إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .
يقتضي اتصال الآيات بعضها ببعض في المعاني أن هذه الآية وصف لحال المؤمنين يوم القيامة بضد حال المشركين ، فيكون حال إتيانهم غير حال انفراد بل حال تأنس بعضهم ببعض .
ولما ختمت الآية قبلها بأن المشركين آتون يوم القيامة مفردين . وكان ذلك مشعرا بأنهم آتون إلى ما من شأنه أن يتمنى المورط فيه من يدفع عنه وينصره ، وإشعار ذلك بأنهم مغضوب عليهم ، أعقب ذلك بذكر حال المؤمنين الصالحين ، وأنهم على العكس من حال المشركين ، وأنهم يكونون يومئذ بمقام المودة والتبجيل . فالمعنى : سيجعل لهم الرحمن أوداء من الملائكة كما قال تعالى ( نحن أولياؤكم في [ ص: 175 ] الحياة الدنيا وفي الآخرة ) ، ويجعل بين أنفسهم مودة كما قال تعالى ( ونزعنا ما في صدورهم من غل ) . وإيثار المصدر ليفي بعدة متعلقات بالود . وفسر أيضا جعل الود بأن الله يجعل لهم محبة في قلوب أهل الخير . رواه الترمذي عن عن قتيبة بن سعيد الدراوردي . وليست هذه الزيادة عن أحد ممن روى الحديث عن غير ولا عن قتيبة بن سعيد في غير رواية قتيبة بن سعيد الترمذي ، فهذه الزيادة إدراج من قتيبة عند الترمذي خاصة .
وفسر أيضا بأن الله سيجعل لهم محبة منه تعالى . فالجعل هنا كالإلقاء في قوله تعالى ( وألقيت عليك محبة مني ) . هذا أظهر الوجوه في تفسير الود . وقد ذهب فيه جماعات المفسرين إلى أقوال شتى متفاوتة في القبول .