[ ص: 54 ] قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم جواب للبشارة لأنها تضمنت القول . ولذلك جاء فعل قال مفصولا غير معطوف لأنه على طريقة المحاورات ، وكان بقية أبنائه قد دخلوا فخاطبهم بقوله ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون فبين لهم مجمل كلامه الذي أجابهم به حين قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف إلخ .
وقولهم ( استغفر لنا ذنوبنا ) توبة واعتراف بالذنب ، فسألوا أباهم أن يطلب لهم المغفرة من الله . وإنما وعدهم بالاستغفار في المستقبل إذ قال سوف أستغفر لكم ربي للدلالة على أنه يلازم الاستغفار لهم في أزمنة المستقبل . ويعلم منه أنه استغفر لهم في الحال بدلالة الفحوى ، ولكنه أراد أن ينبههم إلى عظم الذنب وعظمة الله تعالى وأنه سيكرر الاستغفار لهم في أزمنة مستقبلة . وقيل : أخر الاستغفار لهم إلى ساعة هي مظنة الإجابة . وعن مرفوعا أنه أخر إلى ليلة الجمعة ، رواه ابن عباس . وقال الطبري ابن كثير : في رفعة نظر .
وجملة إنه هو الغفور الرحيم في موضع التعليل لجملة ( أستغفر لكم ربي ) ، وأكد بضمير الفصل لتقوية الخبر .