بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا .
( بل ) للإضراب ، فيجوز أن يكون إضراب انتقال من ذكر ضلالهم في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذكر ضلالهم في إنكار البعث على تأويل الجمهور قوله ( إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ) كما تقدم .
ويجوز أن يكون إضراب إبطال لما تضمنه قوله : ( إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ) [ ص: 332 ] على تأويل ابن عطية من الوعد بإيتائه ذلك في الآخرة ، أي بل هم لا يقنعون بأن حظ الرسول عند ربه ليس في متاع الدنيا الفاني الحقير ولكنه في خيرات الآخرة الخالدة غير المتناهية ، أي أن هذا رد عليهم ومقنع لهم لو كانوا يصدقون بالساعة ، ولكنهم كذبوا بها فهم متمادون على ضلالهم لا تقنعهم الحجج .
والساعة : اسم غلب على عالم الخلود ، تسمية باسم مبدئه وهو ساعة البعث . وإنما قصر تكذيبهم على الساعة ؛ لأنهم كذبوا بالبعث فهم بما وراءه أحرى تكذيبا .
وجملة ( وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) معترضة بالوعيد لهم ، وهو لعمومه يشمل المشركين المتحدث عنهم ، فهو تذييل . ومن غرضه مقابلة ما أعد الله للمؤمنين في العاقبة بما أعده للمشركين .
والسعير : الالتهاب ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، أي : مسعور ، أي : زيد فيها الوقود ، وهو معامل معاملة المذكر ؛ لأنه من أحوال اللهب ، وتقدم في قوله تعالى : ( كلما خبت زدناهم سعيرا ) في سورة الإسراء . وقد يطلق علما بالغلبة على جهنم وذلك على حذف مضاف ، أي : ذات سعير .