترب أجلي ، أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض ؟ 
				
						
						
