nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29017_32408أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم
إضراب انتقال إلى نوع آخر من ضلال أقوالهم .
[ ص: 14 ] وسلك في الانتقال مسلك الإضراب دون أن يكون بالعطف بالواو ؛ لأن الإضراب يفيد أن الغرض الذي سينتقل إليه له مزيد اتصال بما قبله ، وأن المعنى : دع قولهم هذا سحر مبين ، واستمع لما هو أعجب وهو قولهم افتراه ، أي افترى نسبته إلى الله ولم يرد به السحر .
والاستفهام الذي يقدر بعد ( أم ) للإنكار على مقالتهم .
والنفي الذي يقتضيه الاستفهام الإنكاري يتسلط على سبب الإنكار ، أي كون القرآن مفترى وليس متسلطا على نسبة القول إليهم لأنه صادر منهم وإنما المنفي الافتراء المزعوم .
والضمير المنصوب في افتراه عائد إلى الحق في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=7قال الذين كفروا للحق ، أو إلى القرآن لعلمه من المقام ، أي افترى القرآن فزعم أنه وحي من عند الله .
وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بجواب مقالتهم بما يقلعها من جذرها ، فكان قوله - تعالى - " قل " جملة جارية مجرى جواب المقاولة لوقوعها في مقابلة حكاية قولهم . وقد تقدم ذلك في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها في أوائل سورة البقرة .
وجعل الافتراء مفروضا بحرف ( إن ) الذي شأنه أن يكون شرطه نادر الوقوع إشارة إلى أنه مفروض في مقام مشتمل على دلائل تقلع الشرط من أصله .
وانتصب " شيئا " على المفعولية لفعل " تملكون " ، أي شيئا يملك ، أي يستطاع ، والمراد : شيء من الدفع فلا تقدرون على أن تردوا عني شيئا يرد علي من الله . وتقدم معنى لا " أملك شيئا " عند قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم في سورة العقود .
والتقدير : إن افتريته عاقبني الله معاقبة لا تملكون ردها . فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8فلا تملكون لي من الله شيئا دليل على الجواب المقدر في الكلام بطريق الالتزام ، لأن معنى لا تملكون لي لا تقدرون على دفع ضر الله عني ، فاقتضى أن المعنى : إن افتريته عاقبني الله ولا تستطيعون دفع عقابه .
واعلم أن الشائع في استعمال لا أملك له شيئا ونحوه أن يسند فعل
[ ص: 15 ] الملك إلى الذي هو مظنة للدفع عن مدخول اللام المتعلقة بفعل الملك ، كقوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=188لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وما أملك لك من الله من شيء ، أو أن يسند إلى عام ، نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم ، فإسناد فعل الملك في هذه الآية إلى المخاطبين وهم أعداء النبيء - صلى الله عليه وسلم - وليسوا بمظنة أن يدفعوا عنه ، لأنهم نصبوا أنفسهم في منصب الحكم على النبيء - صلى الله عليه وسلم - فجزموا بأنه افترى القرآن فحالهم حال من يزعم أنه يستطيع أن يرد مراد الله - تعالى - على طريقة التهكم .
واعلم أن وجه الملازمة بين الشرط وجوابه في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا أن الله لا يقر أحدا على أن يبلغ إلى الناس شيئا عن الله لم يأمره بتبليغه ، وقد دل القرآن على هذا في قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=44ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين . ولعل حكمة ذلك أن التقول على الله يفضي إلى فساد عظيم يختل به نظام الخلق ، والله يغار على مخلوقاته وليس ذلك كغيره من المعاصي التي تجلبها المظالم والعبث في الأرض لأن ذلك إقدام على ما هو معلوم الفساد لا يخفى على الناس فهم يدفعونه بما يستطيعون من حول وقوة ، أو حيلة ومصانعة . وأما التقول على الله فيوقع الناس في حيرة بماذا يتلقونه فلذلك لا يقره الله ويزيله .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8هو أعلم بما تفيضون فيه بدل اشتمال من جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8فلا تملكون لي من الله شيئا لأن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8فلا تملكون لي تشتمل على معنى أن الله لا يرضى أن يفتري عليه أحد ، وذلك يقتضي أنه أعلم منهم بحال من يخبر عن الله بأنه أرسله وما يبلغه عن الله . وذلك هو ما يخوضون فيه من الطعن والقدح والوصف بالسحر أو بالافتراء أو بالجنون ، فماصدق ( ما ) الموصولة القرآن الذي دل عليه الضمير الظاهر في افتراه أو الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي دل عليه الضمير المستتر في افتراه ، أو مجموع أحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي دل عليها مختلف خوضهم . ومتعلق اسم التفضيل محذوف ، أي هو أعلم منكم . والإفاضة في الحديث : الخوض فيه والإكثار منه وهي منقولة من : فاض الماء ; إذا سال . ومنه حديث مستفيض مشتهر شائع ، والمعنى : هو أعلم بحال ما تفيضون فيه .
