nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28993_20003_28862من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ
موقع هذه الآية غامض ، ومفادها كذلك . ولنبدأ ببيان موقعها ثم نتبعه ببيان معناها فإن بين موقعها ومعناها اتصالا .
[ ص: 218 ] فيحتمل أن يكون موقعها استئنافا ابتدائيا أريد به ذكر فريق ثالث غير الفريقين المتقدمين في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=3ومن الناس من يجادل في الله بغير علم الآية وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله على حرف . وهذا الفريق الثالث جماعة أسلموا واستبطأوا نصر المسلمين فأيسوا منه وغاظهم تعجلهم للدخول في الإسلام وأن لم يتريثوا في ذلك وهؤلاء هم المنافقون . ويحتمل أن يكون موقعها تذييلا لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله على حرف الآية بعد أن اعترض بين تلك الجملة وبين هاته بجمل أخرى فيكون المراد : أن الفريق الذين يعبدون الله على حرف والمخبر عنهم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11خسر الدنيا والآخرة هم قوم يظنون أن الله لا ينصرهم في الدنيا ولا في الآخرة إن بقوا على الإسلام . فأما ظنهم انتفاء النصر في الدنيا فلأنهم قد أيسوا من النصر استبطاء . وأما في الآخرة فلأنهم لا يؤمنون بالبعث ومن أجل هذا علق فعل ( لن ينصره ) بالمجرور بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15في الدنيا والآخرة إيماء إلى كونه متعلق الخسران في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11خسر الدنيا والآخرة . فإن عدم النصر خسران في الدنيا بحصول ضده ، وفي الآخرة باستحالة وقوع الجزاء في الآخرة حسب اعتقاد كفرهم . وهؤلاء مشركون مترددون . ويترجح هذا الاحتمال بتغيير أسلوب الكلام ، فلم يعطف بالواو كما عطف قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله ولم تورد فيه جملة ( ومن الناس ) كما أوردت في ذكر الفريقين السابقين ويكون المقصود من الآية تهديد هذا الفريق . فيكون التعبير عن هذا الفريق بقوله ( من كان يظن ) إلخ إظهارا في مقام الإضمار ، فإن مقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير ذلك الفريق فيقال بعد قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=14إن الله يفعل ما يريد [ ص: 219 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فليمدد بسبب إلى السماء إلخ عائدا الضمير المستتر في قوله ( فليمدد ) على
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11من يعبد الله على حرف . والعدول عن الإضمار إلى الإظهار لوجهين . أحدهما : بعد معاد الضمير . وثانيهما التنبيه على أن عبادته الله على حرف ناشئة عن ظنه أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة إن صمم على الاستمرار في اتباع الإسلام لأنه غير واثق بوعد النصر للمسلمين . وضمير النصب في ( ينصره ) عائد إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11من يعبد الله على حرف على كلا الاحتمالين . واسم ( السماء ) مراد به المعنى المشهور على كلا الاحتمالين أيضا أخذا بما رواه
القرطبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد ( يعني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ) أنه قال في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فليمدد بسبب إلى السماء قال : هي السماء المعروفة ، يعني المظلة . فالمعنى : فلينط حبلا بالسماء مربوطا به ثم يقطعه فيسقط من السماء فيتمزق كل ممزق فلا يغني عنه فعله شيئا من إزالة غيظه . ومفعول ( يقطع ) محذوف لدلالة المقام عليه . والتقدير : ثم ليقطعه ، أي ليقطع السبب . والأمر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فليمدد بسبب إلى السماء للتعجيز ، فيعلم أن تعليق الجواب على حصول شرط لا يقع كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=33يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا . وأما استخراج معنى الآية من نظمها فإنها نسجت على إيجاز بديع . شبهت حالة استبطان هذا الفريق الكفر وإظهارهم الإسلام على حنق ، أو حالة ترددهم بين البقاء في المسلمين وبين الرجوع إلى الكفار بحالة المغتاظ مما صنع فقيل لهم : عليكم أن تفعلوا
[ ص: 220 ] ما يفعله أمثالكم ممن ملأهم الغيظ وضاقت عليهم سبل الانفراج ، فامددوا حبلا بأقصى ما يمد إليه حبل ، وتعلقوا به في أعلى مكان ثم اقطعوه تخروا إلى الأرض . وذلك تهكم بهم في أنهم لا يجدون غنى في شيء من أفعالهم ، وإنذار باستمرار فتنتهم في الدنيا مع الخسران في الآخرة .
