(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28996وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا ) .
تذييل ، فضمير الخطاب في قوله : ( بعضكم ) يعم جميع الناس بقرينة السياق ، وكلا البعضين مبهم يبينه المقام . وحال الفتنة في كلا البعضين مختلف ، فبعضها فتنة في العقيدة ، وبعضها فتنة في الأمن ، وبعضها فتنة في الأبدان .
والإخبار عنه بـ ( فتنة ) مجازي ؛ لأنه سبب الفتنة ، وشمل أحد البعضين النبيء صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه ، والبعض الآخر المشركين ؛ فكان حال الرسول فتنة للمشركين ؛ إذ زعموا أن حاله مناف للرسالة فلم يؤمنوا به ، وكان حال المؤمنين في ضعفهم فتنة للمشركين ؛ إذ ترفعوا عن الإيمان الذي يسويهم بهم ، فقد كان
أبو جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأضرابهم يقولون : إن أسلمنا وقد أسلم قبلنا
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر وصهيب ،
وبلال ترفعوا علينا إدلالا بالسابقة . وهذا كقول صناديد
قوم نوح : لا نؤمن حتى تطرد الذين آمنوا بك ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ) .
وقال تعالى للنبيء صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ) .
[ ص: 345 ] والكلام تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم عن إعراض بعض قومه عن الإسلام ، ولذلك عقب بقوله : ( أتصبرون ) ، وهو استفهام مستعمل في الحث والأمر كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91فهل أنتم منتهون ) .
وموقع (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وكان ربك بصيرا ) موقع
nindex.php?page=treesubj&link=19572الحث على الصبر المأمور به ، أي هو عليم بالصابرين ، وإيذان بأن الله لا يضيع جزاء الرسول على ما يلاقيه من قومه وأنه ناصره عليهم .
وفي الإسناد إلى وصف الرب مضافا إلى ضمير النبيء إلماع إلى هذا الوعد فإن الرب لا يضيع أولياءه كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) أي النصر المحقق .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28996وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ) .
تَذْيِيلٌ ، فَضَمِيرُ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ : ( بَعْضَكُمْ ) يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ ، وَكِلَا الْبَعْضَيْنِ مُبْهَمٌ يُبَيِّنُهُ الْمَقَامُ . وَحَالُ الْفِتْنَةِ فِي كِلَا الْبَعْضَيْنِ مُخْتَلِفٌ ، فَبَعْضُهَا فِتْنَةٌ فِي الْعَقِيدَةِ ، وَبَعْضُهَا فِتْنَةٌ فِي الْأَمْنِ ، وَبَعْضُهَا فِتْنَةٌ فِي الْأَبْدَانِ .
وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ بِـ ( فِتْنَةً ) مَجَازِيٌّ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْفِتْنَةِ ، وَشَمِلَ أَحَدُ الْبَعْضَيْنِ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ الْمُشْرِكِينَ ؛ فَكَانَ حَالُ الرَّسُولِ فِتْنَةً لِلْمُشْرِكِينَ ؛ إِذْ زَعَمُوا أَنَّ حَالَهُ مُنَافٍ لِلرِّسَالَةِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ ، وَكَانَ حَالُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ضَعْفِهِمْ فِتْنَةً لِلْمُشْرِكِينَ ؛ إِذْ تَرَفَّعُوا عَنِ الْإِيمَانِ الَّذِي يُسَوِّيهِمْ بِهِمْ ، فَقَدْ كَانَ
أَبُو جَهْلٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ وَأَضْرَابُهُمْ يَقُولُونَ : إِنْ أَسْلَمْنَا وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَصُهَيْبٌ ،
وَبِلَالٌ تَرَفَّعُوا عَلَيْنَا إِدْلَالًا بِالسَّابِقَةِ . وَهَذَا كَقَوْلِ صَنَادِيدِ
قَوْمِ نُوحٍ : لَا نُؤْمِنُ حَتَّى تَطْرُدَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=30وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) .
وَقَالَ تَعَالَى لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) .
[ ص: 345 ] وَالْكَلَامُ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِعْرَاضِ بَعْضِ قَوْمِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ : ( أَتَصْبِرُونَ ) ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَثِّ وَالْأَمْرِ كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) .
وَمَوْقِعُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ) مَوْقِعُ
nindex.php?page=treesubj&link=19572الْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ ، أَيْ هُوَ عَلِيمٌ بِالصَّابِرِينَ ، وَإِيذَانٌ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ جَزَاءَ الرَّسُولِ عَلَى مَا يُلَاقِيهِ مِنْ قَوْمِهِ وَأَنَّهُ نَاصِرُهُ عَلَيْهِمْ .
وَفِي الْإِسْنَادِ إِلَى وَصْفِ الرَّبِّ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ النَّبِيءِ إِلْمَاعٌ إِلَى هَذَا الْوَعْدِ فَإِنَّ الرَّبَّ لَا يُضَيِّعُ أَوْلِيَاءَهُ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَك الْيَقِينُ ) أَيِ النَّصْرُ الْمُحَقَّقُ .