أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب ( أم ) منقطعة وهي للإضراب أيضا وهو إضراب انتقالي ، فإن ( أم ) مشعرة باستفهام بعدها هو للإنكار والتوبيخ إنكارا لقولهم أأنزل عليه الذكر من بيننا أي ليست خزائن فضل الله تعالى عندهم فيتصدوا لحرمان من يشاءون حرمانه من مواهب الخير ، فإن المواهب من الله يصيب بها من يشاء ، فهو يختار للنبوءة من [ ص: 216 ] يصطفيه وليس الاختيار لهم فيجعلوا من لم يقدموه عليهم في دينهم غير أهل لأن يختاره الله .
وتقديم الظرف للاهتمام لأنه مناط الإنكار وهو كقوله تعالى أهم يقسمون رحمة ربك .
والخزائن : جمع خزانة بكسر الخاء . وهي البيت الذي يخزن فيه المال أو الطعام ، ويطلق أيضا على صندوق من خشب أو حديد يخزن فيه المال .
والخزن : الحفظ والحرز . والرحمة : ما به رفق بالغير وإحسان إليه ، شبهت رحمة الله بالشيء النفيس المخزون الذي تطمح إليه النفوس في أنه لا يعطى إلا بمشيئة خازنه على طريقة الاستعارة المكنية . وإثبات الخزائن : تخييل مثل إثبات الأظفار للمنية ، والإضافة على معنى لام الاختصاص .
والعدول عن اسم الجلالة إلى وصف لأن له مزيد مناسبة للغرض الذي الكلام فيه إيماء إلى أن تشريفه إياه بالنبوءة من آثار صفة ربوبيته له ؛ لأن وصف الرب مؤذن بالعناية والإبلاغ إلى الكمال . وأجري على الرب صفة " العزيز " لإبطال تدخلهم في تصرفاته ، وصفة " الوهاب " لإبطال جعلهم الحرمان من الخير تابعا لرغباتهم دون موادة الله تعالى .
والعزيز : الذي لا يغلبه شيء ، والوهاب : الكثير المواهب فإن النبوءة رحمة عظيمة فلا يخول إعطاؤها إلا لشديد العزة وافر الموهبة .