قال أقتلت نفسا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله يدل تفريع قوله فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما عن اعتذار موسى ، على أن الخضر قبل عذره ، وانطلقا مصطحبين .
والقول في نظم قوله حتى إذا لقيا غلاما كالقول في قوله حتى إذا ركبا في السفينة .
وقوله " فقتله " تعقيب لفعل " لقيا " تأكيدا للمبادرة المفهومة من تقديم الظرف ، فكانت المبادرة بقتل الغلام عند لقائه أسرع من المبادرة بخرق السفينة حين ركوبها .
وكلام موسى في إنكار ذلك جرى على نسق كلامه في إنكار خرق السفينة [ ص: 378 ] سوى أنه وصف هذا الفعل بأنه نكر ، وهو بضمتين : الذي تنكره العقول وتستقبحه ، فهو أشد من الشيء الإمر ; لأن هذا فساد حاصل ، والآخر ذريعة فساد كما تقدم ، ووصف النفس بالزاكية ; لأنها نفس غلام لم يبلغ الحلم ; فلم يقترف ذنبا ; فكان زكيا طاهرا ، والزكاء : الزيادة في الخير .
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وأبو جعفر ، ورويس عن يعقوب ( زاكية ) بألف بعد الزاي اسم فاعل من زكا ، وقرأ الباقون " زكية " ، وهما بمعنى واحد .
قال ابن عطية : النون من قوله نكرا هي نصف القرآن ، أي نصف حروفه ، وقد تقدم أن ذلك مخالف لقول الجمهور : إن نصف القرآن هو حرف التاء من قوله تعالى وليتلطف في هذه السورة .