nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28996ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا
عطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17ويوم نحشرهم ) إما على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=15قل أذلك خير ) إن كان المراد : قل للمشركين ، أو عطف على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=11وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) على جواز أن المراد : قل للمؤمنين .
وعلى كلا الوجهين فانتصاب ( يوم نحشرهم ) ) على المفعولية لفعل محذوف
[ ص: 337 ] معلوم في سياق أمثاله ، تقديره : اذكر ذلك اليوم ؛ لأنه لما توعدهم بالسعير وما يلاقون من هولها بين لهم حال ما قبل ذلك وهو حالهم في الحشر مع أصنامهم . وهذا مظهر من مظاهر الهول لهم في المحشر إذ يشاهدون خيبة آمالهم في آلهتهم ؛ إذ يرون حقارتها بين يدي الله وتبرؤها من عبادها ، وشهادتها عليهم بكفرانهم نعمة الله وإعراضهم عن القرآن ، وإذ يسمعون تكذيب من عبدوهم من العقلاء من الملائكة
وعيسى عليهم السلام والجن ، ونسبوا إليهم أنهم أمروهم بالضلالات .
وعموم الموصول من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17وما يعبدون ) شامل لأصناف المعبودات التي عبدوها ولذلك أوثرت ( ما ) الموصولة ؛ لأنها تصدق على العقلاء وغيرهم . على أن التغليب هنا لغير العقلاء . والخطاب في (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أأنتم أضللتم ) للعقلاء بقرينة توجيه الخطاب .
فجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18قالوا سبحانك ) جواب عن سؤال الله إياهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ) ، فهو استئناف ابتدائي ولا يتعلق به ( يوم نحشرهم ) ) .
وقرأ الجمهور ( نحشرهم ) بالنون و ( يقول ) بالياء ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة . وقرأه
ابن كثير ،
وأبو جعفر ،
ويعقوب ( يحشرهم - ويقول ) كليهما بالياء . وقرأ
ابن عامر ( نحشرهم - ونقول ) كليهما بالنون .
والاستفهام تقريري للاستنطاق والاستشهاد . والمعنى : أأنتم أضللتموهم أم ضلوا من تلقاء أنفسهم دون تضليل منكم ؟ ففي الكلام حذف دل عليه المذكور .
وأخبر بفعل ( أضللتم ) عن ضمير المخاطبين المنفصل وبفعل ( ضلوا ) عن ضمير الغائبين المنفصل ليفيد تقديم المسند إليهما على الخبرين الفعليين تقوي الحكم المقرر به لإشعارهم بأنهم لا مناص لهم من الإقرار بأحد الأمرين وأن أحدهم محقق الوقوع لا محالة . فالمقصود بالتقوية هو معادل همزة الاستفهام وهو (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أم هم ضلوا السبيل ) .
[ ص: 338 ] والمجيبون هم العقلاء من المعبودين : الملائكة
وعيسى عليهم السلام .
وقولهم ( سبحانك ) كلمة تنزيه كني بها عن التعجب من قول فظيع ، كقول
الأعشى :
قد قلت لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر
وتقدم في سورة النور (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16سبحانك هذا بهتان عظيم ) . واعلم أن ظاهر ضمير ( نحشرهم ) أن يعود على المشركين الذين قرعتهم الآية بالوعيد وهم الذين قالوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مال هذا الرسول يأكل الطعام ) إلى قوله : ( مسحورا ) ؛ لكن ما يقتضيه وصفهم بـ ( الظالمون ) والإخبار عنهم بأنهم كذبوا بالساعة وما يقتضيه ظاهر الموصول في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=11لمن كذب بالساعة ) من شمول كل من تحقق فيه مضمون الصلة ، كل ذلك يقتضي أن يكون ضمير ( نحشرهم ) عائدا إلى ( من كذب بالساعة ) فيشمل المشركين الموجودين في وقت نزول الآية ومن انقرض منهم بعد بلوغ الدعوة المحمدية ومن سيأتي بعدهم من المشركين .
ووصف العباد هنا تسجيل على المشركين بالعبودية وتعريض بكفرانهم حقها .