ويحتمل أن تكون الآية مشيرة إلى فريق آخر أسلموا في مدة ضعف الإسلام واستبطأوا النصر فضاقت صدورهم فخطرت لهم خواطر شيطانية أن يتركوا الإسلام ويرجعوا إلى الكفر فزجرهم الله وهددهم بأنهم إن كانوا آيسين من النصر في الدنيا ومرتابين في نيل ثواب الآخرة فإن ارتدادهم عن الإسلام لا يضر الله ولا رسوله ولا يكيد الدين وإن شاءوا فليختنقوا فينظروا هل يزيل الاختناق غيظهم . ولعل هؤلاء من المنافقين . فموقع الآية على هذا الوجه موقع الاستئناف الابتدائي لذكر فريق آخر يشبه من يعبد الله على حرف . والمناسبة ظاهرة . ويجيء على هذا الوجه أن يكون ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15ينصره الله عائدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وهذا مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واختاره
الفراء nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . ويستتبع ذلك في كل الوجوه تعريض بالتنبيه لخلص المؤمنين أن لا ييأسوا من نصر الله في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط . قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين الآية .
[ ص: 221 ] والسبب : الحبل . وتقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166وتقطعت بهم الأسباب في سورة البقرة .
والقطع : قيل يطلق على الاختناق لأنه يقطع الأنفاس .
و ( ما ) مصدرية ، أي غيظه . والاستفهام بـ ( هل ) إنكاري . وهو معلق فعل ( فلينظر ) عن العمل . والنظر قلبي . وسمي الفعل كيدا لأنه يشبه الكيد في أنه فعله لأن يكيد المسلمين على وجه الاستعارة التهكمية فإنه لا يكيد به المسلمين بل يضر به نفسه .
وقرأ الجمهور " ثم ليقطع " بسكون لام " ليقطع " وهو لام الأمر . فإذا كان في أول الكلمة كان مكسورا ، وإذا وقع بعد عاطف غير ( ثم ) كان ساكنا مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104ولتكن منكم أمة . فإذا وقع بعد ( ثم ) جاز فيه الوجهان . وقرأه
ابن عامر ، وأبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش عن
نافع ، وأبو جعفر ورويس عن
يعقوب بكسر اللام .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28993_20003_28862مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ
مَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَةِ غَامِضٌ ، وَمُفَادُهَا كَذَلِكَ . وَلْنَبْدَأْ بِبَيَانِ مَوْقِعِهَا ثُمَّ نُتْبِعُهُ بِبَيَانِ مَعْنَاهَا فَإِنَّ بَيْنَ مَوْقِعِهَا وَمَعْنَاهَا اتِّصَالًا .
[ ص: 218 ] فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِعُهَا اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا أُرِيدَ بِهِ ذِكْرُ فَرِيقٍ ثَالِثٍ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=3وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ الْآيَةَ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ . وَهَذَا الْفَرِيقُ الثَّالِثُ جَمَاعَةٌ أَسْلَمُوا وَاسَتَبْطَأُوا نَصْرَ الْمُسْلِمِينَ فَأَيِسُوا مِنْهُ وَغَاظَهُمْ تَعَجُّلُهُمْ لِلدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ وَأَنْ لَمْ يَتَرَيَّثُوا فِي ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِعُهَا تَذْيِيلًا لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ الْآيَةَ بَعْدَ أَنِ اعْتُرِضَ بَيْنَ تِلْكَ الْجُمْلَةِ وَبَيْنَ هَاتِهِ بِجُمَلٍ أُخْرَى فَيَكُونُ الْمُرَادُ : أَنَّ الْفَرِيقَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ وَالْمُخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ هُمْ قَوْمٌ يَظُنُّونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْصُرُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ إِنْ بَقُوا عَلَى الْإِسْلَامِ . فَأَمَّا ظَنُّهُمُ انْتِفَاءَ النَّصْرِ فِي الدُّنْيَا فَلِأَنَّهُمْ قَدْ أَيِسُوا مِنَ النَّصْرِ اسْتِبْطَاءً . وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ وَمِنْ أَجْلِ هَذَا عُلِّقَ فِعْلُ ( لَنْ يَنْصُرَهُ ) بِالْمَجْرُورِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِيمَاءً إِلَى كَوْنِهِ مُتَعَلِّقَ الْخُسْرَانِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ . فَإِنَّ عَدَمَ النَّصْرِ خُسْرَانٌ فِي الدُّنْيَا بِحُصُولِ ضِدِّهِ ، وَفِي الْآخِرَةِ بِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ حَسَبَ اعْتِقَادِ كُفْرِهِمْ . وَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ مُتَرَدِّدُونَ . وَيَتَرَجَّحُ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِتَغْيِيرِ أُسْلُوبِ الْكَلَامِ ، فَلَمْ يُعْطَفْ بِالْوَاوِ كَمَا عُطِفَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَلَمْ تُورَدْ فِيهِ جُمْلَةُ ( وَمِنَ النَّاسِ ) كَمَا أُورِدَتْ فِي ذِكْرِ الْفَرِيقَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةَ تَهْدِيدُ هَذَا الْفَرِيقِ . فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ عَنْ هَذَا الْفَرِيقِ بِقَوْلِهِ ( مَنْ كَانَ يَظُنُّ ) إِلَخْ إِظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ ، فَإِنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُؤْتَى بِضَمِيرِ ذَلِكَ الْفَرِيقِ فَيُقَالُ بَعْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=14إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [ ص: 219 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ إِلَخْ عَائِدًا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي قَوْلِهِ ( فَلْيَمْدُدْ ) عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ . وَالْعُدُولُ عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى الْإِظْهَارِ لِوَجْهَيْنِ . أَحَدُهُمَا : بَعْدَ مُعَادِ الضَّمِيرِ . وَثَانِيهِمَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ عِبَادَتَهُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ نَاشِئَةٌ عَنْ ظَنِّهِ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنْ صَمَّمَ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ فِي اتِّبَاعِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاثِقٍ بِوَعْدِ النَّصْرِ لِلْمُسْلِمِينَ . وَضَمِيرُ النَّصْبِ فِي ( يَنْصُرَهُ ) عَائِدٌ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ . وَاسْمُ ( السَّمَاءِ ) مُرَادٌ بِهِ الْمَعْنَى الْمَشْهُورُ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ أَيْضًا أَخْذًا بِمَا رَوَاهُ
الْقُرْطُبِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنِ زَيْدٍ ( يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ) أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ : هِيَ السَّمَاءُ الْمَعْرُوفَةُ ، يَعْنِي الْمُظِلَّةَ . فَالْمَعْنَى : فَلْيَنُطْ حَبْلًا بِالسَّمَاءِ مَرْبُوطًا بِهِ ثُمَّ يَقْطَعْهُ فَيَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ فَيَتَمَزَّقُ كُلَّ مُمَزَّقٍ فَلَا يُغْنِي عَنْهُ فِعْلُهُ شَيْئًا مِنْ إِزَالَةِ غَيْظِهِ . وَمَفْعُولُ ( يَقْطَعْ ) مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ عَلَيْهِ . وَالتَّقْدِيرُ : ثُمَّ لْيَقْطَعْهُ ، أَيْ لِيَقْطَعِ السَّبَبَ . وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ لِلتَّعْجِيزِ ، فَيُعْلَمُ أَنَّ تَعْلِيقَ الْجَوَابِ عَلَى حُصُولِ شَرْطٍ لَا يَقَعُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=33يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا . وَأَمَّا اسْتِخْرَاجُ مَعْنَى الْآيَةِ مِنْ نَظْمِهَا فَإِنَّهَا نُسِجَتْ عَلَى إِيجَازٍ بَدِيعٍ . شَبَّهَتْ حَالَةَ اسْتِبْطَانِ هَذَا الْفَرِيقِ الْكُفْرَ وَإِظْهَارِهِمُ الْإِسْلَامَ عَلَى حَنَقٍ ، أَوْ حَالَةَ تَرَدُّدِهِمْ بَيْنَ الْبَقَاءِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْكُفَّارِ بِحَالَةِ الْمُغْتَاظِ مِمَّا صَنَعَ فَقِيلَ لَهُمْ : عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا
[ ص: 220 ] مَا يَفْعَلُهُ أَمْثَالُكُمْ مِمَّنْ مَلَأَهُمُ الْغَيْظُ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ سُبُلُ الِانْفِرَاجِ ، فَامْدُدُوا حَبْلًا بِأَقْصَى مَا يُمَدُّ إِلَيْهِ حَبْلٌ ، وَتَعَلَّقُوا بِهِ فِي أَعْلَى مَكَانٍ ثُمَّ اقْطَعُوهُ تَخِرُّوا إِلَى الْأَرْضِ . وَذَلِكَ تَهَكُّمٌ بِهِمْ فِي أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ غِنًى فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِهِمْ ، وَإِنْذَارٌ بِاسْتِمْرَارِ فِتْنَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا مَعَ الْخُسْرَانِ فِي الْآخِرَةِ .
