nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88nindex.php?page=treesubj&link=28990_29705_29706وقالوا اتخذ الرحمن ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90يكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=94لقد أحصاهم وعدهم عدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=95وكلهم آتيه يوم القيمة فردا .
عطف على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66ويقول الإنسان أإذا ما مت ) أو على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81واتخذوا من دون الله آلهة ) إتماما لحكاية أقوالهم ، وهو القول بأن لله ولدا ، وهو قول المشركين : الملائكة بنات الله . وقد تقدم في سورة النحل وغيرها ؛ فصريح الكلام رد على المشركين ، وكنايته تعريض بالنصارى الذين شابهوا المشركين في نسبة الولد إلى الله ، فهو تكملة للإبطال الذي في قوله تعالى آنفا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=35ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه ) إلخ . والضمير عائد إلى المشركين ، فيفهم منه أن المقصود من حكاية قولهم ليس مجرد الإخبار عنهم ، أو تعليم دينهم ولكن تفظيع قولهم وتشنيعه ، وإنما قالوا ذلك تأييدا لعبادتهم الملائكة والجن واعتقادهم شفعاء لهم .
[ ص: 170 ] وذكر الرحمن هنا حكاية لقولهم بالمعنى ، وهم لا يذكرون اسم الرحمن ولا يقرون به ، وقد أنكروه كما حكى الله عنهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) . فهم إنما يقولون ( اتخذ الله ولدا ) كما حكي عنهم في آيات كثيرة منها آية سورة الكهف . فذكر الرحمن هنا وضع للمرادف في موضع مرادفه . فذكر اسم الرحمن لقصد إغاظتهم بذكر اسم أنكروه . وفيه أيضا إيماء إلى اختلال قولهم لمنافاة وصف الرحمن اتخاذ الولد كما سيأتي في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) . والخطاب في (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم ) للذين قالوا اتخذ الرحمن ولدا ، فهو التفات لقصد إبلاغهم التوبيخ على وجه شديد الصراحة لا يلتبس فيه المراد . كما تقدم في قوله آنفا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها ) فلا يحسن تقدير : قل لقد جئتم . وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا ) مستأنفة لبيان ما اقتضته جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) من التشنيع والتفظيع .
وقرأ
نافع ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بياء تحتية على عدم الاعتداد بالتأنيث . وذلك جائز في الاستعمال إذا لم يكن الفعل رافعا لضمير مؤنث متصل ، وقرأ البقية ( تكاد ) بالتاء المثناة الفوقية ، وهو الوجه الآخر .
والتفطر : الانشقاق ، والجمع بينه وبين (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90وتنشق الأرض ) تفنن في استعمال المترادف لدفع ثقل تكرير اللفظ . والخرور : السقوط .
و ( من ) في قوله ( منه ) للتعليل ، والضمير المجرور ب ( من ) عائد إلى ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89شيئا إدا ) ) ، أو إلى القول المستفاد من (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88قالوا اتخذ الله ولدا ) .
[ ص: 171 ] والكلام جار على المبالغة في التهويل من فظاعة هذا القول بحيث أنه يبلغ إلى الجمادات العظيمة فيغير كيانها .
وقرأ
نافع ، وابن كثير ، وحفص عن
عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي يتفطرن بمثناة تحتية بعدها تاء فوقية . وقرأ
أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، وأبو جعفر ،
ويعقوب ، وخلف ، وأبو بكر عن
عاصم بتحتية بعدها نون من الانفطار . والوجهان مطاوع فطر المضاعف أو فطر المجرد ، ولا يكاد ينضبط الفرق بين البنيتين في الاستعمال . ولعل محاولة التفرقة بينهما كما في الكشاف والشافية لا يطرد .
قال تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=25ويوم تشقق السماء بالغمام ) ، وقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت ) . وقرئ في هذه الآية ( يتفطرون ) و ( ينفطرون ) . والأصل توافق القراءتين في البلاغة .