والإشارة إليهم لتمييزهم من بين بقية العباد .
وهذا أصل في
nindex.php?page=treesubj&link=15997_16025أداء الشهادة على عين المشهود عليه لدى القاضي .
وإسناد القول إلى ما يعبدون من دون الله يقتضي أن الله يجعل في الأصنام نطقا يسمعه عبدتها ، أما غير الأصنام ممن عبد من العقلاء فالقول فيهم ظاهر .
وإعادة فعل ( ضلوا ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أم هم ضلوا السبيل ) ليجري على ضميرهم مسند فعلي فيفيد التقوي في نسبة الضلال إليهم . والمعنى : أم هم ضلوا من تلقاء أنفسهم دون تضليل منكم . وحق الفعل أن يعدى بـ ( عن ) ولكنه عدي بنفسه لتضمنه معنى ( أخطئوا ) ، أو على نزع الخافض .
و ( سبحانك ) تعظيم لله تعالى في مقام الاعتراف بأنهم ينزهون الله عن أن يدعوا لأنفسهم مشاركته في الإلهية .
[ ص: 339 ] ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18ما كان ينبغي لنا ) ما يطاوعنا طلب أن نتخذ عبدة ؛ لأن ( انبغى ) مطاوع ( بغاه ) إذا طلبه . فالمعنى : لا يمكن لنا اتخاذنا أولياء ، أي عبادا ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ) . وقد تقدم في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) في سورة مريم . وهو هنا كناية عن انتفاء طلبهم هذا الاتخاذ انتفاء شديدا ، أي نتبرأ من ذلك ؛ لأن نفي ( كان ) وجعل المطلوب نفيه خبرا عن ( كان ) أقوى في النفي ولذلك يسمى جحودا . والخبر مستعمل في لازم فائدته ، أي نعلم أنه لا ينبغي لنا فكيف نحاوله .
و ( من ) في قوله ( من دونك ) للابتداء ؛ لأن أصل ( دون ) أنه اسم للمكان ، ويقدر مضاف محذوف يضاف إليه ( دون ) نحو : جلست دون ، أي دون مكانه ، فموقع ( من ) هنا موقع الحال من ( أولياء ) . وأصلها صفة لـ ( أولياء ) فلما قدمت الصفة على الموصوف صارت حالا . والمعنى : لا نتخذ أولياء لنا موصوفين بأنهم من جانب دون جانبك ، أي أنهم لا يعترفون لك بالوحدانية في الإلهية فهم يشركون معك في الإلهية .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : أن ( من ) هنا زائدة . وأجاز زيادة ( من ) في المفعول .
و ( من ) في قوله ( من أولياء ) مزيدة لتأكيد عموم النفي ، أي استغراقه ؛ لأنه نكرة في سياق النفي .
والأولياء : جمع الولي بمعنى التابع في الولاء فإن الولي يرادف المولى فيصدق على كلا طرفي الولاء ، أي على السيد والعبد ، أو الناصر والمنصور . والمراد هنا : الولي التابع كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45فتكون للشيطان وليا ) في سورة مريم ، أي لا نطلب من الناس أن يكونوا عابدين لنا .
وقرأ الجمهور ( نتخذ ) بالبناء للفاعل . وقرأه
أبو جعفر ( نتخذ ) بضم النون وفتح الخاء على البناء للمفعول ، أي أن يتخذنا الناس أولياء لهم من دونك . فموقع ( من دونك ) موقع الحال من ضمير ( نتخذ ) . والمعنى عليه : أنهم يتبرءون من أن يدعوا الناس لعبادتهم ، وهذا تسفيه للذين عبدوهم
[ ص: 340 ] ونسبوا إليهم موالاتهم . والمعنى : لا نتخذ من يوالينا دونك ، أي من يعبدنا دونك .
