وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل
لما شنع على المشركين أنهم حرموا على أنفسهم ما لم يحرمه الله ، وحذر المسلمين من تحريم أشياء على أنفسهم جريا على ما اعتاده قومهم من تحريم ما أحل لهم ، نظر أولئك ، وحذر هؤلاء . فهذا وجه تعقيب الآية السالفة بآية وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل .
والمراد منه ما ذكر في سورة الأنعام ، كما روي عن الحسن وعكرمة وقتادة ، وقد أشار إلى تلك المناسبة قوله وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، أي وما ظلمناهم بما حرمنا عليهم ، ولكنهم كفروا النعمة فحرموا من نعم عظيمة ، وغير أسلوب الكلام إلى خطاب النبيء صلى الله عليه وسلم ; لأن جانب التحذير فيه أهم من جانب التنظير .
وتقديم المجرور في وعلى الذين هادوا للاهتمام ، وللإشارة إلى أن ذلك حرم عليهم ابتداء ، ولم يكن محرما من شريعة إبراهيم عليه السلام [ ص: 313 ] التي كان عليها سلفهم ، كما قال تعالى كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ، أي عليهم دون غيرهم ، فلا تحسبوا أن ذلك من الحنيفية .