والهد : هدم البناء . وانتصب ( هدا ) على المفعولية المطلقة لبيان نوع الخرور . أي سقوط الهدم ، وهو أن يتساقط شظايا وقطعا .
و ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ولدا ) ) متعلق بكل من ( يتفطرن ، وتنشق ، وتخر ) ، وهو على حذف لام الجر قبل أن المصدرية وهو حذف مطرد . والمقصود منه تأكيد ما أفيد من قوله منه . وزيادة بيان لمعاد الضمير المجرور في قوله منه اعتناء ببيانه .
ومعنى ( دعوا ) : نسبوا ، كقوله تعالى ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم ) ) ، ومنه يقال : ادعى إلى بني فلان ، أي انتسب . قال
بشامة بن حزن النهشلي :
إنا بني نهشل لا ندعي لأب عنه ولا هو بالأبناء يشرينا
وجملة ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) ) عطف على جملة ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) ) .
[ ص: 172 ] ومعنى ( ( ما ينبغي ) ) ما يتأتى ، أو ما يجوز . وأصل الانبغاء : أنه مطاوع فعل بغى الذي بمعنى طلب . ومعنى مطاوعته : التأثر بما طلب منه ، أي استجابة الطلب .
نقل
الطيبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أنه قال في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : كل فعل فيه علاج يأتي مطاوعه على الانفعال كصرف وطلب وعلم ، وما ليس فيه علاج كعدم وفقد لا يتأتى في مطاوعه الانفعال ألبتة اهـ .
فبان أن أصل معنى ينبغي يستجيب الطلب . ولما كان الطلب مختلف المعاني باختلاف المطلوب لزم أن يكون معنى ( ينبغي ) مختلفا بحسب المقام فيستعمل بمعنى : يتأتى ، ويمكن ، ويستقيم ، ويليق . وأكثر تلك الإطلاقات أصله من قبيل الكناية واشتهرت فقامت مقام التصريح .
والمعنى في هذه الآية : وما يجوز أن يتخذ الرحمن ولدا . بناء على أن المستحيل لو طلب حصوله لما تأتى لأنه مستحيل لا تتعلق به القدرة ، لا لأن الله عاجز عنه . ونحو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ) يفيد معنى : لا يستقيم لنا ، أو لا يخول لنا أن نتخذ أولياء غيرك ، ونحو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ) يفيد معنى لا تستطيع . ونحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) يفيد معنى : أنه لا يليق به . ونحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ) يفيد معنى : لا يستجاب طلبه لطالبه إن طلبه ، وفرق بين قولك : ينبغي لك أن لا تفعل هذا ، وبين لا ينبغي لك أن تفعل كذا ، أي ما يجوز لجلال الله أن يتخذ ولدا لأن جميع الموجودات غير ذاته تعالى يجب أن تكون مستوية في المخلوقية له والعبودية له . وذلك ينافي البنوة لأن بنوة الإله جزء من الإلهية ، وهو أحد الوجهين في تفسير قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=81قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) ، أي لو كان له ولد لعبدته قبلكم .
[ ص: 173 ] ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93آتي الرحمن عبدا ) : الإتيان المجازي ، وهو الإقرار والاعتراف ، مثل : باء بكذا ، أصله رجع ، واستعمل بمعنى اعترف . وعبدا حال ، أي معترف لله بالإلهية غير مستقل عنه في شيء في حال كونه عبدا . ويجوز جعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93آتي الرحمن ) بمعنى صائر إليه بعد الموت ، ويكون المعنى أنه يحيا عبدا ويحشر عبدا بحيث لا تشوبه نسبة البنوة في الدنيا ولا في الآخرة . وتكرير اسم الرحمن في هذه الآية أربع مرات إيماء إلى أن وصف الرحمن الثابت لله ، والذي لا ينكر المشركون ثبوت حقيقته لله وإن أنكروا لفظه . ينافي ادعاء الولد له لأن الرحمن وصف يدل على عموم الرحمة وتكثرها . ومعنى ذلك أنها شاملة لكل موجود مفتقر إلى رحمة الله تعالى . ولا يتقوم ذلك إلا بتحقيق العبودية فيه . لأنه لو كان بعض الموجودات ابنا لله تعالى لاستغنى عن رحمته لأنه يكون بالنبوة مساويا له في الإلهية المقتضية الغنى المطلق ، ولأن اتخاذ الابن يتطلب به متخذه بر الابن به ورحمته له ، وذلك ينافي كون الله مفيض كل رحمة .