والاستدراك الذي أفاده ( لكن ) ناشئ عن التبرؤ من أن يكونوا هم المضلين لهم بتعقيبه ببيان سبب ضلالهم ؛ لئلا يتوهم أن تبرئة أنفسهم من إضلالهم يرفع تبعة الضلال عن الضالين . والمقصود بالاستدراك ما بعد ( حتى ) وهو (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18نسوا الذكر ) ، وأما ما قبلها فقد أدمج بين حرف الاستدراك ومدخوله ما يسجل عليهم فظاعة ضلالهم بأنهم قابلوا رحمة الله ونعمته عليهم وعلى آبائهم بالكفران ، فالخبر عن الله بأنه متع الضالين وآباءهم مستعمل في الثناء على الله بسعة الرحمة ، وفي الإنكار على المشركين مقابلة النعمة بالكفران غضبا عليهم .
وجعل نسيانهم الذكر غاية للتمتيع للإيماء إلى أن ذلك التمتيع أفضى إلى الكفران لخبث نفوسهم فهو كجود في أرض سبخة ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=82وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) .
والتعرض إلى تمتيع آبائهم هنا مع أن نسيان الذكر إنما حصل من المشركين الذين بلغتهم الدعوة المحمدية ونسوا الذكر ، أي : القرآن ، هو زيادة تعظيم نعمة التمتيع عليهم بأنها نعمة متأثلة تليدة ، مع الإشارة إلى أن كفران النعمة قد انجر لهم من آبائهم الذين سنوا لهم عبادة الأصنام . ففيه تعريض بشناعة الإشراك ولو قبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم .
وبهذا يظهر أن ضمير ( نسوا ) وضمير ( كانوا ) عائدان إلى الظالمين المكذبين بالإسلام دون آبائهم ؛ لأن الآباء لم يسمعوا الذكر .
والنسيان مستعمل في الإعراض عن عمد على وجه الاستعارة ؛ لأنه إعراض يشبه النسيان في كونه عن غير تأمل ولا بصيرة . وتقدم في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41وتنسون ما تشركون ) في سورة الأنعام .
nindex.php?page=treesubj&link=28867والذكر : القرآن ؛ لأنه يتذكر به الحق ، وقد تقدم في قوله تعالى :
[ ص: 341 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=6وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) في سورة الحجر .
والبور : جمع بائر كالعوذ جمع عائذ ، والبائر : هو الذي أصابه البوار ، أي الهلاك . وتقدم في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=28وأحلوا قومهم دار البوار ) أي الموت . وقد استعير البور لشدة سوء الحالة بناء على العرف الذي يعد الهلاك آخر ما يبلغ إليه الحي من سوء الحال كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42يهلكون أنفسهم ) ، أي سوء حالهم في نفس الأمر وهم عنه غافلون . وقيل : البوار الفساد في لغة الأزد ، وأنه وما اشتق منه مما جاء في القرآن بغير لغة مضر .
واجتلاب فعل ( كان ) وبناء ( بورا ) على ( قوما ) دون أن يقال : حتى نسوا الذكر وباروا للدلالة على تمكن البوار منهم بما تقتضيه ( كان ) من تمكن معنى الخبر ، وما يقتضيه ( قوما ) من كون البوار من مقومات قوميتهم كما تقدم عند قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164لآيات لقوم يعقلون ) في سورة البقرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28996وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا
عُطِفَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ) إِمَّا عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=15قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ ) إِنْ كَانَ الْمُرَادُ : قُلْ لِلْمُشْرِكِينَ ، أَوْ عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=11وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ) عَلَى جَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ .
وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ فَانْتِصَابُ ( يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ) ) عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ
[ ص: 337 ] مَعْلُومٍ فِي سِيَاقِ أَمْثَالِهِ ، تَقْدِيرُهُ : اذْكُرْ ذَلِكَ الْيَوْمَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَوَعَّدَهُمْ بِالسَّعِيرِ وَمَا يُلَاقُونَ مِنْ هَوْلِهَا بَيَّنَ لَهُمْ حَالَ مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ حَالُهُمْ فِي الْحَشْرِ مَعَ أَصْنَامِهِمْ . وَهَذَا مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الْهَوْلِ لَهُمْ فِي الْمَحْشَرِ إِذْ يُشَاهِدُونَ خَيْبَةَ آمَالِهِمْ فِي آلِهَتِهِمْ ؛ إِذْ يَرَوْنَ حَقَارَتَهَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَتَبَرُّؤَهَا مِنْ عُبَّادِهَا ، وَشَهَادَتَهَا عَلَيْهِمْ بِكُفْرَانِهِمْ نِعْمَةَ اللَّهِ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْقُرْآنِ ، وَإِذْ يَسْمَعُونَ تَكْذِيبَ مَنْ عَبَدُوهُمْ مِنَ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَالْجِنِّ ، وَنَسَبُوا إِلَيْهِمْ أَنَّهُمْ أَمَرُوهُمْ بِالضَّلَالَاتِ .
وَعُمُومُ الْمَوْصُولِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17وَمَا يَعْبُدُونَ ) شَامِلٌ لِأَصْنَافِ الْمَعْبُودَاتِ الَّتِي عَبَدُوهَا وَلِذَلِكَ أُوثِرَتْ ( مَا ) الْمَوْصُولَةُ ؛ لِأَنَّهَا تَصْدُقُ عَلَى الْعُقَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ . عَلَى أَنَّ التَّغْلِيبَ هُنَا لِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ . وَالْخِطَابُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ ) لِلْعُقَلَاءِ بِقَرِينَةِ تَوْجِيهِ الْخِطَابِ .
فَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18قَالُوا سُبْحَانَكَ ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ) ، فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ) ) .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( نَحْشُرُهُمْ ) بِالنُّونِ وَ ( يَقُولُ ) بِالْيَاءِ فَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنَ التَّكَلُّمِ إِلَى الْغَيْبَةِ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَيَعْقُوبُ ( يَحْشُرُهُمْ - وَيَقُولُ ) كِلَيْهِمَا بِالْيَاءِ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ ( نَحْشُرُهُمْ - وَنَقُولُ ) كِلَيْهِمَا بِالنُّونِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيرِيٌّ لِلِاسْتِنْطَاقِ وَالِاسْتِشْهَادِ . وَالْمَعْنَى : أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمُوهُمْ أَمْ ضَلُّوا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ دُونَ تَضْلِيلٍ مِنْكُمْ ؟ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ .
وَأَخْبَرَ بِفِعْلِ ( أَضْلَلْتُمْ ) عَنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ الْمُنْفَصِلِ وَبِفِعْلِ ( ضَلُّوا ) عَنْ ضَمِيرِ الْغَائِبِينَ الْمُنْفَصِلِ لِيُفِيدَ تَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِمَا عَلَى الْخَبَرَيْنِ الْفِعْلِيَّيْنِ تَقَوِّي الْحُكْمِ الْمُقَرَّرِ بِهِ لِإِشْعَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا مَنَاصَ لَهُمْ مِنَ الْإِقْرَارِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّ أَحَدَهُمْ مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ لَا مَحَالَةَ . فَالْمَقْصُودُ بِالتَّقْوِيَةِ هُوَ مُعَادِلُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ) .
[ ص: 338 ] وَالْمُجِيبُونَ هُمُ الْعُقَلَاءُ مِنَ الْمَعْبُودِينَ : الْمَلَائِكَةِ
وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ .
وَقَوْلُهُمْ ( سُبْحَانَكَ ) كَلِمَةُ تَنْزِيهٍ كُنِّيَ بِهَا عَنِ التَّعَجُّبِ مِنْ قَوْلٍ فَظِيعٍ ، كَقَوْلِ
الْأَعْشَى :
قَدْ قُلْتُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِرِ
وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النُّورِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) . وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ ضَمِيرِ ( نَحْشُرُهُمْ ) أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَرَّعَتْهُمُ الْآيَةُ بِالْوَعِيدِ وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( مَسْحُورًا ) ؛ لَكِنْ مَا يَقْتَضِيهِ وَصْفُهُمْ بِـ ( الظَّالِمُونَ ) وَالْإِخْبَارُ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=11لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ ) مِنْ شُمُولِ كُلِّ مَنْ تَحَقَّقَ فِيهِ مَضْمُونُ الصِّلَةِ ، كُلُّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ ( نَحْشُرُهُمْ ) عَائِدًا إِلَى ( مَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ ) فَيَشْمَلُ الْمُشْرِكِينَ الْمَوْجُودِينَ فِي وَقْتِ نُزُولِ الْآيَةِ وَمَنِ انْقَرَضَ مِنْهُمْ بَعْدَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَمَنْ سَيَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
وَوَصْفُ الْعِبَادِ هُنَا تَسْجِيلٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْعُبُودِيَّةِ وَتَعْرِيضٌ بِكُفْرَانِهِمْ حَقَّهَا .
