الإمام قاضي القضاة كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله بن [ ص: 58 ] القاسم بن مظفر بن علي ، ابن الشهرزوري الموصلي الشافعي ، بقية الأعلام .
مولده سنة إحدى وتسعين وأربعمائة .
وسمع من جده لأمه علي بن أحمد بن طوق ، وأبي البركات بن خميس ، وببغداد من نور الهدى الزينبي ، وطائفة .
وكان والده أحد علماء زمانه يلقب بالمرتضى ، تفقه ببغداد ، ووعظ ، وله نظم فائق ، وفضائل ، وولي قضاء الموصل ، وهو القائل :
يا ليل ما جئتكم زائرا إلا وجدت الأرض تطوى لي ولا ثنيت العزم عن بابكم إلا تعثرت بأذيالي
مات سنة إحدى عشرة وخمسمائة كهلا .وكمال الدين حدث عنه : ابنا صصرى والشيخ الموفق ، والبهاء عبد الرحمن ، وأبو محمد بن الأخضر ، والقاضي شمس الدين عمر بن [ ص: 59 ] المنجى وآخرون .
وشيخه في الفقه أسعد الميهني .
ولي قضاء بلده ، وذهب في الرسلية من صاحب الموصل زنكي الأتابك ، ثم وفد على ولد زنكي نور الدين ، فبالغ في احترامه بحلب ، ونفذه رسولا إلى المقتفي .
وقد أنشأ بالموصل مدرسة وبطيبة رباطا .
ثم إنه ولي قضاء دمشق لنور الدين ، ونظر الأوقاف ، ونظر الخزانة ، وأشياء ، فاستناب ابنه أبا حامد بحلب ، وابن أخيه أبا القاسم بحماة ، وابنه الآخر في قضاء حمص .
وقال : ولي قضاء ابن عساكر دمشق سنة 555 وكان أديبا ، شاعرا ، فكه المجلس ، يتكلم في الأصول كلاما حسنا ، ووقف وقوفا كثيرة ، وكان خبيرا بالسياسة وتدبير الملك .
وقال كان رئيس أهل بيته ، بنى مدرسة أبو الفرج ابن الجوزي بالموصل ، ومدرسة بنصيبين ، وولاه نور الدين القضاء ، ثم استوزره . ورد رسولا ، فقيل إنه كتب قصة عليها محمد بن عبد الله الرسول ، فكتب المقتفي : -صلى الله عليه وسلم- .
وقال سبط ابن الجوزي لما جاء الشيخ أحمد بن قدامة والد [ ص: 60 ] الشيخ أبي عمر إلى دمشق ، خرج إليه أبو الفضل ، ومعه ألف دينار ، فعرضها عليه ، فأبى ، فاشترى بها الهامة ووقفها على المقادسة .
قال : وقدم السلطان صلاح الدين سنة سبعين ، فأخذ دمشق ، ونزل بدار العقيقي ، ثم إنه مشى إلى دار القاضي كمال الدين ، فانزعج ، وأسرع لتلقيه ، فدخل السلطان ، وباسطه ، وقال : طب نفسا ، فالأمر أمرك ، والبلد بلدك .
ولما توفي كمال الدين ، رثاه ولده محيي الدين بقصيدة أولها-وكان بحلب - :
ألموا بسفحي قاسيون وسلموا على جدث بادي السنا وترحموا
وأدوا إليه عن كئيب تحية مكلفكم إهداءها القلب والفم