فذكر هذا الوصف عند قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ولدا ) تسجيل لغباوتهم . وذكره عند قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) إيماء إلى دليل عدم لياقة اتخاذ الابن بالله .
وذكره عند قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إلا آتي الرحمن عبدا ) استدلال على احتياج جميع الموجودات إليه وإقرارها له بملكه إياها .
[ ص: 174 ] وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=94لقد أحصاهم ) عطف على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا ) ، مستأنفة ابتدائية لتهديد القائلين هذه المقالة . فضمائر الجمع عائدة إلى ما عاد إليه ضمير (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) وما بعده . وليس عائدا على (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93من في السماوات والأرض ) ، أي لقد علم الله كل من قال ذلك وعدهم فلا ينفلت أحد منهم من عقابه .
ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=95وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) إبطال ما لأجله قالوا اتخذ الله ولدا ؛ لأنهم زعموا ذلك موجب عبادتهم الملائكة والجن ليكونوا شفعاءهم عند الله ، فأيأسهم الله من ذلك بأن كل واحد يأتي يوم القيامة مفردا لا نصير له كما في قوله في الآية السالفة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=80ويأتينا فردا ) .
وفي ذلك تعريض بأنهم آتون لما يكرهون من العذاب والإهانة إتيان الأعزل إلى من يتمكن من الانتقام .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88nindex.php?page=treesubj&link=28990_29705_29706وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90يَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنَ عَبْدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=94لَقَدْ أُحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=95وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقَيِّمَةِ فَرْدًا .
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ ) أَوْ عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً ) إِتْمَامًا لِحِكَايَةِ أَقْوَالِهِمْ ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ وَغَيْرِهَا ؛ فَصَرِيحُ الْكَلَامِ رَدٌّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَكِنَايَتُهُ تَعْرِيضٌ بِالنَّصَارَى الَّذِينَ شَابَهُوا الْمُشْرِكِينَ فِي نِسْبَةِ الْوَلَدِ إِلَى اللَّهِ ، فَهُوَ تَكْمِلَةٌ لِلْإِبْطَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى آنِفًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=35مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ ) إِلَخْ . وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حِكَايَةِ قَوْلِهِمْ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ ، أَوْ تَعْلِيمَ دِينِهِمْ وَلَكِنْ تَفْظِيعُ قَوْلِهِمْ وَتَشْنِيعَهُ ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ تَأْيِيدًا لِعِبَادَتِهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ وَاعْتِقَادِهِمْ شُفَعَاءَ لَهُمْ .
[ ص: 170 ] وَذِكْرُ الرَّحْمَنِ هُنَا حِكَايَةٌ لِقَوْلِهِمْ بِالْمَعْنَى ، وَهُمْ لَا يَذَكُرُونَ اسْمَ الرَّحْمَنِ وَلَا يُقِرُّونَ بِهِ ، وَقَدْ أَنْكَرُوهُ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ ) . فَهُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ ( اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ) كَمَا حُكِيَ عَنْهُمْ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا آيَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ . فَذِكْرُ الرَّحْمَنِ هُنَا وَضَعٌ لِلْمُرَادِفِ فِي مَوْضِعِ مُرَادِفِهِ . فَذِكْرُ اسْمِ الرَّحْمَنِ لِقَصْدِ إِغَاظَتِهِمْ بِذِكْرِ اسْمٍ أَنْكَرُوهُ . وَفِيهِ أَيْضًا إِيمَاءٌ إِلَى اخْتِلَالِ قَوْلِهِمْ لِمُنَافَاةِ وَصْفِ الرَّحْمَنِ اتِّخَاذَ الْوَلَدِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) . وَالْخِطَابُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لَقَدْ جِئْتُمْ ) لِلَّذِينِ قَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ، فَهُوَ الْتِفَاتٌ لِقَصْدِ إِبْلَاغِهِمُ التَّوْبِيخَ عَلَى وَجْهٍ شَدِيدِ الصَّرَاحَةِ لَا يَلْتَبِسُ فِيهِ الْمُرَادُ . كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ آنِفًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) فَلَا يَحْسُنُ تَقْدِيرُ : قُلْ لَقَدْ جِئْتُمْ . وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ مَا اقْتَضَتْهُ جُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) مِنْ التَّشْنِيعِ وَالتَّفْظِيعِ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ ، nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ عَلَى عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالتَّأْنِيثِ . وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ رَافِعًا لِضَمِيرٍ مُؤَنَّثٍ مُتَّصِلٍ ، وَقَرَأَ الْبَقِيَّةُ ( تَكَادُ ) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْآخَرُ .
وَالتَّفَطُّرُ : الِانْشِقَاقُ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ) تَفَنَّنٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُتَرَادِفِ لِدَفْعِ ثِقَلِ تَكْرِيرِ اللَّفْظِ . وَالْخُرُورُ : السُّقُوطُ .
وَ ( مَنْ ) فِي قَوْلِهِ ( مِنْهُ ) لِلتَّعْلِيلِ ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِ ( مِنْ ) عَائِدٌ إِلَى ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89شَيْئًا إِدًّا ) ) ، أَوْ إِلَى الْقَوْلِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ) .
[ ص: 171 ] وَالْكَلَامُ جَارٍ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّهْوِيلِ مِنْ فَظَاعَةِ هَذَا الْقَوْلِ بِحَيْثُ أَنَّهُ يُبَلَّغُ إِلَى الْجَمَادَاتِ الْعَظِيمَةِ فَيُغَيِّرُ كِيَانَهَا .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ ، وَابْنُ كَثِيرٍ ، وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ يَتَفَطَّرُنَّ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بَعْدَهَا تَاءٌ فَوْقِيَّةٌ . وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو ، وَابْنُ عَامِرٍ ، وَحَمْزَةُ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَيَعْقُوبُ ، وَخَلَفٌ ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ بِتَحْتِيَّةٍ بَعْدَهَا نُونٌ مِنَ الِانْفِطَارِ . وَالْوَجْهَانِ مُطَاوِعُ فَطَرَ الْمُضَاعَفِ أَوْ فَطَرَ الْمُجَرَّدِ ، وَلَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبِنْيَتَيْنِ فِي الِاسْتِعْمَالِ . وَلَعَلَّ مُحَاوَلَةُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْكَشَّافِ وَالشَّافِيَةِ لَا يَطَّرِدُ .
قَالَ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=25وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ ) ، وَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) . وَقُرِئَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ( يَتَفَطَّرُونَ ) وَ ( يَنْفَطِرُونَ ) . وَالْأَصْلُ تَوَافُقُ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي الْبَلَاغَةِ .
وَالْهَدُّ : هَدْمُ الْبِنَاءِ . وَانْتَصَبَ ( هَدًّا ) عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِبَيَانِ نَوْعِ الْخُرُورِ . أَيْ سُقُوطَ الْهَدْمِ ، وَهُوَ أَنْ يَتَسَاقَطَ شَظَايَا وَقِطَعًا .
وَ ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ) ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ ( يَتَفَطَّرْنَ ، وَتَنْشَقُّ ، وَتَخِرُّ ) ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ لَامِ الْجَرِّ قَبْلَ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ وَهُوَ حَذْفٌ مُطَّرِدٌ . وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ تَأْكِيدُ مَا أُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ مِنْهُ . وَزِيَادَةُ بَيَانٍ لِمَعَادِ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ مِنْهُ اعْتِنَاءً بِبَيَانِهِ .