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ مُشِيرَةً إِلَى فَرِيقٍ آخَرَ أَسْلَمُوا فِي مُدَّةِ ضَعْفِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَبْطَأُوا النَّصْرَ فَضَاقَتْ صُدُورُهُمْ فَخَطَرَتْ لَهُمْ خَوَاطِرُ شَيْطَانِيَّةٌ أَنْ يَتْرُكُوا الْإِسْلَامَ وَيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْرِ فَزَجَرَهُمُ اللَّهُ وَهَدَّدَهُمْ بِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا آيِسِينَ مِنَ النَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَمُرْتَابِينَ فِي نَيْلِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ ارْتِدَادَهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ لَا يَضُرُّ اللَّهَ وَلَا رَسُولَهُ وَلَا يَكِيدُ الدِّينَ وَإِنْ شَاءُوا فَلْيَخْتَنِقُوا فَيَنْظُرُوا هَلْ يُزِيلُ الِاخْتِنَاقُ غَيْظَهُمْ . وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ . فَمَوْقِعُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَوْقِعُ الِاسْتِئْنَافِ الِابْتِدَائِيِّ لِذِكْرِ فَرِيقٍ آخَرَ يُشْبِهُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ . وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ . وَيَجِيءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَائِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَهُ
الْفَرَّاءُ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ . وَيَسْتَتْبِعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ الْوُجُوهِ تَعْرِيضٌ بِالتَّنْبِيهِ لِخُلَّصِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يَيْأَسُوا مِنْ نَصْرِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَوْ فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ . قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ الْآيَةَ .
[ ص: 221 ] وَالسَّبَبُ : الْحَبْلُ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْقَطْعُ : قِيلَ يُطْلَقُ عَلَى الِاخْتِنَاقِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْأَنْفَاسَ .
وَ ( مَا ) مَصْدَرِيَّةٌ ، أَيْ غَيْظَهُ . وَالِاسْتِفْهَامُ بِـ ( هَلْ ) إِنْكَارِيٌّ . وَهُوَ مُعَلِّقٌ فِعْلَ ( فَلْيَنْظُرْ ) عَنِ الْعَمَلِ . وَالنَّظَرُ قَلْبِيٌّ . وَسُمِّيَ الْفِعْلُ كَيْدًا لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْكَيْدَ فِي أَنَّهُ فَعَلَهُ لِأَنْ يَكِيدَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ التَّهَكُّمِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكِيدُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَضُرُّ بِهِ نَفْسَهُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " ثُمَّ لْيَقْطَعْ " بِسُكُونِ لَامِ " لِيَقْطَعْ " وَهُوَ لَامُ الْأَمْرِ . فَإِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْكَلِمَةِ كَانَ مَكْسُورًا ، وَإِذَا وَقَعَ بَعْدَ عَاطِفٍ غَيْرِ ( ثُمَّ ) كَانَ سَاكِنًا مِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ . فَإِذَا وَقَعَ بَعْدَ ( ثُمَّ ) جَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ ، وَأَبُو عَمْرٍو nindex.php?page=showalam&ids=17274وَوَرْشٌ عَنْ
نَافِعٍ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ وَرُوَيْسٌ عَنْ
يَعْقُوبَ بِكَسْرِ اللَّامِ .