[ ص: 16 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8كفى به شهيدا بيني وبينكم بدل اشتمال من جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8هو أعلم بما تفيضون فيه لأن الإخبار بكونه أعلم منهم بكنه ما يفيضون فيه يشتمل على معنى تفويض الحكم بينه وبينهم إلى الله - تعالى - . وهذا تهديد لهم وتحذير من الخوض في الباطل ووعيد .
والشهيد : الشاهد ، أي المخبر بالواقع . والمراد به هنا الحاكم بما يعلمه من حالنا كما دل عليه قوله " بيني وبينكم " لأن الحكم يكون بين خصمين ولا تكون الشهادة بينهما بل لأحدهما قال - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وجئنا بك على هؤلاء شهيدا .
وإجراء وصفي " الغفور الرحيم " عليه - تعالى - اقتضاه ما تضمنه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8كفى به شهيدا بيني وبينكم من التهديد والوعيد ، وهو تعريض بطلب الإقلاع عما هم فيه من الخوض بالباطل .
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29017_32408أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهْوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
إِضْرَابُ انْتِقَالٍ إِلَى نَوْعٍ آخَرَ مِنْ ضَلَالِ أَقْوَالِهِمْ .
[ ص: 14 ] وَسَلَكَ فِي الِانْتِقَالِ مَسْلَكَ الْإِضْرَابِ دُونَ أَنْ يَكُونَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ ؛ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ يُفِيدُ أَنَّ الْغَرَضَ الَّذِي سَيَنْتَقِلُ إِلَيْهِ لَهُ مَزِيدُ اتِّصَالٍ بِمَا قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْمَعْنَى : دَعْ قَوْلَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ، وَاسْتَمِعْ لِمَا هُوَ أَعْجَبُ وَهُوَ قَوْلُهُمُ افْتَرَاهُ ، أَيِ افْتَرَى نِسْبَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ السِّحْرَ .
وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي يُقَدَّرُ بَعْدَ ( أَمْ ) لِلْإِنْكَارِ عَلَى مَقَالَتِهِمْ .
وَالنَّفْيُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ يَتَسَلَّطُ عَلَى سَبَبِ الْإِنْكَارِ ، أَيْ كَوْنُ الْقُرْآنِ مُفْتَرًى وَلَيْسَ مُتَسَلِّطًا عَلَى نِسْبَةِ الْقَوْلِ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُ صَادِرٌ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا الْمَنْفِيُّ الِافْتِرَاءُ الْمَزْعُومُ .
وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي افْتَرَاهُ عَائِدٌ إِلَى الْحَقِّ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=7قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ ، أَوْ إِلَى الْقُرْآنِ لِعِلْمِهِ مِنَ الْمَقَامِ ، أَيِ افْتَرَى الْقُرْآنَ فَزَعَمَ أَنَّهُ وَحْيٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ .
وَقَدْ أُمِرَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَوَابِ مَقَالَتِهِمْ بِمَا يَقْلَعُهَا مِنْ جَذْرِهَا ، فَكَانَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - " قُلْ " جُمْلَةً جَارِيَةً مَجْرَى جَوَابِ الْمُقَاوَلَةِ لِوُقُوعِهَا فِي مُقَابَلَةِ حِكَايَةِ قَوْلِهِمْ . وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا فِي أَوَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَجُعِلَ الِافْتِرَاءُ مَفْرُوضًا بِحَرْفِ ( إِنْ ) الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ شَرْطُهُ نَادِرَ الْوُقُوعِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي مَقَامٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى دَلَائِلَ تَقْلَعُ الشَّرْطَ مِنْ أَصْلِهِ .
وَانْتَصَبَ " شَيْئًا " عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِفِعْلِ " تَمْلِكُونَ " ، أَيْ شَيْئًا يُمْلَكُ ، أَيْ يُسْتَطَاعُ ، وَالْمُرَادُ : شَيْءٌ مِنَ الدَّفْعِ فَلَا تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تَرُدُّوا عَنِّي شَيْئًا يَرِدُ عَلَيَّ مِنَ اللَّهِ . وَتَقَدَّمَ مَعْنَى لَا " أَمْلِكُ شَيْئًا " عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ .
وَالتَّقْدِيرُ : إِنِ افْتَرَيْتُهُ عَاقَبَنِي اللَّهُ مُعَاقَبَةً لَا تَمْلِكُونَ رَدَّهَا . فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَابِ الْمُقَدَّرِ فِي الْكَلَامِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ ، لِأَنَّ مَعْنَى لَا تَمْلِكُونَ لِي لَا تَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِ ضُرِّ اللَّهِ عَنِّي ، فَاقْتَضَى أَنَّ الْمَعْنَى : إِنِ افْتَرَيْتُهُ عَاقَبَنِي اللَّهُ وَلَا تَسْتَطِيعُونَ دَفْعَ عِقَابِهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّائِعَ فِي اسْتِعْمَالِ لَا أَمْلِكُ لَهُ شَيْئًا وَنَحْوِهِ أَنْ يُسْنِدَ فِعْلُ
[ ص: 15 ] الْمِلْكِ إِلَى الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِلدَّفْعِ عَنْ مَدْخُولِ اللَّامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِفِعْلِ الْمِلْكِ ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=188لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ، أَوْ أَنْ يُسْنَدَ إِلَى عَامٍّ ، نَحْوُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِسْنَادُ فَعْلِ الْمِلْكِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى الْمُخَاطِبِينَ وَهُمْ أَعْدَاءُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسُوا بِمَظِنَّةِ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْهُ ، لِأَنَّهُمْ نَصَّبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي مَنْصِبِ الْحَكَمِ عَلَى النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَمُوا بِأَنَّهُ افْتَرَى الْقُرْآنَ فَحَالُهُمْ حَالُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّ مُرَادَ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ وَجْهَ الْمُلَازِمَةِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أَنَّ اللَّهَ لَا يُقِرُّ أَحَدًا عَلَى أَنْ يُبَلِّغَ إِلَى النَّاسِ شَيْئًا عَنِ اللَّهِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِتَبْلِيغِهِ ، وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى هَذَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=44وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ . وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنَّ التَّقَوُّلَ عَلَى اللَّهِ يُفْضِي إِلَى فَسَادٍ عَظِيمٍ يَخْتَلُّ بِهِ نِظَامُ الْخَلْقِ ، وَاللَّهُ يَغَارُ عَلَى مَخْلُوقَاتِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي تَجْلِبُهَا الْمَظَالِمُ وَالْعَبَثُ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ ذَلِكَ إِقْدَامٌ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومُ الْفَسَادِ لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَهُمْ يَدْفَعُونَهُ بِمَا يَسْتَطِيعُونَ مِنْ حَوْلٍ وَقُوَّةٍ ، أَوْ حِيلَةٍ وَمُصَانَعَةٍ . وَأَمَّا التَّقَوُّلُ عَلَى اللَّهِ فَيُوقِعُ النَّاسَ فِي حَيْرَةٍ بِمَاذَا يَتَلَقَّوْنَهُ فَلِذَلِكَ لَا يُقِرُّهُ اللَّهُ وَيُزِيلُهُ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا لِأَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8فَلَا تَمْلِكُونَ لِي تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى أَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُمْ بِحَالِ مَنْ يُخْبِرُ عَنِ اللَّهِ بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَمَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللَّهِ . وَذَلِكَ هُوَ مَا يَخُوضُونَ فِيهِ مِنَ الطَّعْنِ وَالْقَدْحِ وَالْوَصْفِ بِالسِّحْرِ أَوْ بِالِافْتِرَاءِ أَوْ بِالْجُنُونِ ، فَمَاصَدَقُ ( مَا ) الْمَوْصُولَةِ الْقُرْآنُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ الظَّاهِرُ فِي افْتَرَاهُ أَوِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي افْتَرَاهُ ، أَوْ مَجْمُوعُ أَحْوَالِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا مُخْتَلَفُ خَوْضِهِمْ . وَمُتَعَلِّقُ اسْمِ التَّفْضِيلِ مَحْذُوفٌ ، أَيْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكُمْ . وَالْإِفَاضَةُ فِي الْحَدِيثِ : الْخَوْضُ فِيهِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ وَهِيَ مَنْقُولَةٌ مِنْ : فَاضَ الْمَاءُ ; إِذَا سَالَ . وَمِنْهُ حَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ مُشْتَهِرٌ شَائِعٌ ، وَالْمَعْنَى : هُوَ أَعْلَمُ بِحَالِ مَا تُفِيضُونَ فِيهِ .
[ ص: 16 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِكَوْنِهِ أَعْلَمَ مِنْهُمْ بِكُنْهِ مَا يُفِيضُونَ فِيهِ يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى تَفْوِيضِ الْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - . وَهَذَا تَهْدِيدٌ لَهُمْ وَتَحْذِيرٌ مِنَ الْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ وَوَعِيدٌ .
وَالشَّهِيدُ : الشَّاهِدُ ، أَيِ الْمُخْبِرُ بِالْوَاقِعِ . وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَاكِمُ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ حَالِنَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ " لِأَنَّ الْحُكْمَ يَكُونُ بَيْنَ خَصْمَيْنِ وَلَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ بَيْنَهُمَا بَلْ لِأَحَدِهِمَا قَالَ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا .
وَإِجْرَاءُ وَصْفَيِ " الْغَفُورِ الرَّحِيمِ " عَلَيْهِ - تَعَالَى - اقْتَضَاهُ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=8كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِطَلَبِ الْإِقْلَاعِ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْضِ بِالْبَاطِلِ .