وَمَعْنَى ( دَعَوْا ) : نَسَبُوا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ) ) ، وَمِنْهُ يُقَالُ : ادَّعَى إِلَى بَنِي فُلَانٍ ، أَيِ انْتَسَبَ . قَالَ
بَشَامَةُ بْنُ حَزْنٍ النَّهْشَلِيُّ :
إِنَّا بَنِي نَهْشَلٍ لَا نَدَّعِي لِأَبٍ عَنْهُ وَلَا هُوَ بِالْأَبْنَاءِ يَشْرِينَا
وَجُمْلَةُ ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) ) عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) ) .
[ ص: 172 ] وَمَعْنَى ( ( مَا يَنْبَغِي ) ) مَا يَتَأَتَّى ، أَوْ مَا يَجُوزُ . وَأَصْلُ الِانْبِغَاءِ : أَنَّهُ مُطَاوِعُ فِعْلِ بَغَى الَّذِي بِمَعْنَى طَلَبَ . وَمَعْنَى مُطَاوَعَتِهِ : التَّأَثُّرُ بِمَا طُلِبَ مِنْهُ ، أَيِ اسْتِجَابَةُ الطَّلَبِ .
نَقَلَ
الطِّيبِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : كُلُّ فِعْلٍ فِيهِ عِلَاجٌ يَأْتِي مُطَاوِعُهُ عَلَى الِانْفِعَالِ كَصَرَفَ وَطَلَبَ وَعَلِمَ ، وَمَا لَيْسَ فِيهِ عِلَاجٌ كَعَدِمَ وَفَقَدَ لَا يَتَأَتَّى فِي مُطَاوَعِهِ الِانْفِعَالُ أَلْبَتَّةَ اهـ .
فَبَانَ أَنَّ أَصْلَ مَعْنَى يَنْبَغِي يَسْتَجِيبُ الطَّلَبَ . وَلِمَّا كَانَ الطَّلَبُ مُخْتَلِفُ الْمَعَانِي بِاخْتِلَافِ الْمَطْلُوبِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ( يَنْبَغِي ) مُخْتَلِفًا بِحَسْبِ الْمَقَامِ فَيُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى : يَتَأَتَّى ، وَيُمْكِنُ ، وَيَسْتَقِيمُ ، وَيَلِيقُ . وَأَكْثَرُ تِلْكَ الْإِطْلَاقَاتِ أَصْلُهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَةِ وَاشْتُهِرَتْ فَقَامَتْ مَقَامَ التَّصْرِيحِ .
وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ : وَمَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا . بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِيلَ لَوْ طُلِبَ حُصُولُهُ لَمَا تَأَتَّى لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ ، لَا لِأَنَّ اللَّهَ عَاجِزٌ عَنْهُ . وَنَحْوَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ) يُفِيدُ مَعْنَى : لَا يَسْتَقِيمُ لَنَا ، أَوْ لَا يُخَوَّلُ لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ أَوْلِيَاءَ غَيْرَكَ ، وَنَحْوَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ) يُفِيدُ مَعْنَى لَا تَسْتَطِيعُ . وَنَحْوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ) يُفِيدُ مَعْنَى : أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهِ . وَنَحْوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ) يُفِيدُ مَعْنَى : لَا يُسْتَجَابُ طَلَبُهُ لِطَالِبِهِ إِنْ طَلَبَهُ ، وَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِكَ : يَنْبَغِي لَكَ أَنْ لَا تَفْعَلْ هَذَا ، وَبَيْنَ لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا ، أَيْ مَا يَجُوزُ لِجَلَالِ اللَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَوْجُودَاتِ غَيْرُ ذَاتِهِ تَعَالَى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَوِيَةً فِي الْمَخْلُوقِيَّةِ لَهُ وَالْعُبُودِيَّةِ لَهُ . وَذَلِكَ يُنَافِي الْبُنُوَّةَ لِأَنَّ بُنُوَّةَ الْإِلَهِ جُزْءٌ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=81قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) ، أَيْ لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لَعَبَدْتُهُ قَبْلَكُمْ .