وَالْإِشَارَةُ إِلَيْهِمْ لِتَمْيِيزِهِمْ مِنْ بَيْنِ بَقِيَّةِ الْعِبَادِ .
وَهَذَا أَصْلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=15997_16025أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَدَى الْقَاضِي .
وَإِسْنَادُ الْقَوْلِ إِلَى مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ فِي الْأَصْنَامِ نُطْقًا يَسْمَعُهُ عَبَدَتُهَا ، أَمَّا غَيْرُ الْأَصْنَامِ مِمَّنْ عُبِدَ مِنَ الْعُقَلَاءِ فَالْقَوْلُ فِيهِمْ ظَاهِرٌ .
وَإِعَادَةُ فِعْلِ ( ضَلُّوا ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ) لِيَجْرِيَ عَلَى ضَمِيرِهِمْ مُسْنَدٌ فِعْلِيٌّ فَيُفِيدُ التَّقَوِّيَ فِي نِسْبَةِ الضَّلَالِ إِلَيْهِمْ . وَالْمَعْنَى : أَمْ هُمْ ضَلُّوا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ دُونَ تَضْلِيلٍ مِنْكُمْ . وَحَقُّ الْفِعْلِ أَنْ يُعَدَّى بِـ ( عَنْ ) وَلَكِنَّهُ عُدِّيَ بِنَفْسِهِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى ( أَخْطَئُوا ) ، أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ .
و ( سُبْحَانَكَ ) تَعْظِيمٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِي مَقَامِ الِاعْتِرَافِ بِأَنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَنْ أَنْ يَدَّعُوا لِأَنْفُسِهِمْ مُشَارَكَتَهُ فِي الْإِلَهِيَّةِ .
[ ص: 339 ] وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا ) مَا يُطَاوِعُنَا طَلَبُ أَنْ نَتَّخِذَ عَبَدَةً ؛ لِأَنَّ ( انْبَغَى ) مُطَاوِعُ ( بَغَاهُ ) إِذَا طَلَبَهُ . فَالْمَعْنَى : لَا يُمْكِنُ لَنَا اتِّخَاذُنَا أَوْلِيَاءَ ، أَيْ عِبَادًا ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ) . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) فِي سُورَةِ مَرْيَمَ . وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ انْتِفَاءِ طَلَبِهِمْ هَذَا الِاتِّخَاذَ انْتِفَاءً شَدِيدًا ، أَيْ نَتَبَرَّأُ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ نَفْيَ ( كَانَ ) وَجَعْلَ الْمَطْلُوبِ نَفْيُهُ خَبَرًا عَنْ ( كَانَ ) أَقْوَى فِي النَّفْيِ وَلِذَلِكَ يُسَمَّى جُحُودًا . وَالْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِ فَائِدَتِهِ ، أَيْ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا فَكَيْفَ نُحَاوِلُهُ .
