قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه أمر بأن يعيد التصريح بأنه يعبد الله وحده تأكيدا لقوله قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين لأهميته ، وإن كان مفاد الجملتين واحدا لأنهما معا تفيدان أنه لا يعبد إلا الله تعالى باعتبار تقييد أعبد الله الأول بقيد مخلصا له الدين وباعتبار تقديم المفعول على " أعبد " الثاني فتأكد معنى التوحيد مرتين ليتقرر ثلاث مرات ، وتمهيدا لقوله فاعبدوا ما شئتم من دونه وهو المقصود .
والفاء في قوله " فاعبدوا " إلخ ؛ لتفريع الكلام الذي بعدها على الكلام قبلها فهو تفريع ذكري .
والأمر في قوله فاعبدوا ما شئتم من دونه مستعمل في معنى التخلية ، ويعبر عنه بالتسوية . والمقصود : التسوية في ذلك عند المتكلم ؛ فتكون التسوية كناية عن قلة الاكتراث بفعل المخاطب ، أي : أن ذلك لا يضرني كقوله في سورة الكهف فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر أي : اعبدوا أي شيء شئتم عبادته من دون الله . وجعلت الصلة هنا فعل المشيئة إيماء إلى أن رائدهم في تعيين معبوداتهم هو مجرد المشيئة والهوى بلا دليل .