[ ص: 173 ] وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) : الْإِتْيَانُ الْمَجَازِيُّ ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَالِاعْتِرَافُ ، مِثْلُ : بَاءَ بِكَذَا ، أَصْلُهُ رَجَعَ ، وَاسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى اعْتَرَفَ . وَعَبْدًا حَالٌ ، أَيْ مُعْتَرِفٌ لِلَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فِي حَالِ كَوْنِهِ عَبْدًا . وَيَجُوزُ جَعْلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93آتِي الرَّحْمَنِ ) بِمَعْنَى صَائِرٌ إِلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْيَا عَبْدًا وَيُحْشَرُ عَبْدًا بِحَيْثُ لَا تَشُوبُهُ نِسْبَةُ الْبُنُوَّةِ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ . وَتَكْرِيرُ اسْمِ الرَّحْمَنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ وَصْفَ الرَّحْمَنِ الثَّابِتِ لِلَّهِ ، وَالَّذِي لَا يُنْكِرُ الْمُشْرِكُونَ ثُبُوتَ حَقِيقَتِهِ لِلَّهِ وَإِنْ أَنْكَرُوا لَفْظَهُ . يُنَافِي ادِّعَاءَ الْوَلَدِ لَهُ لِأَنَّ الرَّحْمَنَ وَصْفٌ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الرَّحْمَةِ وَتَكَثُّرِهَا . وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا شَامِلَةٌ لِكُلِّ مَوْجُودٍ مُفْتَقِرٍ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى . وَلَا يَتَقَوَّمُ ذَلِكَ إِلَّا بِتَحْقِيقِ الْعُبُودِيَّةِ فِيهِ . لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمَوْجُودَاتِ ابْنًا لِلَّهِ تَعَالَى لَاسْتَغْنَى عَنْ رَحْمَتِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالنُّبُوَّةِ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْإِلَهِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ الْغِنَى الْمُطْلَقَ ، وَلِأَنَّ اتِّخَاذَ الِابْنِ يَتَطَلَّبُ بِهِ مُتَّخِذُهُ بَرَّ الِابْنِ بِهِ وَرَحْمَتَهُ لَهُ ، وَذَلِكَ يُنَافِي كَوْنَ اللَّهِ مُفِيضُ كُلِّ رَحْمَةٍ .
فَذِكْرُ هَذَا الْوَصْفَ عِنْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) وَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ) تَسْجِيلٌ لِغَبَاوَتِهِمْ . وَذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) إِيمَاءٌ إِلَى دَلِيلِ عَدَمِ لِيَاقَةِ اتِّخَاذِ الِابْنِ بِاللَّهِ .
وَذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى احْتِيَاجِ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ إِلَيْهِ وَإِقْرَارِهَا لَهُ بِمُلْكِهِ إِيَّاهَا .
[ ص: 174 ] وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=94لَقَدْ أَحْصَاهُمْ ) عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) ، مُسْتَأْنَفَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ لِتَهْدِيدِ الْقَائِلِينَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ . فَضَمَائِرُ الْجَمْعِ عَائِدَةٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) وَمَا بَعْدَهُ . وَلَيْسَ عَائِدًا عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ، أَيْ لَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ كُلَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَعَدَّهُمْ فَلَا يَنْفَلِتُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ عِقَابِهِ .
وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=95وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) إِبْطَالُ مَا لِأَجْلِهِ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ؛ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا ذَلِكَ مُوجِبُ عِبَادَتِهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ لِيَكُونُوا شُفَعَاءَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، فَأَيْأَسَهُمُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُفْرَدًا لَا نَصِيرَ لَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ السَّالِفَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=80وَيَأْتِينَا فَرْدًا ) .
وَفِي ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُمْ آتُونَ لِمَا يَكْرَهُونَ مِنَ الْعَذَابِ وَالْإِهَانَةِ إِتْيَانَ الْأَعْزَلِ إِلَى مَنْ يَتَمَكَّنُ مِنَ الِانْتِقَامِ .