و ( مِنْ ) فِي قَوْلِهِ ( مِنْ دُونِكَ ) لِلِابْتِدَاءِ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ ( دُونَ ) أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ ، وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ يُضَافُ إِلَيْهِ ( دُونَ ) نَحْوُ : جَلَسْتُ دُونَ ، أَيْ دُونَ مَكَانِهِ ، فَمَوْقِعُ ( مِنْ ) هُنَا مَوْقِعُ الْحَالِ مِنْ ( أَوْلِيَاءَ ) . وَأَصْلُهَا صِفَةٌ لِـ ( أَوْلِيَاءَ ) فَلَمَّا قُدِّمَتِ الصِّفَةُ عَلَى الْمَوْصُوفِ صَارَتْ حَالًا . وَالْمَعْنَى : لَا نَتَّخِذُ أَوْلِيَاءَ لَنَا مَوْصُوفِينَ بِأَنَّهُمْ مِنْ جَانِبٍ دُونَ جَانِبِكَ ، أَيْ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَرِفُونَ لَكَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ فِي الْإِلَهِيَّةِ فَهُمْ يُشْرِكُونَ مَعَكَ فِي الْإِلَهِيَّةِ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنِ جِنِّيٍّ : أَنَّ ( مِنْ ) هُنَا زَائِدَةٌ . وَأَجَازَ زِيَادَةَ ( مِنْ ) فِي الْمَفْعُولِ .
و ( مِنْ ) فِي قَوْلِهِ ( مِنْ أَوْلِيَاءَ ) مَزِيدَةٌ لِتَأْكِيدِ عُمُومِ النَّفْيِ ، أَيِ اسْتِغْرَاقِهِ ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ .
وَالْأَوْلِيَاءُ : جَمْعُ الْوَلِيِّ بِمَعْنَى التَّابِعِ فِي الْوَلَاءِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُرَادِفُ الْمَوْلَى فَيَصْدُقُ عَلَى كِلَا طَرَفَيِ الْوَلَاءِ ، أَيْ عَلَى السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ ، أَوِ النَّاصِرِ وَالْمَنْصُورِ . وَالْمُرَادُ هُنَا : الْوَلِيُّ التَّابِعُ كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ) فِي سُورَةِ مَرْيَمَ ، أَيْ لَا نَطْلُبُ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَكُونُوا عَابِدِينَ لَنَا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( نَتَّخِذُ ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ . وَقَرَأَهُ
أَبُو جَعْفَرٍ ( نُتَّخَذَ ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْخَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ، أَيْ أَنْ يَتَّخِذَنَا النَّاسُ أَوْلِيَاءَ لَهُمْ مِنْ دُونِكَ . فَمَوْقِعُ ( مِنْ دُونِكَ ) مَوْقِعُ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ ( نُتَّخَذَ ) . وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ : أَنَّهُمْ يَتَبَرَّءُونَ مِنْ أَنْ يَدْعُوا النَّاسَ لِعِبَادَتِهِمْ ، وَهَذَا تَسْفِيهٌ لِلَّذِينَ عَبَدُوهُمْ
[ ص: 340 ] وَنَسَبُوا إِلَيْهِمْ مُوَالَاتَهُمْ . وَالْمَعْنَى : لَا نَتَّخِذُ مَنْ يُوَالِينَا دُونَكَ ، أَيْ مَنْ يَعْبُدُنَا دُونَكَ .
وَالِاسْتِدْرَاكُ الَّذِي أَفَادَهُ ( لَكِنْ ) نَاشِئٌ عَنِ التَّبَرُّؤِ مِنْ أَنْ يَكُونُوا هُمُ الْمُضِلِّينَ لَهُمْ بِتَعْقِيبِهِ بِبَيَانِ سَبَبِ ضَلَالِهِمْ ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ تَبْرِئَةَ أَنْفُسِهِمْ مِنْ إِضْلَالِهِمْ يَرْفَعُ تَبِعَةَ الضَّلَالِ عَنِ الضَّالِّينَ . وَالْمَقْصُودُ بِالِاسْتِدْرَاكِ مَا بَعْدَ ( حَتَّى ) وَهُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=18نَسُوا الذِّكْرَ ) ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهَا فَقَدْ أُدْمِجَ بَيْنَ حَرْفِ الِاسْتِدْرَاكِ وَمَدْخُولِهِ مَا يُسَجِّلُ عَلَيْهِمْ فَظَاعَةَ ضَلَالِهِمْ بِأَنَّهُمْ قَابَلُوا رَحْمَةَ اللَّهِ وَنِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى آبَائِهِمْ بِالْكُفْرَانِ ، فَالْخَبَرُ عَنِ اللَّهِ بِأَنَّهُ مَتَّعَ الضَّالِّينَ وَآبَاءَهُمْ مُسْتَعْمَلٌ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ بِسَعَةِ الرَّحْمَةِ ، وَفِي الْإِنْكَارِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مُقَابَلَةَ النِّعْمَةِ بِالْكُفْرَانِ غَضَبًا عَلَيْهِمْ .
