[ ص: 88 ] وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا
فائدة قوله وهزي إليك بجذع النخلة أن يكون إثمار الجذع اليابس رطبا ببركة تحريكها إياه ، وتلك كرامة أخرى لها . ولتشاهد بعينها كيف يثمر الجذع اليابس رطبا . وفي ذلك كرامة لها بقوة يقينها بمرتبتها .
والباء في بجذع النخلة لتوكيد لصوق الفعل بمفعوله مثل وامسحوا برءوسكم وقوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . وضمن هزي معنى قربي أو أدني ، فعدي بـ ( إلى ) ، أي حركي جذع النخلة وقربيه يدن إليك ويلن بعد اليبس ويسقط عليك رطبا : والمعنى : أدني إلى نفسك جذع النخلة . فكان فاعل الفعل ومتعلقه متحدا ، وكلاهما ضمير معاد واحد . ولا ضير في ذلك لصحة المعنى وورود أمثاله في الاستعمال نحو واضمم إليك جناحك . فالضام والمضموم إليه واحد . وإنما منع النحاة أن يكون الفاعل والمفعول ضميري معاد واحد إلا في أفعال القلوب ، وفي فعلي : عدم وفقد ، لعدم سماع ذلك ، لا لفساد المعنى ، فلا يقاس على ذلك منع غيره .
والرطب : تمر لم يتم جفافه .
والجني : فعيل بمعنى مفعول ، أي مجتنى ، وهو كناية عن حدثان سقوطه ، أي عن طراوته ولم يكن من الرطب المخبوء من قبل لأن الرطب متى كان أقرب عهدا بنخلته كان أطيب طعما .
[ ص: 89 ] و ( تساقط ) قرأه الجمهور بفتح التاء وتشديد السين أصله تتساقط بتاءين أدغمت التاء الثانية في السين ليتأتى التخفيف بالإدغام .
وقرأه حمزة بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين للتخفيف . و رطبا على هاته القراءات تمييز لنسبة التساقط إلى النخلة .
وقرأه حفص بضم التاء وكسر السين على أنه مضارع ساقطت النخلة تمرها ، مبالغة في أسقطت ، و رطبا مفعول به .
وقرأه يعقوب بياء تحتية مفتوحة وفتح القاف وتشديد السين فيكون الضمير المستتر عائدا إلى جذع النخلة .
وجملة فكلي وما بعدها فذلكة للجمل التي قبلها من قوله قد جعل ربك تحتك سريا أي فأنت في بحبوحة عيش .
وقرة العين : كناية عن السرور بطريق المضادة ، لقولهم : سخنت عينه إذا كثر بكاؤه . فالكناية بضد ذلك عن السرور كناية بأربع مراتب ، وتقدم في قوله تعالى وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك . وقرة العين تشمل هناء العيش وتشمل الأنس بالطفل المولود . وفي كونه قرة عين كناية عن ضمان سلامته ونباهة شأنه .
وفتح القاف في وقري عينا لأنه مضارع قررت عينه من باب رضي ، أدغم فنقلت حركة عين الكلمة إلى فائها في المضارع لأن الفاء ساكنة .