أبو وهب
زاهد الأندلس ، جمع ابن بشكوال أخباره في جزء مفرد .
[ ص: 507 ] قال أبو جعفر بن عون الله : سمعته يقول : لا عانق الأبكار في جنات النعيم والناس غدا في الحساب إلا من عانق الذل ، وضاجع الصبر ، وخرج منها كما دخل فيها ما رزق امرؤ مثل عافية ، ولا تصدق بمثل موعظة ، ولا سأل مثل مغفرة .
وعن خالد بن سعيد ، قال : قيل : إن أبا وهب عباسي ، وكان لا ينتسب ، وكان صاحب عزلة ، باع ماعونه قبل موته ، فقيل : ما هذا ؟ قال : أريد سفرا . فمات بعد أيام يسيرة .
وعن ابن حفصون ، قال : قلت لأبي وهب : تعلم أني كبير الدار ، فاسكن معي ، وأخدمك وأشاركك في الحلو والمر . قال : لا أفعل ، إني طلقت الدنيا بالأمس ، أفأراجعها اليوم ؟ فالمطلق إنما يطلق المرأة بعد سوء خلقها ، وقلة خيرها ، وليس في العقل الرجوع إلى مكروه ، وفي الحديث : . لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين
وقال فقير : فقد قلت ليلة لأبي وهب : قم بنا لزيارة فلان . قال : وأين العلم ؟ ولي الأمر له طاعة ، وقد منع من المشي ليلا .
قال يونس بن مغيث : طرأ أبو وهب إلى قرطبة ، وكان جليلا في الخير والزهد . يقال : إنه من ولد العباس ، وكان يقصده الزهاد ويألفونه ، وإذا جاءه من ينكر من الناس تباله وتوله ، وإذا قيل له : من أين أنت ؟ قال : أنا [ ص: 508 ] ابن آدم ولا يزيد . وأخبرني من صحبه ، أنه يفضي منه جليسه إلى علم وحلم ويقين في الفقه والحديث . وقيل : كان ربما جلب من النبات ما يقوته .
توفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وقبره يزار .