وَجَعَلَ نِسْيَانَهُمُ الذِّكْرَ غَايَةً لِلتَّمْتِيعِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّمْتِيعَ أَفْضَى إِلَى الْكُفْرَانِ لِخُبْثِ نُفُوسِهِمْ فَهُوَ كَجَوْدٍ فِي أَرْضٍ سَبِخَةٍ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=82وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) .
وَالتَّعَرُّضُ إِلَى تَمْتِيعِ آبَائِهِمْ هُنَا مَعَ أَنَّ نِسْيَانَ الذِّكْرِ إِنَّمَا حَصَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ وَنَسُوا الذِّكْرَ ، أَيْ : الْقُرْآنَ ، هُوَ زِيَادَةُ تَعْظِيمِ نِعْمَةِ التَّمْتِيعِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهَا نِعْمَةٌ مُتَأَثِّلَةٌ تَلِيدَةٌ ، مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ كُفْرَانَ النِّعْمَةِ قَدِ انْجَرَّ لَهُمْ مِنْ آبَائِهِمُ الَّذِينَ سَنُّوا لَهُمْ عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ . فَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِشَنَاعَةِ الْإِشْرَاكِ وَلَوْ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ضَمِيرَ ( نَسُوا ) وَضَمِيرَ ( كَانُوا ) عَائِدَانِ إِلَى الظَّالِمِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْإِسْلَامِ دُونَ آبَائِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْآبَاءَ لَمْ يَسْمَعُوا الذِّكْرَ .
وَالنِّسْيَانُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ عَمْدٍ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ إِعْرَاضٌ يُشْبِهُ النِّسْيَانَ فِي كَوْنِهِ عَنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَلَا بَصِيرَةٍ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ) فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28867وَالذِّكْرُ : الْقُرْآنُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِهِ الْحَقَّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ ص: 341 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=6وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) فِي سُورَةِ الْحِجْرِ .
وَالْبُورُ : جَمْعُ بَائِرٍ كَالْعُوذِ جَمْعِ عَائِذٍ ، وَالْبَائِرُ : هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ الْبَوَارُ ، أَيِ الْهَلَاكُ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=28وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) أَيِ الْمَوْتِ . وَقَدِ اسْتُعِيرَ الْبَوْرُ لِشِدَّةِ سُوءِ الْحَالَةِ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ الَّذِي يَعُدُّ الْهَلَاكَ آخِرَ مَا يَبْلُغُ إِلَيْهِ الْحَيُّ مِنْ سُوءِ الْحَالِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ) ، أَيْ سُوءُ حَالِهِمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ . وَقِيلَ : الْبَوَارُ الْفَسَادُ فِي لُغَةِ الْأَزْدِ ، وَأَنَّهُ وَمَا اشْتُقَّ مِنْهُ مِمَّا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ لُغَةِ مُضَرَ .
وَاجْتِلَابُ فِعْلِ ( كَانَ ) وَبِنَاءُ ( بُورًا ) عَلَى ( قَوْمًا ) دُونَ أَنْ يُقَالَ : حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَبَارُوا لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِ الْبَوَارِ مِنْهُمْ بِمَا تَقْتَضِيهِ ( كَانَ ) مَنْ تَمَكُّنِ مَعْنَى الْخَبَرِ ، وَمَا يَقْتَضِيهِ ( قَوْمًا ) مِنْ كَوْنِ الْبَوَارِ مِنْ مُقَوِّمَاتِ قَوْمِيَّتِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .